ملفات شائكة خلال زيارة أردوغان للعراق.. هل ينجح البلدان في مقايضة الأمن بالمياه؟

محمد الرخا - دبي - الجمعة 5 أبريل 2024 04:18 مساءً - يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بغداد، بعد أيام، حاملاً معه ملفات حيوية وشائكة في العلاقات بين البلدين.

Advertisements

ويأمل الرئيس التركي في العودة إلى أنقرة بموافقة بغداد على إطلاق يد القوات التركية شمال العراق. حسب محليين عراقيين، وفي المقابل، يملك العراق أوراق الاستثمار والأمن لطرحها على طاولة المفاوضات التي ستجري في قلب العاصمة العراقية، وتتخللها محاولات لحلحلة ملف المياه بشكل مستدام.

ويعد ملف حزب العمال الكردستاني (PKK) من أبرز الملفات العالقة ما بين أنقرة وبغداد، ففي الوقت الذي تسعى فيه بغداد لحلحلة الملف دون الدخول في مواجهة مسلحة مع (PKK)، استخدمت تركيا أوراق ضغط عديدة لإلزام العراق بالقبول بمخططها بالدخول إلى عمق الأراضي العراقية بحجة ملاحقة حزب العمال والقضاء عليه، أهمها اتباع سياسة "تعطيش العراق"، وفقا لمراقبين.

المستشار السياسي لبرلمان إقليم كردستان محمود خوشناو قال لـ"الخليج 365"، إن "الرؤى العراقية تختلف عن التركية، فكل بلد لديه أجندته التي يسعى لها".

وأوضح: "في الوقت الذي يسعى فيه العراق إلى المياه والاقتصاد، تنظر تركيا إلى العراق وفق منظور الأمن والملفات العسكرية، وهذا ما تم التحاور فيه على مدى عام كامل من خلال الوفود الدبلوماسية التي اجتمعت عبر عشرات اللقاءات لبحث كل تلك الملفات".

ويرى خوشناو أن "تركيا نجحت باستخدام ورقة المياه للضغط على الحكومة العراقية في ملفات عديدة، مستخدمة سياسة الإفقار المائي على مدى عشر سنوات مضت".

تركيا نجحت باستخدام ورقة المياه للضغط على الحكومة العراقية

محمود خوشناو، المستشار السياسي لبرلمان إقليم كردستان

وأكد أن أنقرة "تعي جيداً أن تعطيش العراق سيؤثر بشكل أكبر على مناطق وسط وجنوب العراق التي تنحدر منها الغالبية الحكومية، ما يشكل ورقة ضغط كبيرة عليها للقبول بالأجندة التركية".

وأشار إلى أن هذه الأجندة "تتمثل في إنشاء منطقة عازلة بعمق 40 كم داخل الأراضي العراقية على طول الحدود، والسماح للقوات التركية بملاحقة عناصر حزب العمال مهما توغلوا داخل البلاد".

ويعاني العراق من شح كبير في المياه بعد مضي أنقرة بمشروع (GAP) المتضمن إقامة 22 سداً و 19 محطة كهرومائية.

وكان سد "إليسو" العملاق واحداً من تلك المشاريع، وأطلق عام 2018، ما أثر بشكل كبير على كميات المياه المتدفقة من الأراضي التركية عبر نهري دجلة والفرات.

النائب في البرلمان العراقي، زينب الموسوي، بينت خلال حديثها لـ "الخليج 365" أن "العراق يعاني من جفاف كبير بات يهدد الحياة في كثير من مناطق البلاد، خصوصاً نضوب المياه من بحيرات كانت مصدرا أساسيا لرفد آلاف المواطنين بالمياه سواء للشرب أو الزراعة، ما أدى إلى هجرة الفلاحين من الريف إلى المدينة".

الموسوي طالبت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني باستثمار زيارة أردوغان للعراق واستخدام "أوراق الضغط الاقتصادية والتعاون الأمني مقابل عقد اتفاقية جديدة مع أنقرة تضمن التقاسم العادل للحصص المائية على المدى البعيد".

سياسة توسع

ويقول المحلل السياسي محمود الهاشمي، لـ "الخليج 365"، إن سياسة التوسع التركية في العراق التي انتهجتها تركيا هي جزء من مشروع كبير يسعى للسيطرة على أراض عراقية".

ويؤكد أن هذا التمدد "بدأ مع دخول القوات التركية وحملاتها العسكرية شمالي العراق، رغم أن حزب العمال الكردستاني لم يعد قادراً على شن أي عمليات عسكرية داخل تركيا واكتفى بالتقوقع في جبال معينة داخل العراق".

وأضاف الهاشمي أن "الهدف غير المعلن من تلك العمليات هو الوصول إلى كركوك ونينوى، لهذا نشاهد الأتراك الآن يتحدثون عن مدينة سنجار وإمكانية اقتحامها وهي تابعة لنينوى من جانبها الشمالي الغربي، فيما تقيم أكبر قاعدة لها في زليكان التابعة أيضاً لنينوى من جهتها الشمالية الشرقية، فهي تحاول تطويق المحافظة، كما في كركوك التي دائماً ما نسمع تصريحات تركية حول حفظ حقوق التركمان فيها".

وتشكل الأسواق العراقية منفذاً تجارياً مهماً لتركيا، إذ تفتح أبوابها أمام البضائع التركية بميزان تجاري عال، فضلاً عن عشرات الاستثمارات للمشاريع التي منحت للشركات التركية.

ويقول النائب المستقل، باسم الغريباوي، لـ "الخليج 365"، إن " حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا بلغ في العام 2022، على سبيل المثال، حوالي 16 مليار دولار، وهذا رقم كبير في مقاييس الاقتصاد".

ويؤكد أن هذه "ورقة مهمة بيد الحكومة العراقية للضغط على الجانب التركي في ملف المياه والحصة المائية التي تقض مضاجع العراقيين".

الميزان التجاري ورقة مهمة بيد الحكومة العراقية للضغط على الجانب التركي

باسم الغريباوي، نائب عراقي

وقد حددت السلطات التركية 22 من نيسان الجاري موعداً لزيارة أردوغان للعراق بعد آخر زيارة له إلى بغداد منذ 12 عاماً.

وتأتي هذه الزيارة مختلفة عن سابقاتها، ففي الأولى كان أردوغان رئيساً للوزراء، لكن هذه الزيارة ستكون الأولى لرئيس تركي إلى بغداد منذ زيارة الرئيس السابق تورغوت أوزال أواخر ثمانينيات القرن الفائت.

كما تأتي هذه الزيارة في وقت تسعى فيه تركيا للتمدد، وتطويق محافظتي كركوك ونينوى، التي أعلنت تركيا في مناسبات وتصريحات عديدة أنها تعدتهما امتداداً تاريخياً للأراضي التركية.

وسجل العراق خلال السنوات القليلة الماضية عشرات الخروقات العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية، منها إنشاء أكثر من 53 قاعدة عسكرية مع خروقات استخبارية ومخابراتية، وكان ذلك يترافق بإعلان تركي أنه يستهدف ملاحقة حزب العمال الكردستاني.