بطابع طائفي.. نزاع عقاري في أعالي لبنان

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 4 يوليو 2023 12:01 صباحاً - دقت أحداث شهدتها منطقة "القرنة السوداء" في أعالي شمال لبنان جرس الإنذار من مغبة تداعيات تتجاوز النزاع العقاري إلى آخر طائفي بين منطقتي بشري ذات الغالبية المارونية، والضنية ذات الغالبية السنية.

Advertisements

وتعالت الأصوات الداعية إلى التهدئة في المنطقة بعد مقتل شخصين من عائلة طوق من بشري، وإلى الإسراع في التحقيق لكشف الفاعلين، قبل انفلات الأمور لتصل إلى ثأر طائفي دموي.

منطقة "القرنة السوداء"متداولة

واليوم الإثنين، شيعت بشري الضحيتين، وهما هيثم ومالك طوق، وسط أجواء من الحزن والغضب وانتشار كثيف لرجال الأمن، وتسيير دوريات للجيش اللبناني.

وقال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي ترأس جناز الضحيتين، إنه "لو قام القضاء بعمله لما كنا وصلنا اليوم إلى مأساة القرنة السوداء ".

وأعرب عن قلقه من "أن يستمر القضاء بتخاذله فيفلت المجرمون من يد العدالة، وسيشرع ذلك الأبواب لشريعة الغاب"، مطالبًا بالعدالة في ترسيم الحدود، وإنهاء هذه المسألة الشائكة.

ويعود النزاع العقاري بين منطقتي بشري والضنية إلى عشرات السنين، ويطل برأسه في مواسم الصيف، مع ازدياد الحاجة إلى المياه التي يخزنها جوف الأرض في هذه المنطقة الجردية الغنية بالمياه.

ويعتبر أبناء بشري أن مصادر المياه تقع في أرضهم، فيما يعتبر أبناء الضنية أنها تقع في نطاقهم العقاري، وشهدت منطقة مصادر المياه نزاعات أكثر من مرة، استدعت تدخلات قضائية، لكن المسار القضائي العقاري لم يصل إلى نهاية.

وأدت الأحداث التي شهدتها منطقة "القرنة السوداء" إلى الأمر بإعلانها منطقة عسكرية بعهدة الجيش اللبناني، كما يبدو أن الاتجاه إلى ترسيم جغرافي للمنطقة قد وُضع على السكة.

اغتُصبت حتى الموت.. وفاة "لين طالب" تهز لبنان

وفي سياق مُتصل، ناقش اجتماع طارئ لمجلس الأمن الفرعي في الشمال اقتراحات عدة لحل النزاع القائم بين بشري والضنية، حيثُ رفع خلاله المجتمعون اقتراح قانون إلى مجلس الوزراء بإنشاء محمية طبيعية في القرنة السوداء، وتحديد الانتفاع بالري من قبل الوزارات المختصة.

منطقة "القرنة السوداء"متداولة

وطالب المجتمعون وزارة الطاقة بإنشاء برك للمياه في المنطقة المتنازع عليها، ومن وزارة العدل الإسراع بالبت في النزاع القضائي حول ملكية الأراضي، والإحالة إلى مجلس الوزراء لاعتبار منطقة القرنة السوداء ومحيطها منطقة تدريب عسكرية.

والنزاع العقاري ذو الطابع الطائفي لا يقتصر على منطقتي بشري والضنية، بل تشهده أكثر من منطقة لبنانية، تتداخل حدودها العقارية وتتعقد، لتضيف أسبابا وأساليب جديدة على أشكال النزاعات اللبنانية الكثيرة.