محمد الرخا - دبي - الخميس 4 أبريل 2024 05:35 مساءً - وسط الهجوم الروسي المتواصل، اتخذ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إجراءات جريئة ولكنها مثيرة للجدل سياسيا، تهدف إلى تجديد صفوف جيش بلاده المنهك والمدمر.
فقد وقّع الرئيس على مشروع قانون لخفض سن التجنيد للرجال في أوكرانيا، إضافة إلى التوقيع على مشروع قانون آخر يتم بموجبه إلغاء بعض الإعفاءات الطبية، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، حذرت فيه من المخاطر السياسية التي قد تترتب على مثل هذه التدابير.
ولعل أكثر هذه التدابير إثارة للجدل هو خفض سن الاستحقاق للتجنيد من 27 إلى 25 سنة، وهي خطوة قوبلت بعدم شعبية واسعة النطاق في البلاد.
إستراتيجية الدفاع
وعلى الرغم من موافقة البرلمان على التشريع في مايو الماضي، تردد زيلينسكي في التوقيع عليه، على أمل ألا يكون ضروريًّا.
ومع ذلك، وفي ظل عدم إظهار روسيا أي علامات على التراجع، وقّع زيلينسكي على مضض على الإجراء إلى جانب قوانين أخرى تنص على إلغاء بعض الإعفاءات الطبية وإنشاء قاعدة بيانات للرجال بدءا من سن السابعة عشر، للقضاء على المتهربين من الخدمة العسكرية.
وتبين الصحيفة أن الضرورة الملحة وراء هذه الإجراءات تنبع من الوضع المزري على الخطوط الأمامية، حيث يخوض الجيش الأوكراني، الذي يبلغ تعداده ما يقرب من مليون جندي، أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، الحرب التي يتم خوضها في خنادق موحلة أو على أنقاض مدن في قتال حضري، تشهد ارتفاعا كبيرا في أعداد الضحايا، إلى جانب النقص الواضح في الذخيرة.
في الأثناء، يقول المحللون إن قدرة أوكرانيا على الحفاظ على مواقعها في مواجهة الهجوم الروسي تتوقف على تلقي إمدادات جديدة من الأسلحة الأمريكية.
ولتعزيز إستراتيجيتها الدفاعية، تهدف أوكرانيا إلى تعزيز قواتها من خلال التعبئة، مع اللجوء أيضًا إلى تكتيكات غير تقليدية مثل المهام التخريبية، وضربات الطائرات المسيرة بعيدة المدى لتعطيل العمليات الروسية.
ومع ذلك أشارت الصحيفة، أن مجرد خفض سن التجنيد قد لا يكفي لتلبية احتياجات أوكرانيا العسكرية، ومع طلب الجيش تعبئة مئات الآلاف من الجنود، يواجه زيلينسكي التحدي المتمثل في تجنيد وتدريب القوات في الوقت المناسب استعدادا للهجوم الروسي المتوقع.
ومما يزيد الأمور تعقيدا هو الواقع الديموغرافي في أوكرانيا، مع نقص عدد الرجال في العشرينات من العمر؛ بسبب انخفاض معدلات المواليد في التسعينيات.
وكما هو الحال في أغلب دول الاتحاد السوفييتي السابقة، يوجد في أوكرانيا جيل صغير من الشباب ممن هم في العشرينيات من أعمارهم؛ وذلك لأن معدلات المواليد انخفضت بشدة خلال فترة الكساد الاقتصادي العميق في التسعينيات من القرن المنصرم، وبسبب هذا الانخفاض الديموغرافي، يبلغ عدد الرجال في الأربعينيات من العمر ثلاثة أضعاف عدد الرجال في العشرينات من العمر.
انتقادات لقيادة زيلينسكي
علاوة على ذلك، فإن تجنيد الرجال بدءًا من سن 25 عامًا، وبالنظر إلى الخسائر المحتملة في المعارك، يخاطر أيضًا بتقليص هذا الجيل الصغير من الأوكرانيين ومعدلات المواليد المحتملة في المستقبل، ما يجعل البلاد تعاني من انخفاض عدد الرجال في سن العمل والتجنيد لعقود من الآن.
كما أن قرار زيلينسكي بعدم تجنيد النساء في الجيش وفقا للصحيفة يزيد من تضييق نطاق المجندين المحتملين، ويضع ضغطًا إضافيًّا على الرجال المجندين، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الاختلالات الديموغرافية على المدى الطويل.
يأتي ذلك في وقت تعرض فيه الرئيس زيلينسكي لانتقادات من قبل نقاد محليين ودوليين ممن عبروا عن شكوكهم تجاه قيادته للبلاد في زمن الحرب.
فقد حث السيناتور ليندسي جراهام، أوكرانيا خلال زيارته له، على الاستفادة من سكانها الشباب في المجهود الحربي، معتبرا أن الأوكرانييين يخوضون قتالا للحفاظ على حياتهم.
وأصبح السياسيون في أوكرانيا أكثر صراحة في انتقاداتهم لقيادة زيلينسكي للبلاد في وقت الحرب، ففي مقابلة تلفزيونية هذا الأسبوع، انتقد الرئيس السابق "بيترو بوروشينكو" طريقة تعامل زيلينسكي مع الأزمة، وتعهد بالترشح لولاية ثانية بمجرد انتهاء الحرب.
وتخلص الصحيفة إلى القول إنه وفي مواجهة هذه التحديات، يتعين على أوكرانيا أن توازن بعناية بين الاعتبارات العسكرية والاقتصادية والديموغرافية.
وفي حين أن خفض سن التجنيد قد يوفر دفعة قصيرة المدى للقوة العسكرية، إلا أنه يفرض مخاطر طويلة المدى على سكان البلاد والقوى العاملة في المستقبل.
ومع شيخوخة السكان وتضاؤل معدلات المواليد، تواجه أوكرانيا احتمال تضاؤل القوى العاملة لسنوات قادمة.