محمد الرخا - دبي - الأحد 30 يونيو 2024 06:03 مساءً - أحمد عبد
ما زالت ستة آلاف عائلة من أهالي جرف الصخر، كلهم من أبناء "السنّة"، يئنون من قسوة مخيمات النزوح، رغم مرور عشر سنين على تحرير مدينتهم من تنظيم "داعش" الذي سيطر عليها لأقل من شهرين فقط، قبل أن يفر منها، لتحل محله الفصائل المسلحة التابعة للحشد الشعبي.
وشكّل قرار الحكومة العراقية القاضي بإغلاق مخيمات النازحين، في مدة أقصاها 30 يوليو/ تموز 2024، صدمة كبيرة للنازحين من أهالي منطقة جرف الصخر، التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة، وتمنع الأهالي من العودة إلى مناطق سكناهم.
وتقع ناحية جرف الصخر شمالي محافظة بابل، وتبعد (60 كم جنوب غرب بغداد)، و (13 كم شمال مدينة المسيب)، يقطنها ما يقارب 140 ألف نسمة، كلهم من العرب "السنّة". وللناحية أهمية جغرافية؛ فهي تربط محافظة الأنبار وبغداد بالمحافظات الوسطى والجنوبية.
تقطن غالبية العوائل النازحة من جرف الصخر مخيم ""بزيبز" الواقع غربي العاصمة بغداد، في حين يتوزع آخرون ضمن مخيمات محافظة السليمانية، وبعضهم في محافظة الأنبار.
ويعد ملف نازحي جرف الصخر، التي تم تحويل اسمها إلى "جرف النصر" بعد طرد داعش منها في آب عام 2014، من أعقد الملفات التي تواجهها الحكومة العراقية، إذ عجزت الحكومات منذ حكومة حيدر العبادي مروراً بعادل عبد المهدي والكاظمي، وصولاً إلى رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، من الدخول حتى إلى منطقة جرف الصخر.
وتؤكد مصادر حكومية عديدة أن الفصائل المسلحة حرمت على أية جهة حكومية الدخول إلى جرف الصخر والتجوال فيها، في حين تمنع تلك الفصائل الأهالي من العودة إلى مناطقهم بحجة المؤشرات الأمنية، وأن المنطقة كانت فيها "معسكرات للتنظيمات الإرهابية"، بحسب تلك الفصائل وقياداتها.
وبحسب المهجرين من أهالي جرف الصخر من القاطنين في مخيم "بزيبز"، فإن المخيم بات يفتقر لأبسط مقومات العيش، ويقول الحاج أبو محمد الجنابي، أحد سكان المخيم: "بتنا نعيش في كابوس مطبق، فلا ماء ولا كهرباء وكأننا منسيون في هذا العالم".
وأضاف، لـ "الخليج الان"، أن "هذه القساوة التي عانينا منها على مدى عشرة أعوام مضت ستخلق من أطفالنا جيلاً يكره كل شي في هذه البلاد، خصوصاً أن غالبيتهم كبروا ووعوا في هذا المخيم، وهم ينظرون إلى العالم الخارجي ورفاهية العيش لأقرانهم، في حين يحرمون هم حتى من أبسط حقوقهم بالعودة إلى منازلهم التي ولدوا فيها".
النائب السابق والقيادي السني، نواف الغريري، أكد ضرورة إعادة نازحي جرف الصخر إلى مناطقهم، وإعادة الإدارة المحلية للناحية لتكون حلقة وصل بين الحكومة وأهالي المنطقة.
وقال، لـ"الخليج الان"، إن "هناك من يعمل على إجراء تغيير ديموغرافي في جرف الصخر، وهذا ما لا نتمناه اليوم؛ لأن ذلك سيعمل على دق إسفين الفرقة بين أبناء المنطقة، وتغيير طبيعتها العامة".
وكانت وزيرة الهجرة والمهجرين، إيفان فائق، تعهدت في كانون الأول 2022 بإعادة نازحي منطقة جرف الصخر في محافظة بابل خلال ستة أشهر، داعية حينها إلى ضرورة النأي بملف النازحين عن المزايدات السياسية وعدم استخدام هذه القضية الإنسانية في الدعاية الشخصية، خصوصاً فيما يتعلق بملف النازحين بالعويسات وبزيبز وجرف الصخر، بحسب فائق.
يقول الناشط المدني، عمر الكبيسي، لـ "الخليج الان"، إن "من يزور مخيم (بزيبز) سيرى ما لم تره عيناه من قبل، من ألم ومعاناة لمئات العوائل، خصوصاً الرضع والأطفال والنساء الذين لم يحتملوا حرارة صيف البلاد التي تجاوزت 50 درجة مئوية، فيتعرضون لحالات إغماء وانهيار".
وبعد مرور عامين تقريباً على تصريحات وزيرة الهجرة، لا يزال نازحو جرف الصخر مشتتين في مخيمات النزوح، خاصة "بزيبز" الذي تقطنه أكثر من ألف عائلة، وهم يطالبون الحكومة الآن بالتراجع عن قرار غلق المخيم، أو إعادتهم إلى مناطق سكناهم في الجرف.