خبراء: هكذا سترد إيران على استهداف قنصليتها في دمشق

محمد الرخا - دبي - الأحد 7 أبريل 2024 05:23 مساءً - أحمد عبد

Advertisements

شكلت الفصائل المسلحة العراقية المنطقة الرمادية لطهران في حربها ضد الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، واستعملتها في الرد المحدود على واشنطن في مناسبات عديدة.

لكن تحييد واشنطن والحكومة العراقية لتلك الفصائل، وإعلانها وقف هجماتها، جعلت القيادات الإيرانية أمام مقصلة الشارع الذي يطالب حكومته والمرشد الأعلى علي خامنئي برد مباشر على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، فهل ستتمكن طهران من الرد والدخول في حرب مفتوحة؟

سلسلة "الاغتيالات"

لم يكن استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق الأول من نوعه خلال الأعوام الثلاثة الماضية، فقد نفذت إسرائيل ما يقارب 28 ضربة عام 2021، ومثلها عام 2022، و40 ضربة خلال عام 2023، وما يقارب من 27 ضربة للمصالح الإيرانية منذ مطلع العام الجاري.

استهدفت تلك الضربات عشرات المقرات الإيرانية في سوريا، وقيادات عسكرية تعمل بصفة "مستشارين"، كما تصفهم طهران مع كل استهداف.

إلا أن استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، في الأول من الشهر الجاري، يعد من أقسى الضربات التي تلقتها طهران بعد حادثة مطار بغداد في 3 يناير/ كانون الثاني عام 2020، التي أدت إلى مقتل قائد قوات فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قاسم سليماني.

وأدى استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية ِفي دمشق إلى مقتل قائدين عسكريين، أبرزهما الجنرال محمد رضا زاهدي، وخمسة مستشارين آخرين.

ويعد زاهدي من أهم أهداف إسرائيل كونه المسؤول الأول عن الارتباطات العسكرية بين طهران والجماعات الموالية لها في كل من سوريا ولبنان.

مسلحون من ميليشيا الحوثي في اليمن قبالة سفينة في البحر الأحمررويترز

حرب الوكالة

واعتمدت طهران خلال الأعوام الماضية بشكل رئيس على الفصائل والمجاميع المسلحة التابعة لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، للقيام بالحرب وكالة عنها تجاه الأهداف الأجنبية المتصارعة معها، لكن هذه المرة تفقد إيران تلك الأذرع بعد أن أعلنت تلك الفصائل عن وقف هجماتها بعد اغتيال واشنطن لقيادات كبيرة تعمل لصالح تلك الفصائل.

وأصبحت إيران مطالبة بالرد المباشر على الهجمات التي تتعرض لها سواء في الداخل أو الخارج.

يقول أستاذ السياسيات العامة في جامعة بغداد، الدكتور إحسان الشمري: "اعتمدت إيران بشكل كبير على إستراتيجية الحرب بالوكالة، لاحتواء أزمة تبادل الهجمات ما بين المحاور الثلاثة (إيران، أمريكا، إسرائيل)، لكنها اضطرت للرد مباشرة لأول مرة بعد مقتل سليماني، لكن حتى هذا الرد كان وفق مبدأ ضربة بضربة دون تصعيد".

وأضاف الشمري لـ"الخليج 365"، أنه في ظل تصاعد الضربات الإسرائيلية تجاه أهداف وقيادات إيرانية حساسة، فإن "إيران ستبحث عن إستراتيجية سياسة الردع، لكنها ستكون وفق قواعد اشتباك محددة، وعدم الإنجرار للحرب المفتوحة، فهي تدرك بأن المجتمع الدولي ليس بصالحها، وإمكانية تشكيل تحالف غربي دولي ضدها إذا دخلت بحرب شاملة قائمة".

وأوضح أن "طهران تدرك أنه إذا وجدت إسرائيل الرد الإيراني موجعًا، وذات أثر، فسيكون ردها بشكل أكبر، لذا فإن طهران ستعتمد إستراتيجية الرد الناعم المحدود".

وبعد الضربة الإسرائيلية للقنصلية الإيرانية في دمشق، هدد المرشد الأعلى علي خامنئي بالرد على العملية، وقال نصًا في رسالة تعزية نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية، إن "الكيان الخبيث سيعاقب على يد رجالنا الأشاوس، وهم سيندمون على ارتكاب هذه الجريمة وأمثالها".

وتوعد المتحدث باسم الحرس الثوري، رمضان شريف، إسرائيل بأنها ستشهد ضربات أكثر فتكًا من إيران، وأن ما اسماها بـ"جبهة المقاومة ستقوم بواجبها ضد الاحتلال الإسرائيلي قريبًا".

الخبير العسكري والعميد في الجيش العراقي السابق، علي عبد، يستبعد دخول إيران بحرب مباشرة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تدرك إيران أن "لا قبل لها اليوم في مواجهة قوى عظمى تمتلك الأسلحة المتطورة، ولن تتورط بحرب مباشرة كما حدث في الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي".

وأضاف عبد، في حديث لـ"الخليج 365"، أن "طهران تعتمد على سياسة النأي بالنفس عن الحرب المباشرة كإستراتيجية دفاعية، فهي لن تنجر اليوم إلى الحرب الشاملة وتدخل نفسها في دائرة التدمير الخارجي والداخلي".

أخبار ذات صلة

تأهب أمريكي إسرائيلي لرد إيراني محتمل

أعلى سقف للرد

وقال الخبير العسكري إن "طهران تدرك بأن ردها لن يستفز إسرائيل فحسب، بل إن أمريكا تنتظر تلك الفرصة للانقضاض عسكريًا على طهران، خصوصًا أن واشنطن عززت من منظوماتها الدفاعية بقواعدها في العراق والخليج العربي، وكأنها تستعد لحرب شاملة إن اضطرت إلى ذلك، لهذا، فإن رد طهران سيكون بسيطًا لمجرد إرضاء الشارع الإيراني فقط، وحفظ ماء الوجه أمام جماهيرها.

ويبدو أن القيادات الإيرانية في مأزق كبيرة أمام جماهيرها، فالداخل الإيراني يطالب برد يناسب حجم استهداف قنصلية بلادها في دمشق، في وقت "تخشى تلك القيادات من التصعيد والدخول في حرب مفتوحة"، بحسب المحلل السياسي هاشم الكناني.

ويقول الكناني، لـ"الخليج 365"، إن "إيران سترد، لكن الرد لن يكون كما يتوقعه بعض المقربين والموالين لطهران، حيث ستكتفي طهران بترتيب ضربة واحدة، وتقوم باستهداف إحدى المصالح الإسرائيلية، كأن تكون سفارة في دولة ما على الأرجح، وستعمل على تفعيل أدواتها لقطع الطريق على السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر أو مضيق هرمز".

ومازال الشارع العراقي يخشى من انعكاسات أي حرب ستنشب بين إيران من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، رغم إخلاء واشنطن مسؤوليتها عن حادثة قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، وذلك على لسان منسق الاتصالات الإستراتيجية في البيت الأبيض، جون كيربي.

وعلق كيربي على الحادث قائلًا في معرض رده على الصحفيين: "دعوني أكون واضحًا.. لا علاقة لنا بالهجوم على دمشق، ولم نشارك فيه".