دول نامية في قبضة مشكلات الديون‎.. كيف تسددها؟

محمد الرخا - دبي - الخميس 5 أكتوبر 2023 07:03 صباحاً - أدى ارتفاع أسعار الفائدة وتنامي رغبة المستثمرين بتجنب المخاطرة والزيادة الكبيرة في الاقتراض خلال السنوات القليلة الماضية إلى دفع عدد من الدول النامية لأزمات ديون كبيرة.

Advertisements

وستكون مساعدة تلك الدول على الخروج من أزمات الديون مسألة أساسية على جدول أعمال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تعقد في مراكش بالمغرب الأسبوع المقبل.

وفيما يلي نظرة على البلدان التي تواجه صعوبات حاليًا.

مصر

لدى أكبر اقتصاد في شمال أفريقيا نحو 100 مليار دولار من الديون بالعملة الصعبة، معظمها مقوَّم بالدولار، ويتعيَّن على مصر سدادها على مدى السنوات الخمس المقبلة. وتنفق الحكومة أكثر من 40 % من إيراداتها على مدفوعات فوائد الديون فقط. وتصل الاحتياجات التمويلية في السنة المالية 2024/2023 إلى نحو 24 مليار دولار.

ولدى القاهرة برنامج مع صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وخفضت قيمة الجنيه بنحو 50 % منذ فبراير/ شباط 2022. لكن خطة للخصخصة بقيمة ملياري دولار لا تزال تسير ببطء، وحادت الحكومة، الشهر الماضي، عن خطة الصندوق بقولها إنها ستبقي أسعار الكهرباء المدعومة دون تغيير حتى كانون الثاني/ يناير.

تونس

تواجه الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، التي مرت بالكثير من الصعاب، منذ ثورة 2011، أزمة اقتصادية شاملة.

وأغلب ديون تونس داخلية، لكن موعد استحقاق سندات دولية بقيمة 500 مليون دولار يحل هذا الشهر. وقالت وكالات تصنيف ائتماني إن تونس ربما تتخلف عن السداد.

وانتقد الرئيس قيس سعيد الشروط المطلوبة للحصول على 1.9 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ووصفها بأنها "إملاءات" لن يخضع لها. كما رفض 127 مليونًا من الاتحاد الأوروبي وقال إن المبلغ قليل جدًا.

وساهم الموسم السياحي في تضييق عجز المعاملات الجارية. وتعهدت السعودية بتقديم قرض ميسَّر بقيمة 400 مليون دولار، ومنحة بقيمة 100 مليون دولار، لكن المواطنين لا يزالون يعانون من نقص مواد غذائية وأدوية مستوردة.

أزمة اقتصادية شاملة في تونسرويترز

لبنان

تخلّف لبنان عن سداد ديونه منذ العام 2020، ولا يوجد سوى القليل من الدلائل على أن مشكلاته في سبيلها للحل قريبًا.

ورحب صندوق النقد، الشهر الماضي، بتغييرات طبقها مصرف لبنان المركزي شملت الإلغاء التدريجي للعمل بمنصة صرف مثيرة للجدل، والحد من التمويل النقدي للحكومة. لكن الصندوق قال إن المزيد من الإصلاحات الأعمق مطلوب في ظل النظرة المستقبلية "الصعبة وغير المستقرة" للبلاد.

وحذَّر الصندوق من أن استمرار الوضع الراهن قد يدفع الدَّين العام ليصل إلى 457% من الناتج الإجمالي المحلي بحلول عام 2027.

إثيوبيا

سددت جائحة كوفيد-19 ضربات قوية لاقتصاد إثيوبيا وزادت من وطأة حرب أهلية استمرت عامين، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، مع خسارة البلاد إمكانية الإعفاء من الرسوم الجمركية في الولايات الأمريكية بسبب اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

وطلبت إثيوبيا إعادة هيكلة للديون، في أوائل 2021، بموجب إطار العمل المشترك لمجموعة العشرين الذي تأسس خلال الجائحة لتسريع وتيرة تلك العمليات.

وفي آب/ أغسطس، سمحت الصين بتعليق جزئي لمدفوعات الديون. وعدلت مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني النظرة المستقبلية لإثيوبيا، الشهر الماضي، إلى مستقرة من سلبية بناء على توقعات بتحقيق تقدم سريع بموجب تلك الآلية.

غانا

تخلّفت غانا عن سداد معظم ديونها الخارجية في نهاية العام الماضي. وهي الدولة الرابعة التي تسعى إلى إعادة العمل بموجب الإطار المشترك في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها في جيل.

وكان تقدمها سريعًا نسبيًا فيما يتعلق بإعادة هيكلة الديون الداخلية و30 مليار دولار من الديون الخارجية، وتمكنت من الحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد بقيمة 3 مليارات دولار في أيار/مايو.

