محمد الرخا - دبي - السبت 30 مارس 2024 10:10 صباحاً - يُقرن اسم زينب بنت إسحاق النفزاوية، عادة باسم الحكمة والسياسة في ظل الحكم المرابطي، ويذكر مقرونًا أيضًا بمراكش؛ لأن الأوّلين يحكون أنها أول من ألقى بسحر جمالها على مراكش لتستمر كواحدة من أجمل مدن العالم.
وزينب النفزاوية نشأت في بيت تاجر، إذ أنها ابنة تاجر من قبيلة نفزاوة الزناتية الأمازيغية، وتعود أصول أبيها إلى مدينة القيروان (تونس حاليا) حسب المصادر التاريخية، وهاجر إلى أغمات التي كانت من المراكز التجارية النشيطة جدا في المغرب خلال القرنين 11 و12 ميلادي.
تاريخ ولادة زينب النفزاوية في أغمات التاريخية (جنوب وسط) يبقى مجهولا، إذ أن المصادر التاريخية لا تذكر عنها شيئا قبل أن تظهر في حياة أمير من أمراء المرابطين، وهو تحديدًا أبو بكر بن عمر اللمتوني، لكن المرجّح أن ميلادها كان في يوم ما بدايات القرن 11 ميلادي.
وتوصف زينب النفزاوية في المصادر التاريخية، بأنها امرأة حازمة، لبيبة، ذات رأي وعقل وجزالة، ومعرّفة بالأمور حتى كان يقال لها "الساحرة"، وذاع صيتها بين الناس في أرجاء المنطقة التي كانت مزدهرة علميا وثقافيا واقتصاديا.
وروى ابن عذارى المراكشي في "البيان المغرب في اختصار ملوك الأندلس والمغرب"، أنه كان في أغمات امرأة جميلة تعرف بزينب النفزاوية، قد شاع ذكرها وأمرها بين قبائل المصامدة وغيرها، فكان يخطبها أشياخهم وأمراؤهم فتمتنع عنهم، وتقول: لا يتزوجني إلا من يحكم المغرب كله".
تلقب زينب النفزاوية بزوجة الأمراء والسلاطين، إذ أول من تزوجت به كان يوسف بن علي بن عبد الرحمن بن وطاس شيخ وريكة، ولما حكم بنو يفرن أغمات تزوجها شيخهم لقوط بن يوسف المغراوي، وعندما افتتح المرابطون بلاد المصامدة قُتل زوجها، وتزوجها بعده أبو بكر بن عمر المرابطي بعدما استقر به المقام في أغمات.
وبينما كان متوجهًا إلى الصحراء لإطفاء نار حرب قبلية، قرر أبو بكر أن يطلق النفزاوية، وذكرت المصادر التاريخية أنه أوصى ابن عمه يوسف بن تاشفين بأن يتزوج زينب النفزاوية فتم ذلك، وكانت له سندًا في حكم على بلاد المغرب، إذ يرجع بعض المؤرخين نجاحه بن تاشفين وإنجازاته، في جزء كبير منها، إلى تلك المرأة.
وجاء في كتاب "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى"، لأحمد بن خالد الناصري، أن النفزاوية كانت عنوان سعد يوسف بن تاشفين، والقائمة بملكه، والمدبرة لأمره، والفاتحة عليه بحسن سياستها لأكثر بلاد المغرب، وكان بن تاشفين إذا اجتمع بأبناء عمومته يقول: "إنما فتح الله البلاد برأيها".
ومن أعظم ما سجل التاريخ لهذه المرأة، التي فاقت الرجال في الحكمة والنباهة والرؤية المستقبلية، أنها كانت أول امرأة في بلاد المغرب تأتي بفكرة بناء مدينة مراكش لتكون عاصمة المرابطين، وهي المدينة التي تعد اليوم من أجل مدن العالم، يتوافد عليها السياح من مختلف أنحاء المعمورة لزيارة مواقعها التاريخية.
واستمرت زينب النفزاوية في القيام بأدوارها كاملة إلى جانب زوجها إلى أن توفيت في تاريخ لا يُعرف بدقة، إذ اختلفت في ذلك الروايات بشكل كبير، لكن يرجح أن يكون ذلك في الفترة التي تلت ولادة آخر أبنائها عام 1067 ميلادي.