ليبيا.. ربع قرن على وجود تشققات في سدّي درنة المنهارين

محمد الرخا - دبي - الأحد 17 سبتمبر 2023 12:01 صباحاً - رصدت قبل ربع قرن من الزمان، وتحديدًا في العام 1998، أولى التشققات في السدّين اللذين انهارا في درنة وتسببا بفيضانات قاتلة في شرق ليبيا، ولم يتم إصلاحها، وفقاً لتقارير ودراسات عديدة.

Advertisements

وأَهملت السلطات المتعاقبة منذ العام 2011 هذه المنشآت المبنية في وادٍ يحمل الاسم نفسه، كغيرها في كل أنحاء البلاد، بعدما كانت شهدت إهمالاً أيضاً في ظل حكم الرئيس الراحل معمر القذافي، خلال الفترة الواقعة بين الأعوام (1969-2011).

وضربت العاصفة "دانيال"، يوم الأحد الماضي، مناطق عدة في الشرق الليبي، خصوصاً مدينة درنة، مسبّبةً فيضانات واسعة.

منظر جوي للدمار في مدينة درنة الليبية بعد عاصفة "دانيال"أ ف ب

وتحت ضغط الأمطار الغزيرة، انهار السد الأول، وهو سد "أبو منصور" بسعة 22,5 مليون متر مكعب والواقع على بعد 13 كيلومتراً من درنة، فتدفقت منه أنهار من المياه.

واجتاحت المياه السد الثاني وهو سد "البلاد" بسعة 1,5 مليون متر مكعب، ويقع على بعد كيلومتر واحد فقط من المدينة الساحلية.

وقلّص قرب السد من المدينة فرص تبعثر المياه قبل وصولها إليها، فاجتاحت السيول العنيفة الجارفة درنة.

تشقّقات

وبنت شركة يوغوسلافية السدّين في سبعينات القرن الماضي، وأعلن النائب العام الليبي الصديق الصور أنهما "صمّما بالأساس لحماية المدينة من الفيضانات وليس لحجز مياه الأمطار"، مؤكداً، ليل الجمعة السبت، فتح تحقيق في ملابسات الكارثة.

وقبل بناء السدين، شهدت درنة فيضانات كبرى عدة ناجمة عن فيضان الوادي، لا سيما في أعوام 1941 و1959 و1968.

أعمال الإغاثة في مدينة درنة الليبية في أعقاب الفيضانات المدمرةأ ف ب

وأكد النائب العام أن إدارة السدود في ليبيا أُبلغت في العام 1998 بظهور أولى التشققات في المنشأتين.

وبعد ذلك بعامين، كلفت السلطات شركة استشارية إيطالية بتقييم الأضرار التي لحقت بالسدين، وأكدت وجود تشققات، وأوصت حتى ببناء سد ثالث لحماية المدينة، بحسب النائب العام الليبي.

مماطلة

وفي العام 2007، عهد الرئيس الراحل معمر القذافي بأعمال الإصلاح إلى شركة تركية، وبسبب عدم توفير الأموال بدأت الشركة أعمالها في شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام 2010، قبل أن تتوقف بعد أقل من 5 أشهر، في أعقاب ثورة 2011.

آثار الفيضانات التي سببتها العاصفة دانيال في مدينة سوسة شرق ليبياأ ف ب

ومنذ ذلك الحين، خُصّصت ميزانية كل عام لإصلاح السدين، لكن لم تباشر أي من الحكومات المتعاقبة العمل.

ويشير ديوان المحاسبة الليبي، في تقرير عام 2021، إلى "مماطلة" الوزارة المعنية في استئناف العمل في السدّين.

تحذير

وفي دراسة أجريت في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، حذر المهندس والأكاديمي الليبي عبد الونيس عاشور من "كارثة" تهدد درنة، إذا لم تبادر السلطات إلى صيانة السدين.

ورغم التحذير، لم تنفّذ أي أعمال صيانة رغم أن ليبيا تمتلك احتياطيات النفط الأكبر في إفريقيا، ولا تشكو من نقص التمويل في ميزانيتها.

آثار الفيضانات التي سببتها عاصفة "دانيال" في مدينة درنة شرق ليبياأ ف ب

واعتبر أمين عام المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، بيتيري تالاس، أنه "كان من الممكن تجنب سقوط معظم الضحايا"، مشيراً إلى الفوضى التي أنتجت غياب الاستقرار السياسي، الذي تُعاني منه ليبيا منذُ سنوات.