وقال وزير المالية إنه يتوقع أيضًا التوصل إلى اتفاق مع حاملي السندات بحلول نهاية العام. ورغم ذلك نزل محتجون لشوارع أكرا، مؤخرًا، اعتراضًا على ارتفاع تكلفة المعيشة والبطالة والصعوبات الاقتصادية.

كينيا

يقول البنك الدولي إن الدين العام للدولة الواقعة في شرق أفريقيا يبلغ 67.4 % من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعرضها لأزمة ديون محتدمة.

ورشدت حكومة الرئيس وليام روتو الإنفاق واقترحت مجموعة من الزيادات الضريبية، الأمر الذي هدأ بعض المخاوف بشأن تخلف وشيك عن السداد. لكن ارتفاع أسعار النفط أذكى التضخم وفقدت العملة أكثر من 16 % مقابل الدولار هذا العام، ما أثار الشكوك حول القدرة على المضي قُدمًا في تنفيذ الإصلاحات.

وعلى كينيا سداد ملياري دولار من السندات الدولية العام المقبل، وتجري محادثات مع بنك التنمية الأفريقي والبنك الدولي لدعم الموازنة.

باكستان

تحتاج باكستان إلى ما يزيد على 22 مليار دولار لخدمة الدَّين الخارجي ودفع الفواتير الأخرى للسنة المالية 2024.

وتتولَّى حكومة تسيير أعمال المسؤولية حتى الانتخابات التي ستُجرى، في كانون الأول/ يناير. وقد وصلت معدلات التضخم وأسعار الفائدة إلى مستويات ارتفاع تاريخية. كما تبذل البلاد جهودًا مضنية لإعادة الإعمار بعد فيضانات مدمرة شهدتها العام الماضي.

وتوصلت، في حزيران/ يونيو، إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة مع صندوق النقد يتعلق بخطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار، وتلا ذلك تعهد السعودية والإمارات بضخ نقدي بقيمة ملياري دولار ومليار دولار على التوالي.

ويقول مراقبون إن الاحتياطات وصلت، بنهاية أيلول/ سبتمبر، إلى ما يكفي حتى إجراء الانتخابات، لكن هناك شكوكًا حول المدة التي ستتمكن فيها باكستان من تفادي التخلف عن السداد من دون الحصول على الكثير من الدعم.

 سريلانكا

تخلّفت سريلانكا عن سداد ديون دولية، في أيار/ مايو 2022، بعد أن تسببت الجائحة في استنزاف اقتصادها المعتمد على السياحة وحرمته من تدفقات نقدية أساسية لسداد وارادت البلاد من الأغذية والوقود والأدوية.

وأعلنت سريلانكا خطة لإصلاح الديون، في نهاية حزيران/ يونيو، وتواصل إحراز تقدم منذ ذلك الحين لكن ليس في كل بنود الخطة.

واستمرت خلافات بين الأحزاب بشأن القدر الذي يجب أن تتحمله البنوك المحلية والمستثمرون في كيانات مملوكة للدولة. وقد تتأخر الدفعة المقبلة من حزمة إنقاذ بقيمة 2.9 مليار دولار من صندوق النقد بسبب تراجع محتمل في إيرادات الحكومة.

الحرب ألقت بظلالها على الاقتصاد الأوكرانيرويترز

أوكرانيا

جمَّدت أوكرانيا مدفوعات الديون في أعقاب الغزو الروسي، العام الماضي، وقالت إنها من المرجح أن تقرر، في أوائل العام المقبل، ما إذا كانت ستسعى لتمديد الاتفاق المتعلق بالمدفوعات أو تبدأ النظر في بدائل أخرى أكثر تعقيدًا.

وتقدّر المؤسسات الكبرى أن تكلفة إعادة البناء بعد الحرب ستبلغ تريليون يورو على الأقل.

ويقدّر صندوق النقد أن أوكرانيا تحتاج إلى ما بين 3 و 4 مليارات دولار شهريًا لمواصلة تسيير شؤونها.

ومؤخرًا أظهر الاقتصاد مؤشرات على التعافي مع تباطؤ التضخم وتحسن ثقة الشركات. لكن التحولات السياسية خارج أوكرانيا - بما في ذلك الولايات المتحدة - ألقت بظلال من الشك على مدى استمرارية الدعم الدولي.

زامبيا

كانت زامبيا أول دولة أفريقية تتخلف عن السداد خلال جائحة كوفيد-19. والتأخير الذي منيت به خطط إعادة الهيكلة على مدى سنوات جعلها مثالاً للمشكلات التي تشوب إطار العمل المشترك.

وبدا أن خطة إصلاح أصبحت وشيكة أخيرًا بعد أن توصلت زامبيا، في حزيران/ يونيو، إلى اتفاق لإعادة هيكلة ديون بقيمة 6.3 مليار دولار مع الدول الدائنة في "نادي باريس" ومع الصين التي حصلت منها أيضًا على قروض ضخمة. ومن المتوقع أن تضع زامبيا اللمسات النهائية على مذكرة ديون بنهاية العام.