في ذكرى تأسيسه الـ75.. الانقسام يتعمق بين الأعضاء القدماء والجدد في الناتو

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 3 أبريل 2024 05:26 مساءً - يجد حلف شمال الأطلسي، الذي يقترب من الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيسه، نفسه أمام نزاع جديد حول خلافة أمينه العام ينس ستولتنبرغ، الذي تنتهي فترة ولايته في سبتمبر/ أيلول القادم.

Advertisements

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" فإن النزاع يلقي بظلاله على ما كان ينبغي أن يكون تجمعًا احتفاليًا للدبلوماسيين من الدول الأعضاء في الحلف والبالغ عددهم 32 عضوا، وهو ما يسلط الضوء على الانقسام بين الأعضاء الأوائل في الحلف وأولئك الذين انضموا إليه بعد الحرب الباردة، وتعمق بعد الحرب الروسية على أوكرانيا".

وأوضحت الصحيفة أن الافتقار إلى قواعد مكتوبة داخل حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والاعتماد بدلًا من ذلك على اتخاذ القرار على أساس الإجماع، كان سببًا في توفير المرونة في كثير من الأحيان، ولكنه سمح لأحد الأعضاء بعرقلة اتخاذ أي إجراء، والوصول إلى طريق مسدود، وهو ما ظهر في الجدال حول من يجب أن يقود الحلف بعد رحيل "ستولتنبرغ".

وأدى توسع حلف شمال الأطلسي، الذي كانت تسيطر عليه في الأصل الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا الغربية، ليشمل خصومًا سابقين، إلى جلب وجهات نظر متنوعة تعمل على تعقيد عملية صنع القرار.

كما أسهمت التحولات السياسية التي شهدتها بعض الدول الأعضاء في المنظمة، خاصة تركيا، إلى الحد من رغبتها في الانصياع للنهج الأمريكي.

بموازاة ذلك، أصبحت عملية اختيار الأمين العام للناتو علنية ومسيسة على نحو متزايد، ومع اقتراب موعد إجراء انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو المقبل، يرى زعماء الحلف أن هناك حاجة ملحة إلى حل مسألة الخلافة قبل أن يبدأ الاتحاد الأوروبي في اختيار قيادته.

وتأتي هذه الحاجة، لأن منصب الأمين العام لحلف "الناتو"، والذي يشغله عادة مسؤول أوروبي، يشكل أهمية بالغة للحفاظ على استقرار الحلف وفعاليته، في حين أن بقاء هذا المنصب شاغرا لفترة طويلة، يثير قلقا من إمكانية استغلاله كوسيلة ضغط في المفاوضات حول المناصب القيادية في المنظمات الدولية الأخرى، لاسيما الاتحاد الأوروبي.

وقالت الصحيفة إن ذلك الأمر يعكس رغبة الأعضاء في تجنب "تسييس" عملية اختيار قيادات "الناتو"، وضمان استمرار التركيز على الأهداف الأمنية للحلف بدلاً من اعتبارات السياسة الخارجية.

تشير "وول ستريت جورنال" إلى وجود رغبة بين أعضاء الحلف لتعيين امرأة ذات مكانة سياسية رفيعة في منصب الأمين العام، لكن العثور على مرشح مناسب أثبت أنه أمر صعب.

ومن بين الأسماء التي تمت مناقشتها علنا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وهي وزيرة دفاع ألمانية سابقة، بالإضافة إلى رئيس وزراء إستونيا كاجا كالاس.

ووفق الصحيفة، فإن دول أوروبا الوسطى، من جهتها تشعر بأنه يتم تجاهلها في المناصب العليا داخل الحلف، على الرغم من إنفاقها النسبي الأعلى على الدفاع مقارنة بالعديد من الدول الأعضاء من أوروبا الغربية.

وينشأ هذا الشعور من حقيقة أن جميع الأمناء العامين يأتون تاريخيًا من أوروبا الغربية، ولا يمثل أوروبا الوسطى على مستوى رفيع سوى نائب الأمين العام الحالي، ميرسيا جيوانا من رومانيا، بالإضافة إلى ذلك، يشغل المسؤولون من أعضاء الناتو الأوائل في الغالب المناصب الثمانية تحت القيادة العليا.

وبعد الفشل في البحث عن مرشحة تتمتع بمصداقية كبيرة لمنصب الأمين العام، ظهر مرشحون آخرون مثل مارك روته، رئيس الوزراء الهولندي المنتهية ولايته، الذي يعتبر المرشح الأوفر حظا بعد أن أبدى اهتمامه.

ولكن في تطور مفاجئ مطلع هذا العام، أبدى الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس اهتمامه بالمنصب، وعلى الفور، أعربت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا عن دعمها لمارك روته، في حين زادت معارضة هنغاريا العلنية لروته من تعقيد الوضع، ما يعكس توترات أوسع نطاقا داخل التحالف.

غير أن أحد الأمور التي لا تزال مجهولة في المنافسة على منصب الأمين العام للناتو، هو موقف تركيا من المرشح الهولندي، لا سيما بعد ارجاء أنقرة انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي لأكثر من عام بسبب عدم رضاها عن سياسات ستوكهولم تجاهها، وموقفها من الانفصاليين الأكراد الذين تقاتلهم أنقرة.

ولكن المكالمة الهاتفية الأخيرة التي أجراها روته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تشير ربما إلى الدعم التركي المحتمل، فقد سارت المكالمة بشكل جيد الأمر الذي قد يؤثر على الأعضاء الآخرين الذين لم يحسموا أمرهم بعد.

إلى ذلك، يأمل المسؤولون في حلف شمال الأطلسي أن يتم حل مسألة القيادة أثناء أو قبل الاجتماع غير الرسمي لوزراء خارجية الحلف في أواخر شهر مايو القادم في براغ، إذ ينظر إلى هذا الاجتماع على أنه الفرصة الأخيرة لتسوية القضية قبل انتخابات الاتحاد الأوروبي، أو على أبعد تقدير، أن يتم حسمها قبل قمة يوليو القادم، لتجنب تشتيت الانتباه عن مسائل ملحة أخرى.