هل تتخطى تونس أزمتها الاقتصادية وتتجنب الإفلاس؟

محمد الرخا - دبي - الخميس 29 يونيو 2023 07:01 مساءً - سلط تقرير نشرته وكالة "رويترز"، اليوم الخميس، على الأزمة المالية الشاملة التي تواجهها تونس والتي من المحتمل أن تزعزع استقرار البلاد مع آثار غير مباشرة قد يتردد صداها في منطقة وسط البحر المتوسط.

Advertisements

واستعرض التقرير أسباب الأزمة الاقتصادية والصعوبات التي تواجهها للحصول على إنقاذ أجنبي، وإلى أين يمكن أن تتجه الأمور.

حالة فوضى

تعرّض الاقتصاد التونسي لضربات متكررة منذ اندلاع الثورة عام 2011.

وألحقت هجمات دامية لمتشددين عام 2015 أضرارًا بالغة بقطاع السياحة الحيوي، فيما تسبّبت جائحة كورونا في 2020 بانكماش اقتصادي بلغ 8.8 %، كما دمّر الجفاف الزراعة مما أدى إلى تفاقم العجز التجاري.

واستمرت الائتلافات الحاكمة الهشة على مدى عقدين في تجنب اتخاذ قرارات صعبة.

ويرى محللون، أن تلك الائتلافات فشلت في التعامل مع مصالح تجارية قوية أعاقت المنافسة، كما أنها لجأت إلى زيادة التوظيف في الشركات الحكومية لمعالجة مشكلة البطالة، إذ تلك الشركات غير مربحة.

وعلّق صندوق النقد الدولي على أن فاتورة أجور الدولة عام 2011 بالقول: إنها من بين أعلى المعدلات في العالم، إذ تبلغ نحو 18 % من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يمثل الدعم 8 % من الناتج المحلي الإجمالي، وتمثل ديون الشركات الحكومية الخاسرة 40 % منه.

ووصل عجز الموازنة العام الماضي إلى 10 % من الناتج المحلي الإجمالي، فيما بلغت ديون الدولة 77 % منه. ومن المتوقع أن تبلغ احتياجات الاقتراض الخارجي لهذا العام أكثر من 5 مليارات دولار.

المخاطر الآنية

ويؤشراختفاء سلع أساسية مدعومة وأدوية من المتاجر بشكل دوري على تداعي الاقتصاد، ما يشير إلى مشاكل في تمويل الواردات، إذ تأخر صرف أجور بعض موظفي الدولة العام الماضي.

والمدة التي يمكن أن تصمد فيها تونس متروكة للتوقعات، ومعظم ديون الدولة مستحقة للبنوك التونسية، لكن الفرصة ضئيلة لإقراض الحكومة مزيدًا من الدينارات.

وقد تؤدي طباعة النقود، لسداد الديون المستحقة للبنوك المحلية أو الوفاء بالتزامات أخرى إلى تقويض العملة التونسية مما قد يؤدي إلى تفاقم جميع المشاكل الأخرى.

وخفّضت وكالة "فيتش" التصنيف الائتماني لتونس التي يجب أن تسدّد أقساطا كبيرة في وقت لاحق من هذا العام.

وتضاءل احتياطي العملات الأجنبية بنحو الربع، وهو ما يكفي لتغطية نفقات الواردات لمدة 91 يوما، مقارنة مع 123 يوما قبل عام.

والنقطتان الوحيدتان المضيئتان هما تعافي قطاع السياحة ليُدر مزيدًا من العملة الصعبة على البلاد، وانخفاض أسعار الطاقة العالمية مقارنة بالعام الماضي لتنخفض فاتورة الوقود المتوقعة.

خطة الإنقاذ المقترحة

أجرت الحكومة التونسية مفاوضات للتوصل إلى اتفاق مبدئي للحصول على قرض قيمته 1.9 مليار دولار من صندوق النقد في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكن المحادثات لوضع اللمسات النهائية توقفت منذ أشهر.

ويستند الاتفاق إلى التزامات بوضع أسس أكثر استدامة للنهوض بالشؤون المالية التونسية وطمأنة المانحين بإمكانية سداد القروض، إلى جانب الإصلاحات التي تهدف إلى تنمية الاقتصاد.

واقترحت الحكومة التونسية توسيع القاعدة الضريبية وتنفيذ سياسات تستهدف مساعدة الفقراء لتحل محل الدعم الباهظ للوقود والغذاء، وإعادة هيكلة الشركات الخاسرة المملوكة للدولة.

ما هي العراقيل؟

استأثر الرئيس قيس سعيد بسلطات واسعة بعد تجميد البرلمان قبل عامين وحلّه في 2022، وعارض مقترحات حكومته واصفا إياها بإملاءات من صندوق النقد.

لن يحظى قرار إلغاء الدعم بشعبية كبيرة وقال سعيد إنه يخشى تكرر الاضطرابات التي سقط فيها قتلى في الثمانينيات بسبب ارتفاع أسعار الخبز، وهي أحداث تُعرف بانتفاضة الخبز.

ويرفض الاتحاد العام التونسي للشغل القوي، الذي يقول إنه يضم مليون عضو، ويمكنه عرقلة الاقتصاد من خلال الإضرابات، خفض الدعم أو خصخصة الشركات المملوكة للدولة.

ولا يمكن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد دون موافقة سعيد، ويريده المانحون أن يوافق عليه علنا لمنع تونس من محاولة التراجع عن الإصلاحات المتفق عليها بعد منحها الأموال.

وقال مسؤولون حكوميون إن تونس تحاول التفاوض على اتفاق معدل لا يشمل خفض الدعم، لكن ذلك قد يستغرق وقتا طويلا وقد تواجه البلاد صعوبة في إقناع المانحين بزيادة المساعدات.

يقول مانحون من الغرب ودول الخليج حتى الآن إن تقديم مساعدات ثنائية كبيرة يعتمد على إتمام تونس لاتفاق صندوق النقد.

ومع هذا، تخشى الدول الأوروبية، لا سيما إيطاليا، أن يؤدي انهيار الاقتصاد التونسي إلى تبعات منها تصاعد موجة الهجرة وظهور تهديدات جديدة من متشددين.

وعرض الاتحاد الأوروبي دعمًا بنحو مليار يورو، لكن يبدو أن معظمه مرتبط باتفاق صندوق النقد، أو إصلاحات اقتصادية أخرى غير محددة.

وقد يتوفر حافز وقدرة على التدخل لدى جارتي تونس المصدرتين للنفط، الجزائر وليبيا، لكن ليس من الواضح على الإطلاق مقدار ما يمكن أن يقدمه أي منهما.

ويترك ذلك تونس تعتمد على منح أصغر بكثير للمساعدة في تغطية واردات معينة أو مشاريع تنموية، أو غير ذلك من المشكلات الملحة بمبالغ أقل بكثير من متطلبات الموازنة الإجمالية.