محمد الرخا - دبي - الأحد 10 ديسمبر 2023 05:11 مساءً - تواصل إسرائيل منذ بداية حربها على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مراقبتها عن كثب لمحور "فيلادلفيا" الواقع بين مصر والقطاع، فيما زادت وتيرة التلميحات الإسرائيلية بشأن إمكانية إعادة احتلاله مجددًا.
وانسحبت إسرائيل من المحور العام 2005، وفق خطة إعادة الانتشار التي وضعها رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون، والتي كانت بشكل أحادي الجانب، ووقعت تل أبيب والقاهرة اتفاقًا لضمان تأمينه وعدم استغلاله للأنشطة العسكرية.
مراقبة إسرائيلية
وحسب تقارير عبرية، فإن "الجيش الإسرائيلي يراقب محور فيلادلفيا لمنع هروب قيادات في حركة حماس أو تهريب رهائن ومحتجزين من غزة لمصر"، مؤكدة أن هناك "رسائل مصرية واضحة برفض أي وجود إسرائيلي على المحور".
وأشارت التقارير إلى أن "هناك تخوفا لدى تل أبيب من إقدام كبار مسؤولي حماس على الهرب عبر أنفاق منطقة رفح إلى سيناء مع الرهائن، والوصول لدولة تقبلهم، مثل إيران أو اليمن أو لبنان".
واخترق الفلسطينيون المحور مرتين على مدار الأعوام الماضية، الأولى كانت عقب الانسحاب الإسرائيلي العام 2005، إذ استمر مرورهم لرفح المصرية وبعض القرى عدة أيام، والثانية نهاية العام 2008 مع اشتداد الحصار الإسرائيلي لغزة.
بينهم ألفا معاق.. إصابة 5 آلاف جندي إسرائيلي منذ بدء حرب غزة
ما محور فيلادلفيا؟
أنشأ المحور العام 2005 بموجب اتفاق مصري إسرائيلي أُطلق عليه اسم "اتفاق فيلادلفيا"، والذي كان هدفه وقف عمليات التهريب وتدمير الأنفاق الفلسطينية الممتدة من المنطقة الخاضعة لسيطرة الفلسطينيين إلى سيناء.
والمحور عبارة عن شريط ضيق بين مصر وغزة يبلغ طوله 14 كيلو مترًا، من البحر الأبيض المتوسط غربًا وحتى معبر كرم أبو سالم شرقًا، إذ سيطرت حركة حماس عليه العام 2007 عقب أحداث الانقسام الفلسطيني بغزة.
وجاء الانسحاب الإسرائيلي من المحور الذي يعتبر إستراتيجيًّا من الناحية الأمنية والجغرافية لإتمام عملية الانسحاب من قطاع غزة، وهو الأمر الذي قوبل برفض بعض الأوساط الإسرائيلية لأسباب إستراتيجية وأمنية تتمثل في تسليح غزة وتهديد ذلك على أمن إسرائيل.
وبالرغم من تلك العارضة؛ إلا أن الحكومة الإسرائيلية في حينها أكملت انسحابها من المحور من أجل منع الاحتكاك بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذي يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة، ووقعت الاتفاق مع القاهرة.
بعد "الفيتو".. إسرائيل لن تلتزم بالجدول الزمني الأمريكي لحربها على غزة
اتفاق فيلادلفيا
وبموجب اتفاق فيلادلفيا الموقع بين إسرائيل ومصر، يُسمح للأخيرة نشر 750 من حرس الحدود على امتداد الطريق لحراسة ذلك الشريط.
كما وينص الاتفاق على أن "القوات المصرية هي قوة مخصصة لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود وليست قوة عسكرية".
وينص أيضًا على أن "هذه الاتفاقية لا تلغي أو تعدل اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، مع الإبقاء على حالة المحور وصحراء سيناء كمناطق منزوعة السلاح".
ويحتوي الاتفاق على 83 بندًا، ويصف على وجه التحديد البعثة والتزامات الأطراف، بما في ذلك أنواع معينة من الآلات والأسلحة المسموح بها والبنية التحتية.
ومنذ 2013، عملت مصر على تعزيز قواتها على الحدود مع قطاع غزة، وعملت على إغلاق جميع الأنفاق الواقعة بالمنطقة الحدودية بين الجانبين، الأمر الذي أدى لإنهاء تلك الظاهرة والقضاء عليها بشكل نهائي.
مصر تكشف معلومات بشأن تمديد الهدنة في غزة
فكرة مستبعدة
ويستبعد المختص في الشأن الإسرائيلي، مصطفى إبراهيم، أن "يقدم الجيش الإسرائيلي على إعادة احتلال المحور"، قائلًا: "لا يمكن أن تفكر إسرائيل بذلك بسبب ارتباط الأمر بملفات دولية وإقليمية شائكة للغاية يصعب التعامل معها بالوقت الحالي".
وأوضح إبراهيم، في حديث لـ"الخليج 365"، أن "إعادة احتلال إسرائيل لهذا المحور يتطلب من حكومة بنيامين نتنياهو التنسيق مع مصر للمرحلة التي تلي عملية الاحتلال، وسيكون لذلك تأثير كبير على طبيعة انتشار الجيش المصري بسيناء".
وأضاف: "هذا الأمر يؤثر بشكل كبير على سيناء، خاصة بعد نجاح الجيش المصري في القضاء على الإرهاب بها، كما أن الجيش المصري أعاد انتشاره منذ الانسحاب الإسرائيلي من المحور بطرق عسكرية مختلفة".
وحسب المختص بالشأن الإسرائيلي، فإن "المخاوف الإسرائيلية من الانتشار في المحور أمنية بالدرجة الأولى وستجعله عرضة أكثر من أي وقت مضى لهجمات من غزة وسيناء، وبالتالي مثل هذه الخطوة تحتاج لترتيبات أمنية".
وتابع: "كما أن مثل هذه الخطوة بحاجة لموافقة الولايات المتحدة التي تعارض وبشدة إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، أو البقاء فيه بعد انقضاء الحرب"، مشددًا على أن إسرائيل تبحث عن ترتيبات خاصة بالمحور دون إعادة احتلاله.
وزاد: "بتقديري لن يكون هناك أي تواجد إسرائيلي بمحور فيلادلفيا، ومصر ستعارض أي خطوة من هذا القبيل، وفي حال قرر الجيش الإسرائيلي احتلال المحور؛ فإن ذلك سيكون بمثابة مخاطرة بالعلاقات مع مصر".