دراما 2024.. أجور وتكاليف إنتاج باهظة وعائدات ضعيفة

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 2 أبريل 2024 10:15 صباحاً - يتكبّد الاقتصاد العربي سنويًّا، مبالغ طائلة على صناعة الدراما، في حين يعاني معظم الدول العربية من البطالة وارتفاع نسب الفقر وقلة مشاريع التنمية، وضعف القطاع الصحي وغياب الأمن الغذائي، وانخفاض العملات الوطنية أمام الدولار.

Advertisements

ويتساءل الخبراء، ما إذا كانت العائدات الربحية من القطاع الدرامي، تستحق صرف هذه المبالغ الباهظة على المسلسلات؟. أو إنْ كانت العائدات موجودة فعلاً، فكيف تُوظَّف وهل تنعكس خيراتها على الاقتصادات الوطنية؟.

تكاليف الدراما المصرية

رغم عدم وجود أرقام رسمية، فإنّ مراكز البحوث الخاصة، إضافة إلى التسريبات الواصلة لوسائل الإعلام، تشير إلى أرقام كبيرة استهلكتها الدراما المصرية عام 2024.

وحسب أرقام "مركز إنسان للدراسات الإعلامية"، فقد وصلت تكاليف الدراما المصرية في الموسم الحالي إلى 3 مليارات جنيه. نالت حصة الأسد منها الشركة المتحدة عبر إنتاج نحو 40 عملاً دراميًّا.

أما بالنسبة لرواتب الممثلين، فبلغت أرقامًا خيالية، حرصت شركات الإنتاج على إبقائها سرية، لكنها وصلت إلى وسائل الإعلام عبر تسريبات غير رسمية.

وتقول التسريبات المنشورة في "مركز إنسان"، إن أجور الفئة الأولى من الممثلين المصريين، وصلت إلى 40 مليون جنيه. أما الفئة الثانية فبلغت أجورها 20 مليون جنيه. تليها الفئة الثالثة بـ10 ملايين جنيه.

أما أجور المخرجين والمؤلفين، فقد تراوح أجر الواحد منهم بين 6 و 8 ملايين جنيه، يصنفون ضمن القائمة الأولى. أما القائمة الثانية فتراوح أجر المدرجين فيها بين 3 و5 ملايين جنيه.

ويزداد الإنفاق على الدراما، فيما تشير أرقام برنامج الأغذية العالمي، أنّ 29.7% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر. و14.4% يعانون انعدام الأمن الغذائي. كما تبلغ نسبة البطالة 6.9% حسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء.

وشهد الجنيه المصري انخفاضاً أمام الدولار فبلغ 50 جنيهاً. كما ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية في السوق المصرية بمقدار 60% خلال عام واحد.

تكاليف الدراما السورية

وتبعاً لأرقام لجنة صناعة السينما والتلفزيون السورية، فقد وصل عدد المسلسلات المنتجة هذا الموسم إلى 25 عملاً، بتكلفة مقدارها 310 مليارات ليرة سورية.

أما فيما يتعلق بأجور الممثلين، فلا توجد أرقام رسمية يمكن اعتمادها، ويتم الاستناد إلى "تسريبات" تحصل عليها وسائل الإعلام، مثلما هي الحال في مصر.

وتتراوح أجور الممثلين، حسب التسريبات، بين مليون دولار، ينالها ممثلو الفئة الأولى مثل تيم حسن، و500 ألف دولار للفئة الثانية، و300 ألف دولار للثالثة.

وتأتي هذه الأرقام، في ظل أزمات خانقة يعانيها الاقتصاد السوري، بينما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأن أكثر من 15 مليون شخص بحاجة للمساعدة الإنسانية. في ظل ارتفاع البطالة إلى 20% تبعاً لأرقام المكتب المركزي للإحصاء.

هل ينتهي ركود الاقتصاد على يد الدراما؟

يدافع المنتجون عن الدراما ويرون وجودها ضرورة تبث الحيوية في الاقتصاد، كما يقول المنتج المصري جمال العدل في لقاء مع “CNN” الاقتصادية. ويؤكد أن صناعة الدراما تشغّل آلاف الأفراد وعدداً كبيراً من المهن مثل المصورين ومهندسي الديكور والفنيين.

ويبدو رأي العدل غير دقيق. وإلا كيف نفسر وجود الازدهار الدرامي منذ سنوات طويلة، وفي الوقت نفسه، حصول تدهور في الاقتصاد وتراجع في مستوى دخل الفرد في الدول العربية ككل؟.

يقول المختصون، إن الدراما يمكن أن تنعش الفئة العاملة فيها. أما الاقتصادات الوطنية فتحتاج مشاريع تنمية منتجة طويلة الأمد.

ويؤكد الباحث الاقتصادي زياد غصن، في مقال نشرته صحيفة تشرين، أن الدراما نالت الكثير من الدعم على حساب القطاعات الأخرى. ويتساءل لماذا لا يتم تحديث القوانين وإعطاء المزيد من الهوامش للعاملين في القطاعات الأخرى أسوة بها؟.

دراما التربية والتنوير!

وعند البحث عن إنجازات تربوية تنويرية، تبرر حصول الدراما على ميزانيات عالية، ستفاجئنا طبيعة الاتهامات التي دمَغت مسلسلات هذا الموسم، مثل: الإسفاف، والإساءة، وعدم التعامل مع التاريخ بموضوعية، وغير ذلك من القيم غير التنويرية على الإطلاق.

يقول الكاتب سامر محمد إسماعيل لـ"الخليج 365": "المصيبة اليوم تكمن في تقليد الواقع، ومزاحمته ومحاولة حشوه في الصورة التلفزيونية. فما عجزت نشرات الأخبار الدموية عن نقله، تكمله تلك المسلسلات اللئيمة".

ورغم أن الجميع لا ينكرون حق الدراما في الوجود والتطور وإنتاج المزيد من الأعمال، فإنهم يطالبون بالعدالة في توزيع الرأسمال الوطني على بقية القطاعات، وكذلك الأمر، توفير البيئة المناسبة لتطورها مثلما حدث في الدراما.

ويستغرب الباحث زياد غصن، غياب المساواة التشريعية بين الدراما والقطاعات الأخرى. ويتساءل: "لماذا هامش الحرية المُعطى للدراما، أكبر وأعمق بكثير من الهامش المعطى للصحافة مثلاً؟".

انتظار عائدات مادية وثقافية كبيرة من الدراما، لايبدو واقعياً. خاصة بعد ندرة الغايات العظيمة، وطغيان عقلية السوق، فالشريحة الكىبرى، تتعامل اليوم، وكأنها تعيش ضمن "مول" ضخم!.