هجوم "كروكوس".. لماذا اختار "داعش" موسكو لإعلان عودته إلى الواجهة؟

محمد الرخا - دبي - الخميس 28 مارس 2024 02:27 مساءً - محمد حامد

Advertisements

أثار هجوم "كروكوس" في موسكو، الأسبوع الماضي، تساؤلات حول سبب اختيار العاصمة الروسية لتنطلق منها رسالة عودة تنظيم داعش إلى الواجهة، حيث تبنى الهجوم الذي خلَّف عشرات القتلى والجرحى.

كما حملت عودة "داعش" العديد من التساؤلات حول مستقبل التنظيم في العالم، وسط تخوفات من توسعه بأشكال نوعية جديدة ليس في آسيا فقط، وإنما في القارة الأوروبية، والعديد من البقع الجغرافية ذات المساحات الشاسعة في مجموعة من الدول، داخل ووسط وغرب أفريقيا.

غير أن احتمالية وقوف أجهزة استخباراتية لدول وراء تصدر التنظيم للساحة عبر هجوم موسكو، يعد من أهم التساؤلات التي طرحت في هذا الصدد، لا سيما في ظل احتدام المواجهة بين روسيا، والغرب بسبب الحرب الروسية الأوكرانية من جهة، وتوسع النفوذ الروسي في أماكن ينتشر بها التنظيم من جهة أخرى، كالساحة السورية.

واتفق متخصصون في شؤون الجماعات المتشددة، والعلاقات الدولية، على أن "داعش" لم يختفِ خلال الأعوام الأخيرة، بقدر انشغال التنظيم بإعادة ترتيب أوراقه وخريطة انتشاره المستهدفة، خاصة بعد الضربات التي تعرض لها التنظيم في النطاق الجغرافي الذي شهد تأسيسه، واستمد منه الاسم في سوريا والعراق.

سيارات إسعاف وسط تشديدات أمنية في موقع هجوم موسكورويترز

وبهذا الصدد، يرى الأكاديمي والباحث السياسي المقيم في موسكو، الدكتور رامي القليوبي، أن "داعش" لم يختفِ بشكل كامل، بل تعرض لمجموعة من الهزائم والضربات القاضية في العراق وسوريا، ما نتج عنه نوعًا من التموضع الجغرافي.

وأضاف القليوبي، في حديث لـ"الخليج 365"، أن "فرع التنظيم الذي تبنى التفجير في موسكو هو داعش خراسان، ولا شك أن هناك ذاكرة تاريخية مليئة بين روسيا والحركات الدينية المتشددة منذ تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت تحارب روسيا "الراديكاليين" في القوقاز والشيشان، وما جاء من أحداث في سوريا من استهداف قوات روسية في سوريا، مرورًا بالهجوم الذي ضرب محطة مترو سان بطرسبيرغ عام 2017".

انشغال موسكو في أوكرانيا

وأوضح القليوبي أن "داعش" قرر استغلال انشغال موسكو بالملف الأوكراني لإلحاق الضرر بالعمق الروسي، مثلما لم يستبعد تكرار الهجوم في مناطق أخرى من العالم.

وقال: "المناطق الأكثر خطرًا بوجود داعش حاليًّا هي آسيا الوسطى عبر فرع خراسان، الذي يعتبر في حالة مواجهة وخصومة مع حركة طالبان، التي لها نوع من العلاقات مع روسيا وتمثيل دبلوماسي، لذلك فإن هجوم موسكو يعد ضربة لطالبان أيضًا".

أخبار ذات صلة

روسيا: "من الصعب للغاية" تصديق أن داعش وراء هجوم موسكو‎

داعش لم يختف

من جانبه، قال الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، مصطفى أمين، إن "داعش" لم يختفِ حتى يعود، لكن كان لديه نشاط يسمى بنمو "ولايات الأطراف"، وهو نشاط بارز في الولايات البعيدة عن مكان مقر البداية في سوريا والعراق من عام 2014 حتى عام 2018، ليكون خفوت التنظيم مع هروب أبو بكر البغدادي ثم مقتله".

وأضاف أمين، في تصريح لـ"الخليج 365"، أنه "خرجت بعد ذلك إستراتيجيات من جانب التنظيم تخص كيفية التعامل مع أعدائه أو المناطق التي ابتعد عنها جغرافيًّا، ما جاء بتقليص الانتشار من 32 ولاية إلى 10 ولايات، مع توجيه النمو بشكل أساس في ولايات الأطراف (غرب أفريقيا)، التي تضم مناطق الساحل والصحراء".

وأكد أن "داعش" استطاع أن يقلص نفوذ تنظيم القاعدة مع التوسع بقوة في "غرب أفريقيا"، مع اتساع التواجد في مناطق آسيوية، لافتًا إلى أنه عقب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، نمت ولاية خراسان بشكل واضح، واستهدفت حركة طالبان عبر بضع عمليات، لتكون العودة العلنية مع هجوم "كروكوس" في موسكو، والتي أكدت أن "داعش" قادر على تنظيم وجوده وهيكله مرة أخرى.

مناطق تواجد التنظيم

وسرد أمين أهم مناطق تواجد التنظيم حاليًا، وقال: "لدى داعش 10 ولايات أساسية، يجري فيها عمليات بشكل مستمر، أبرزها ولايات سوريا، والعراق، وخراسان، وغرب أفريقيا، وسط أفريقيا، وموزمبيق، والصومال".

وقال إن هذا الاستهداف يأتي في ظل النشاط الملحوظ والمتصاعد للتنظيم في بضع دول داخل غرب أفريقيا، مثل: نيجيريا ، مالي، كوت ديفوار، وبوركينا فاسو.

وبحسب وصف أمين، يعتبر تنظيم "ولاية خراسان" بـ"الخزان الأساس" لتصدير المقاتلين إلى مناطق أخرى، مثل: دول وسط آسيا وروسيا، في ظل تناسب بيئة التنظيم ومحيطه اجتماعيًا وجغرافيًا هناك مع هذا الدور.

وزاد أمين خلال حديثه قائلاً إن الأمر الأهم هو قدرة "داعش" على تنفيذ الإستراتيجيتين المتعلقتين بـ"خلايا التماسيح" و"الذئاب المنفردة" المنتشرة في أوروبا، لافتًا إلى ارتباطهما بمدى الحصول على "البيعة" من مقاتلين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للقيام بأدوار ما بين تكليفات رصد وتنفيذ استهدافات.

وأضاف: "هي أمور تظهر قدرة التنظيم على التجنيد، في ظل وجود بنية التطرف والعنف التي ما زالت قائمة في تركيبة العديد من المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا في العقد الأخير".