محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 2 أبريل 2024 03:06 مساءً - في دراسة للديناميكيات المعقدة بين الذكاء الاصطناعي (AI) والإدراك البشري، كشف باحثون من جامعة كاليفورنيا الأمريكية عن جانب محوري يتخلف فيه الذكاء الاصطناعي: وهو الابتكار. وقد حددت الدراسة بحسب تقرير نشره موقع psypost، تقييما متعدد الأوجه لبراعة الذكاء الاصطناعي في الإبداع في مواجهة الذكاء البشري.
فوسط التطورات المزدهرة في الذكاء الاصطناعي، لا سيما في مجال نماذج اللغات الكبيرة التي تجسدها ChatGPT من OpenAI، يرى الباحثون حاجة ملحة لفحص الحدود الفاصلة بين قدرة الذكاء الاصطناعي على توليد النصوص والصور والقيود المتأصلة في الابتكار.
وعلى عكس الفكرة السائدة عن الذكاء الاصطناعي كذكاء مستقل، افترضت الدراسة تشبيه الذكاء الاصطناعي بتكنولوجيا ثقافية قوية شبيهة بالكتابة أو الإنترنت، ما يحفز نشر المعرفة وإمكانية الوصول إليها.
وقد كان من أهم مكونات الدراسة عنصران: مرحلة "التقليد" ومرحلة "الابتكار"، تم تصميمهما بدقة لاستكشاف قدرة الأشخاص على التعرف على الارتباطات التقليدية للأشياء، والأهم من ذلك، ابتكار تطبيقات جديدة لهم، على التوالي.
ففي مرحلة "التقليد"، تم تكليف المشاركين بتمييز الأشياء التكميلية لأداة معينة، والاستفادة من فهمهم لارتباطات الأشياء التقليدية. وقد سلط هذا الجزء الضوء على قوة الذكاء الاصطناعي في التعرف على الأنماط القائمة وتكرارها، وهو مجال لا يمكن إنكار براعته فيه، وذلك بسبب مهارته في تحديد الارتباط من خلال التدريب المكثف على البيانات.
أما في مرحلة "الابتكار"، فقد واجه المشاركون تحديًا بسيناريوهات حل المشكلات التي تتطلب استخدامات غير تقليدية للأشياء. هنا، تم تزويد المشاركين بأشياء بديلة، بما في ذلك كائن يمتلك خصائص وظيفية كامنة على الرغم من الاختلافات السطحية. وقد كانت هذه المرحلة بمثابة اختبار حقيقي لتجاوز الارتباطات التقليدية وتسخير التفكير الإبداعي لابتكار حلول جديدة.
وقد غطت الدراسة طيفًا ديموغرافيًا متنوعًا يشمل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 إلى 7 سنوات جنبًا إلى جنب مع البالغين، ووضعت جنبًا إلى جنب بين القدرات المعرفية البشرية والعديد من نماذج الذكاء الاصطناعي المتطورة، بما في ذلك OpenAI's GPT-4، من بين نماذج أخرى. وتلقت نماذج الذكاء الاصطناعي أوصافًا نصية تعكس تلك المقدمة لنظرائها من البشر لضمان المقارنة العادلة.
وكشفت النتائج عن انقسام واضح في براعة الابتكار بين البشر والذكاء الاصطناعي. أوضحت المؤلفة الرئيسية يونيس يو، أنه "حتى الأطفال الصغار يمكنهم تقديم استجابات ذكية تستعصي على نماذج تعلم اللغة". ويؤكد هذا الترسيم على دور الذكاء الاصطناعي ليس كذكاء مستقل، بل كقنوات للمعرفة القائمة، على نحو أقرب إلى المستودع أو محرك البحث، مما يبرز قدرته على تغليف الأطر الثقافية والمعرفية السائدة وتوصيلها.
وأظهر كل من الأطفال والبالغين ميلًا إلى الابتكار، حيث اختاروا باستمرار الأشياء ذات الصلة وظيفيًا وإن كانت مختلفة ظاهريًا للتغلب على التحديات. ولم يُظهر هذا مهارتهم في التعرف على الارتباطات التقليدية فحسب، بل أظهر أيضًا ميلهم إلى الابتكار بما يتجاوز النماذج الراسخة، وهو ما يرمز إلى التفكير المجرد وتمييز الخصائص الوظيفية الكامنة في الأشياء.
وعلى العكس من ذلك، تعثرت نماذج الذكاء الاصطناعي، على الرغم من كفاءتها في تحديد الارتباطات السطحية، في عالم الإبداع. وعندما تم تكليف أنظمة الذكاء الاصطناعي باختيار كائنات لتطبيقات جديدة، كثيرًا ما كانت تلجأ إلى الارتباطات التقليدية، وتفتقر إلى القدرة البديهية على تمييز الحلول غير التقليدية ولكنها مناسبة وظيفيًا - وهي السمة المميزة المثالية للإدراك البشري.
تؤكد هذه النتائج على الهوة بين براعة الذكاء الاصطناعي في تكرار الأنماط المعروفة ومساعيه الناشئة في مجال الابتكار. في حين أن الذكاء الاصطناعي يعمل كقناة لنشر المعرفة الموجودة، فإنه يتصارع مع السمة البشرية المتأصلة المتمثلة في صياغة مسارات جديدة وتصور تطبيقات مجهولة - وهو جانب جوهري من الإدراك البشري الذي لا يزال بعيد المنال عن نطاق الذكاء الاصطناعي.
وحسب تعبير يو، "يمكن للذكاء الاصطناعي أن ينشر الحكمة التقليدية ولكنه لا يتمكن من توسيعها أو إنشائها أو تغييرها أو تحسينها - وهو نطاق اختصاص العقل البشري الشاب". وبالتالي، في حين يقف الذكاء الاصطناعي كأداة هائلة في نقل المعرفة الحالية، فإنّ رحلته نحو محاكاة النطاق الكامل للملكات المعرفية البشرية، وخاصة في مجال الإبداع، تظل ملحمة مستمرة.