محمد الرخا - دبي - الخميس 4 أبريل 2024 05:35 مساءً - يدور مسلسل "نظرة حب" حتى الآن خارج دائرة التشويق، محولاً فلسفة الحب وفق نظرية "توأم الشعلة"، حيث يقابل كل إنسان توأم روحه مرة واحدة في العمر، لكن ربما في توقيت صعب، ومع جمال هذه الفكرة وإمكانية البناء عليها دراميًّا، إلا أن العمل بأحداثه الرتيبة وإمكانية توقعها، ألغى قوة أي فعل درامي أو تصعيد حقيقي، قد ينقذ تلك النظرة من أن تكون باهتة.
توأمة الحب بين شخصية بحر (باسل خياط) وقمر (كارمن بصيبص) جاءت متأخرة، واستحالة الحب بينهما ناجم عن الفوارق الطبقية، بين بحر الذي يعيش في حي شعبي اسمه "النفق" بعد أن ترك سوريا وحربها وخلف أختاً ميتة وزوجة وابناً هاربين، وبين حياة "قمر" المليئة بالرفاهية فهي ابنة أحد زعماء السياسة اللبنانين المرشح للانتخابات.
قصة تبدو من مفاصلها الأساسية مستهلكة، إضافة إلى البطء القاتل في تنمية الصراع، ولتحقيق نوع من التوازن يُصوِّر العمل بحر كزعيم لحارة النفق، في مقابل الزعامة السياسة لوالد حبيبته، ولا يزيد من توتُّر الحكاية وزخمها الحادث الذي يودي بقمر، ولا حتى المؤامرة التي تضع العاشق المتيم كمتهم وحيد.
مشهد من المسلسل اكس
حب مستحيل يعاني من المظلومية التي سببها بشكل رئيس خطيب قمر "نبيل" (ميشيل حوراني) الذي يدير الحملة الانتخابية لوالدها "جلال" (بيار داغر) الذي يساهم أيضاً في تلك المظلومية، في مقابل سذاجة "قمر" التي تكتفي بتلقي الأثر، من دون أن تحرك ساكناً، لدرجة تصديقها أنها بحاجة مَصح نفسي، وفق ما أقنعها خطيبها ووالدها لإبعادها عن الانتخابات، لكن تم ذلك بطريقة لا تنطلي على طفل.
وحتى الآن جميع الأحداث تتمحور حول شخصية بحر، لدرجة تشعر بأنه لو تم إلغاء الكثير من الشخصيات الأخرى فلن يتأثر العمل، وهذا خلل يضاف إلى النص، كما أن الألاعيب الانتخابية ومطمطتها زادت من النفور، وحتى الصراع بين جلال وكارمن (نهلة عقل داوود) على كرسي البرلمان، لم ينقذ الأمر، إذ بات هذا الموضوع غير جاذب، واستخدامه في الحكاية جاء فقط لتضخيم الجريمة، باعتبارها تمس سياسيًّا كبيرًا.
أخبار ذات صلة
أداء باسل خياط في "نظرة حب".. بين "الأضعف" و"الأسطوري"
كما أن لقاء بحر مع البروفيسور كميل (غابرييل يمين) صاحب نظرية "توأم الشعلة" جاء متأخراً في تعزيز "نظرة حب" التي ستجمع البطلين، وبالمقابل فإن التكافل الاجتماعي مع عائلة "أم علي" (ختام اللحام) ضمن لعبة ترويها "وردة" (جفرا يونس) جاء جانبيًّا وقليل الأثر، ومثلها العلاقة المضطربة بين "يسرى" (هبة نور) و"جميل" (جمال العلي)، والاستغلال الذي تعرضت له ابنتهما هبة وأفقدها عذريتها.
وكأن تلك الأحداث تحيل البطولة إلى الحي الشعبي وليس إلى ساكنيه، مع استثناءات قليلة وعلى رأسها الخصوصية العالية لشخصية "أم بحر"، والتي يمكن القول إنها أحد الجوانب الإيجابية القليلة في "نظرة حب"؛ لأن أداء الممثلة رندة كعدي بدور رواية الأحداث، جعلها أشبه بعرّافة إغريقية تعرف كل ما سيحصل، ورغم أنها مشلولة بالكامل، إلا أن نظرتها كانت تختصر الكثير من الحب، ونبرة صوتها تحملنا إلى عالم الحكايات الجميلة.
ويبدو أن العمل يحاول استكشاف قوة الحب وكيف تتطور شخصيات أبطاله مع تلك العاطفة المتأججة، لكن كل ذلك يتم بإيقاع بطيء، وضمن منطق تقليدي عن الصراع بين الخير والشر، وعزز من تلك النمطية إخراج "حسام علي" الذي حافظ على صورة تغلب عليها العتمة، وننتظر أن يتغير ذلك مع اشتغال وهج الحب وتسعيره للأحداث في الحلقات القادمة.