"حي الميدان" الدمشقي.. شارع سلطاني يفوح بعبق التاريخ (صور)

محمد الرخا - دبي - الاثنين 1 أبريل 2024 11:18 صباحاً - ليس مستغرباً أن تشعر بأنك "سلطانُ زمانِكَ" حين تسير في حي الميدان الدمشقي، إذ سبقك في عبوره الكثير من السلاطين والملوك حتى حمل تسمية "الطريق السلطاني"، ومنهم الامبراطور"غليوم الثاني" 1860 الذي جاء من القدس إلى دمشق عبر هذا الطريق، وعام 1925 مرّ "بلفور" صاحب الوعد، وخرج أهل الحي واستقبلوه بالحجارة.

Advertisements

وإضافة لذلك فإن السلطنة ستأتيك من أطايب المأكولات والحلويات، وخاصةً في الجزء المسمى بالجزماتية، حتى أسماء المحلات ستحيلك إلى أنك صاحب جاه وعزوة، من مثل "حلويات الملك"، و"كبّة السلطان"، و"فروج الأمراء"، فضلاً عن الهناءة ورغد العيش اللذين يرافقانك وأنت تتناول وجبتك عند "مأكولات المحبة" أو "فلافل على كيفك".

حي الميدان الدمشقيالخليج 365

وإن أحسست بشيء من البركة التي تغمرك في ذاك الشارع، فهذا طبيعي جدًّا، لأن محمل الحج الشريف نحو مكة المكرمة كان يسلك هذا الحي لسنوات طويلة، وما زالت الجوامع السبعة عشر في الجزماتية، وما يُقاربها في امتداد حي الميدان المُسمى "أبو حبل"، شاهدة على البركة، إلى جانب بعض البيوتات القديمة والمستودعات التي حافظت على شكلها القديم، ويعود بعضها لأكثر من أربعمئة عام، هي بعض ما بقي من جماليات تلك الأيام التي تعود لأيام الفاطميين والمماليك.

ورغم أن "حي الميدان" لم تعد ترمح فيه الخيل كما كان في عهد عبد الملك بن مروان، فإن باستطاعة زائره أن يرمح على طريقته بين صحون النابلسية و"المشبّك" و"العوَّامة" وسندويشات الشاورما ومطاعم لحمة الرأس والسجقات والأبوات.

وأيضاً ستهنأ بالبحث في تاريخية الشارع حيث "جامع منجك"، وحمام الرفاعي، ومسجد القره شي، وغيرها من الزوايا والتكايا، والبيوتات القديمة، وهناك "تربة الأمير تنبك الحسني نائب الشام"، و"الزاوية السعدية" وفي لوحة تعريفها أنها نسبة إلى الشيخ حسن بن محمد الجباوي المتوفي سنة 1508 للميلاد، إلى جانب أصحاب المهن التقليدية كالمنجِّد العربي الحاج يوسف الشعار، وفرن التنور الذي بات سعر الرغيف فيه 70 ليرة.

حي الميدان الدمشقيالخليج 365

وبحسب كتاب "موسوعة الأسر الدمشقية" الذي أعده الدكتور "محمد شريف عدنان الصواف" فإن أول ذكر لحي الميدان يعود إلى العهد الفاطمي، كما ورد لدى المؤرخ الدمشقي أبي يعلى القلانسي في كتابه "ذيل تاريخ دمشق" في حوادث سنة عام 363 هـ، ثم في القرن السادس الهجري، يذكر في "تاريخ مدينة دمشق" بقوله: "حارة الميدان المعروفة بالمنية".

ولكن ثمة رأيا للباحث عيسى اسكندر المعلوف أن الميدان يعود إلى أقدم من ذلك، إلى العهد الأموي تحديداً، فيقول: "وعقد الوليد بن عبد الملك ميداناً لسباق الخيل، ولا يزال ذلك المضمار إلى يومنا يعرف بالميدان، وهو من أحياء المدينة المشهورة في غربها الجنوبي".

ومما ميز حي الميدان أن الترام كان يمر فيه سابقاً، فضلاً عن كونه المنفذ الوحيد لدمشق إلى الجنوب باتجاه حوران ومصر وفلسطين، ومن المعلومات التي قد لا يعرفها كثيرون أن حزب البعث خرج من الميدان، إذ إن "ميشيل عفلق" كان يسكن زقاق الموصلي فيه، و"صلاح الدين البيطار" من الحي ذاته أيضاً، كما إن حي الميدان أنجب أول رئيس جمهورية منتخب وهو "محمد علي العابد" عام 1932.

أخبار ذات صلة

"الشارع المستقيم".. اختصار لألفي عام من تاريخ دمشق

هذه العائلة أنجبت عدة شخصيات مهمة في تاريخ سوريا منها أحمد عزت العابد والد محمد، ونازك العابد أول امرأة سورية تحمل رتبة عسكرية، والدكتور برهان العابد وهو أول من أدخل التخدير إلى سوريا كعلم مستقل، وهناك أيضاً المجاهد محمد الأشمر الذي ناضل ضد الاحتلال الفرنسي، والشيخ عبد الغني الغنيمي الذي شارك الأمير عبد القادر الجزائري في إخماد الفتنة عام 1860 بعد أن كادت تودي بحياة الكثير من مسيحيي دمشق، و"حسن الحكيم" الذي كان مديرًا للبرق والبريد، وعندما أرسل غورو إنذاره إلى الملك فيصل، أخَّر إرسال برقية حكومة فيصل التي تقبل فيها بالإنذار، وغادر بعدها إلى مصر.