محمد الرخا - دبي - الجمعة 13 أكتوبر 2023 05:05 صباحاً - قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إنه لطالما صور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه صديقًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفي مذكراته التي نشرت خلال الحرب الروسية على أوكرانيا، أشاد نتنياهو، مرارًا وتكرارًا، بالرئيس الروسي لذكائه، وموقفه الودي بشكل خاص" تجاه الشعب اليهودي".
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن بوتين صوّر نفسه أيضًا، طيلة هذه السنوات، كحليف مخلص لدولة إسرائيل، فقد عمل على تعزيز العلاقات الثقافية بين روسيا وإسرائيل، وإلغاء التأشيرات بين البلدين.
ولكن بعد أسوأ هجوم تتعرض له إسرائيل، منذ عقود طويلة، اختفت، على ما يبدو، الصداقة بين الطرفين.. فرغم مرور أكثر من 4 أيام على هجوم حماس المباغت، لم يهاتف بوتين نتنياهو بعد.. ولم ينشر الكرملين أي رسالة تعزية ومواساة لدولة إسرائيل، وفق الصحيفة.
ولفتت إلى أنه في أول تصريحاته حول توغل حركة حماس، قال بوتين إن انفجار العنف بين إسرائيل والفلسطينيين يظهر فشل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وعدم أخذها في الاعتبار احتياجات الفلسطينيين.. ولم يتطرق إلى الوفيات المروعة في صفوف الإسرائيليين.
وقالت "الغارديان" إن التغير الواضح في لهجة بوتين يشير على ما يبدو إلى خلاف أكبر بين البلدين، وقع منذ بداية الحرب في أوكرانيا.. فمنذ سنوات طويلة، سعى بوتين إلى إقامة علاقات وثيقة مع إسرائيل، وفي نفس الوقت دعم القضية الفلسطينية، وهي سياسة تعود في الحقيقة إلى الحقبة السوفيتية.
فلاديمير بوتين لم يشجب الهجوم على إسرائيل.. واكتفى بتوجيه اللوم إلى الدبلوماسية الأمريكية الفاشلة
صحيفة الغارديان
وتابعت: "بدا أن دبلوماسية روسيا الحساسة مع إسرائيل، آتت أكلها عندما رفضت إسرائيل المشاركة في العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.. وعندها اتهمت أوكرانيا إسرائيل بتجاهل معاناة اليهود الأوكرانيين".
واستطردت الصحيفة: "لكن تحت السطح، هناك مؤشرات ودلائل على أن العلاقات الروسية الإسرائيلية تشهد تدهورًا بسبب ادعاءات بوتين بأنه يخوض حربًا ضد "النازية الجديدة" في أوكرانيا، في وقت تتقرب فيه روسيا أكثر فأكثر من إيران، العدو اللدود لإسرائيل".
وأشارت إلى قول كبير حاخامات روسيا في المنفى، بنشاس غولدشميت، إن العلاقة الدافئة التي جمعت بين روسيا وإسرائيل في عهد بوتين، أصيبت بالبرود، "فنحن الآن في عالم مختلف تمامًا.. لطالما حرصت إسرائيل على الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع روسيا بالنظر إلى وجود جالية يهودية كبيرة فيها، إضافة إلى نفوذ موسكو الكبير في سوريا".
وتحدث الحاخام عن شعور عميق بعدم الارتياح لدى يهود روسيا، بعد تشبيه بوتين حكومة أوكرانيا بألمانيا النازية، لتبرير هجومه على أوكرانيا.
انتشال إحدى الجثث بعد القصف الإسرائيلي على غزةأ ف ب
واستعرض تقرير "الغارديان" التوترات التي ظهرت إلى العلن في الصيف الماضي بين روسيا وإسرائيل، عندما اتهم مسؤولون روس إسرائيل بدعم نظام النازيين الجدد في كييف، ثم اشتعل الخلاف مجددًا بعد مزاعم وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، بأن أدولف هتلر لديه دماء يهودية.. وهي التصريحات التي وصفتها إسرائيل بأنها شائنة ولا تغتفر.
وقالت الصحيفة إنه لعل الشيء الأكثر قلقًا لإسرائيل، هو اعتماد موسكو المتزايد على إيران.. روسيا المعزولة عن الأسواق الغربية، بدأت تستثمر بقوة في المسيّرات الانتحارية الإيرانية، والتي اشترت أعدادًا كبيرة منها لاستخدامها في قصف المدن الأوكرانية وإلحاق الدمار بالبنية التحتية هناك.. بموازاة ذلك، حذّرت الولايات المتحدة من سعي إيران للحصول على عدد كبير من المروحيات والمقاتلات وأنظمة الدفاع الروسية.. وبينما تتعهد أمريكا بإرسال المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل بعد هجوم حماس الأخير، يأمل بعض المعلقين السياسيين الموالين للكرملين بأن تستنزف الحرب بين إسرائيل وحماس موارد الغرب تمامًا، بحيث تجعله غير قادر على مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا.
ولفتت إلى أن روسيا سعيدة لمشاهدة الإخفاقات العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية، والتي يمكن اعتبارها دليلًا على الضعف الغربي.
روسيا تكشف حقيقة وجود اتصالات مع أمريكا بشأن حرب غزة
ونقلت عن الخبير العسكري المقرب من القوات الروسية، بوريس روزين، قوله في منشور على "تلغرام": "من الواضح أن قيادة الجيش الإسرائيلي ما تزال تعيش على أمجاد الانتصارات الماضية...".
وفي التلفزيون الرسمي، استهزأ المعلقون الروس بعشرات الآلاف من اليهود الروس الذين غادروا إلى إسرائيل بعد الحرب على أوكرانيا لتجنب "التعبئة العامة".
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: "في المقابل، وضعت أوكرانيا تظلماتها السابقة مع إسرائيل جانبًا، وقررت التحرك لتعبئة الفراغ الناجم في علاقة الصداقة بين تل أبيب وموسكو.. حيث شبه الرئيس الأوكراني هجوم حماس على إسرائيل بغزو روسيا لبلاده، مشددًا في الوقت ذاته على وقوف الشعب الأوكراني إلى جانب إسرائيل".