"واشنطن بوست": صدمة في أمريكا لعزم ترامب إنهاء التزام بلاده بأمن أوروبا

محمد الرخا - دبي - السبت 30 مارس 2024 01:24 صباحاً - قال الباحث والصحفي الأمريكي روبرت كاغان إن العديد من الأمريكيين يشعرون بالصدمة إزاء معارضة الجمهوريين لمساعدة أوكرانيا في هذا المنعطف الحرج من التاريخ.

Advertisements

وتساءل الكاتب في مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية": "ألا يرى الأعضاء الجمهوريون في الكونغرس العواقب المترتبة على النصر الروسي بالنسبة للأوروبيين حلفاء أمريكا، وحلفائها الآسيويين، وفي نهاية المطاف بالنسبة للولايات المتحدة نفسها".

وأضاف أن "قطع العلاقات مع أوكرانيا ينم عن ذات طريقة تفكير لجنة أمريكا أولاً، ورأى أن رفع اليد عن أوكرانيا بالنسبة للرئيس السابق دونالد ترامب وأتباعه جزء من هدف أكبر لإنهاء التزام أمريكا الأوسع بالسلام والأمن الأوروبيين".

وتابع أن "ترامب يعتقد أن التزام أمريكا تجاه حلف الناتو ينبغي أن يكون مشروطا في أفضل أحواله، بينما تستطيع روسيا أن تفعل ما تشاء للحلفاء الذين لا يدفعون نصيبهم العادل ويحققون أهدافا معينة في الإنفاق الدفاعي".

وذكّر بدعوة السيناتور جوش هاولي، وهو جمهوري من ولاية ميسوري، إلى "التخفيض الفوري لمستويات القوات الأمريكية في أوروبا، وإلغاء التزامات أمريكا بموجب المادة 5 المتعلقة بالدفاع المشترك"، مشددا على أن "هاولي يريد من الولايات المتحدة أن تعلن بشكل صريح أنه في حالة حدوث صراع مباشر بين روسيا وأي حليف في الناتو، فإن أمريكا سوف تحجب قواتها، وأنه يتعين على الأوروبيين إدراك أنهم لم يعودوا قادرين على الاعتماد علينا كما اعتادوا من قبل".

وتساءل الكاتب عن "مدى قدرة الجمهوريين على العودة إلى رؤية الثلاثينيات وإسقاطها على عالم القرن الحادي والعشرين"، مشيرا إلى أن "الجواب هو نعم؛ إذ يريد حزب ترامب الجمهوري إعادة الولايات المتحدة إلى ثالوث النزعة المحافظة في فترة ما بين الحربين، المتمثل بالرسوم الجمركية المرتفعة، وكراهية الأجانب، ومناهضة الهجرة، والانعزالية".

ونوه إلى أنه "وفقاً لروس فوت، الذي غالباً ما يوصف بأنه سيكون كبير موظفي ترامب المحتمل خلال فترة ولايته الثانية، فإن هذا التعريف الأقدم للنزعة المحافظة في سنوات ما بين الحربين العالميتين، هو بالضبط ما يأملون في فرضه على الأمة عندما يستعيد ترامب السلطة".

وشدد على أنه "إذا كان الأمريكيون يهتمون بما يحدث في أوروبا، فيتعين عليهم أن يهتموا بما يحدث في أوكرانيا، فإذا سقطت أوكرانيا في السيطرة الروسية، فإن من شأن ذلك نقل خط المواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي مئات الأميال غرباً، والسماح لفلاديمير بوتين بمواصلة طموحه غير المخفي لاستعادة هيمنة موسكو على أوروبا الشرقية والوسطى"، محذّرا من أنه "إذا سقطت أوكرانيا، فإن تكلفة ومخاطر إيقاف روسيا في وقت لاحق ستكون أعلى كثيرا".

ويعتقد أنه "كما كانت الحرب العالمية الثانية هي حرب التجار الجدد، فإن أوكرانيا هي حرب أنصار العولمة، وأن إخلاص الحزب الجمهوري لسياسة أمريكا أولا هو مجرد الجانب الآخر من حملة ترامب تسميم الدم، وهي تدور حول صعود أمريكا المسيحية البيضاء ومختلف المجموعات العرقية والعنصرية غير الأمريكية التي يُزعم أنها تتآمر ضدها".

وهاجم الكاتب ترامب ووصفه بأنه "نرجسي، وأن نرجسيته تتوافق بشكل جيد مع أهداف أولئك الذين يتوقون إلى تخليص الولايات المتحدة من التزاماتها في أوروبا"، مشيرا إلى أن "ترامب لا يقدّر حلفاء أمريكا بقدر ما يقدر أي علاقة أخرى، وبأنه لا يرى أن العالم منقسم بين أصدقاء أمريكا وأعدائها، بل بين أولئك الذين يستطيعون مساعدته أو إيذائه، وأولئك الذين لا يستطيعون".

ورأى أن "ترامب لا يتمتع بأي قدر من التبجيل لالتزامات أمريكا في الخارج، وهو ما تقاسمه الزعماء السياسيون الجمهوريون منذ أربعينيات القرن العشرين، وأن الرؤساء الأمريكيين الديمقراطيين هم الذين أثاروا القدر الأكبر من المخاوف بشأن الالتزامات الأمريكية الخارجية".

وحذّر من أنه "بمجرد أن تدرك الدول الأخرى أن التزام أمريكا بالدفاع عن حلفائها لم يعد من الممكن الاعتماد عليه، فإن تكوين هذه القوة برمته في النظام الدولي سوف يتغير".

وختم الكاتب مقاله بتساؤل حول "كم من الوقت تحتاج الصين وهي تراقب أمريكا تتخلى عن حلفائها في أوروبا، إذا ما كان الأمريكيون سيوفون بالتزاماتهم في أي مكان آخر في العالم، فليس من المستغرب أن تكون تايوان من بين أكثر الدول التي تخشى حديث ترامب عن التخلي عن حلف شمال الأطلسي."