"تاج" و"أغمض عينيك" يحرجان مسلسلات التاريخ والفانتازيا

محمد الرخا - دبي - السبت 6 أبريل 2024 10:10 صباحاً - غرّد مسلسلا "أغمض عينيك"، و"تاج"، خارج سرب الدراما العربية، الذي سَخرت معظمَ مسلسلاته هذا الموسم، فضاءاتُ التاريخ والفانتازيا والواقع الرثّ.

Advertisements

وظهر مؤمن الملا وسامر البرقاوي، وكأنهما يضغطان على المكابح بقوة في هذين العملين. لينعطفا بالجمهور نحو نصٍ ورؤية بصرية، لا تعمل تحت إمرة التريند، بل من أجل الحكاية ومآلاتها الإنسانية والأخلاقية.

بهذا المعنى، تقدم العملان على المسلسلات التي تبنت الإثارة والعنف والضجيج، فذهب الأول نحو قضية وطنية تصور سوريا في الأربعينيات، أما الثاني فعالج قصة فيها الكثير من المغامرة الإنتاجية، وهي اضطراب طيف التوحد.

أغمض عينيك.. وفكّر!

حمل عنوان "أغمض عينيك"، إسقاطات رمزية على المشهد الدرامي المليء بالجريمة والصراخ. كأنّ مؤمن الملا، بذكائه الفني والنقدي، عرف مسبقاً، طبيعة الموجة التي ستركبها دراما رمضان، فقرر التمرد.

في هذا العمل، يخرج الملا، من معطف "باب الحارة" نهائياً. ويغيّر اتجاه مركبه نحو ضفة أخرى، يساعده في التجديف، نص هادئ مشغول بغائيته قبل حصد مشاهدات الجمهور.

قصة الكاتبين أحمد الملا ولؤي النوري، ألقت الضوء على اضطراب طيف التوحد، المجهول للكثيرين، لتُسجل نقطة إضافية لصالح مؤمن، بعد تبنيه قضية قد لا تراها محطات التلفزة مثيرة بما يكفي، للتعاقد على شراء العمل وعرضه.

يقول مؤمن لـ"الخليج 365": "يجب ألا تتلاشى الرسالة النبيلة من الفن. ولا أنفي شعوري بالقلق حول مصير هذا المولود، أثناء العمل في "أغمض عينيك"، لكن الرهان على أهمية القضية الانسانية، دفعني لأكمل الطريق".

نجح "أغمض عينيك"، في حصد متابعات كثيرة، وظهر هذا واضحاً في عدد القراءات النقدية التي رافقته طيلة الموسم، وكان ذلك ترسيخاً لقاعدة تقول: إن العمل الفني هو من يصنع التريند، وليس العكس.

تاج.. عنوان قديم بحلة جديدة

لم يأت "تاج" من فراغ، فقد سبقه تعاون طويل بين سامر البرقاوي وتيم حسن. والمميز في "تاج"، ذهابه باتجاه عنوان مغامر يتعلق بمقاومة الاستعمار الفرنسي في سوريا الأربعينيات، وقد سبق تناوله في الدراما كثيراً.

نجح المخرج البرقاوي، والكاتب عمر أبوسعدة، في تناول عنوان قديم بطريقة جديدة عبر قصة الملاكم. وشكل قيام تيم حسن بدور البطولة، مع أبطال الخطوط الدرامية المرافقة، ضمانات أكثر لنجاح المسلسل.

وشكل وجود النجم بسام كوسا، عامل استقرار إضافي، خفف من نسبة المجازفة في تناول العنوان المألوف، ليصبح المسلسل على سكة مختلفة، ظهر فيها النجاح منذ الحلقات الأولى.

يقول الناقد وسيم الأسعد لـ:"الخليج 365": "يُسجل لـ"تاج"، نجاحه في إظهار دمشق الحقيقية، بعد أن شوهتها مسلسلات البيئة الشامية التقليدية خلال مواسم طويلة سابقة".

اعتنى البرقاوي كثيراً بالديكور، وصور المشاهد في عدة أبنية تاريخية بدمشق تعود للحقبة نفسها. كما تم بناء حيّ يحاكي أحياء الأربعينيات؛ وهو ما رفع نسبة الصدق في العمل، ليكون إحدى أدوات التغلب على القصة المطروقة سابقاً.

أحرج "تاج" و"أغمض عينيك"، مجموعة الأعمال المحابية لشروط التسويق. كما أثبتا صحة المبدأ القائل بأن أسلوب المعالجة هو المهم في الدراما. فالعناوين متاحة أمام الجميع، لكن قلائل، من يقبضون على مكامن الجمال فيها.