محمد الرخا - دبي - السبت 30 مارس 2024 06:11 مساءً - تحتفظ طشقند، عاصمة أوزبكستان، بسحر أخاذ كواحدة من أجمل مدن آسيا الوسطى، ومحطة للتلاقي بين الشرق والغرب.
وقد حظيت المدينة بألقاب عديدة، منها "بوابة الشرق" و"بلد الألف مدينة" و"نجمة الشرق"، وتعاقبت عليها فصول من الفتوحات والغزاة، تبدلت فيها الأحوال وتغيّرت فيها المفردات الحضارية، لكنها ظلت محتفظة بجاذبيتها.
تقع طشقند شرقي البلاد في أرض منبسطة بين نهري سيحون وجيجون، بالقرب من حدود كازاخستان.
من معالم طشقندمتداولة
وجعلها موقعها الجغرافي المتميز محطة رئيسية على طريق الحرير، لا سيما في نسخته القديمة، حين كان شريان التجارة الرئيسي في العالم بين الصين وأوروبا، وتسير عبره القوافل المحمّلة، إلى جانب الحرير، بالتوابل والبذور والفواكه وجلود الحيوانات والأدوات والمشغولات الخشبية والمعدنية والأحجار الكريمة.
يتكون اسمها من مقطعين، هما "طش" بمعنى حجر، و"قند" بمعنى مدينة، ليصبح المعنى الكامل "مدينة الحجر".
من معالم طشقندمتداولة
ويمتد تاريخها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، وقد عُرفت قديما باسم "شاش قند"، ووردت في الكتابات العربية المبكرة باسم "الشاش"، كما جاء في "معجم البلدان" لياقوت الحموي الذي تحدث عنها قائلا: "خرج من الشاش العلماء ونُسـب إليها خلـق من الرواة والفصحاء".
تحوّلت طشقند إلى مركز إشعاع حضاري بنكهة إسلامية، على غرار بخارى وسمرقند وترمز، حين فتح العرب ما عُرف آنذاك باسم "بلاد ما وراء النهر"، أي بلاد آسيا الوسطى، على يد القائد قتيبة بن مسلم الباهلي، وكان لها دور حاسم في نشر الثقافة الإسلامية في تلك المنطقة من قارة آسيا.
من معالم طشقندمتداولة
خضعت المدينة طويلا للهيمنة الروسية، سواء في عهد الإمبراطورية القيصرية أو عهد الاتحاد السوفيتي قبل الاستقلال.
واللافت، بحسب روايات تاريخية، أن القائد ميخائيل تشيرناييف خالف أوامر القيصر وقرر في 1865 المجازفة بالسعي لاحتلال المدينة التي لم تكن لقمة سائغة، حيث يحرسها سور يمتد على مسافة 25 كلم يتخلله مئة باب ويحرسه 30 ألف مقاتل، وهو عدد يفوق القوات المهاجمة.
من معالم طشقندمتداولة
لجأ الجنرال إلى خدعة لا تزال تفاصيلها حتى الآن غامضة تاريخيا، ونجح في غزو المدينة من دون أن يفقد سوى 25 فقط من رجاله، بينما فقد الطرف الآخر أكثر من ألف جندي.
وحرص القائد المنتصر على صنع شعبية له وسط سكان المدينة، فكان يسير في الطرقات بلا سلاح ويصافح المواطنين في الشوارع، كما أوقف جباية الضرائب لمدة عام.
من معالم طشقندمتداولة
أحب الطشقنديون القائد ومنحوه لقب "أسد طشقند"، لكن القيصر عزله فيما بعد لأنه لم يعد يطمئن له.
أصبحت طشقند في نسختها الروسية مركزا لما بات يُعرف فيما بعد بـ"اللعبة الكبرى"، وهو مصطلح راج على نطاق واسع في الأدبيات السياسية، ويشير المصطلح إلى حرب نفوذ ومعركة تضارب مصالح ذات أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية نشأت بين الإمبراطوريتين الروسية والبريطانية؛ إذ كانت تخشى الأولى من مطامع الإنجليز في آسيا الوسطى في القرن التاسع عشر، بينما انتابت بريطانيا مخاوف عميقة من محاولة الروس ضم الهند، درة التاج البريطاني، إلى إمبراطوريتهم الشاسعة.
من معالم طشقندمتداولة
وتضم المدينة العديد من المعالم والمزارات ذات القيمة التاريخية، منها مدارس ومتاحف وأضرحة ومساجد، مثل مدرسة "براق خان"، سلطان طشقند الذي أعلن إسلامه قُبيل وفاته بأيام قليلة في سنة 1270، وجامع "تلا خان"، وضريح "يونس خان"، وقصر "الأمير رومانوف".
من معالم طشقندمتداولة