الارشيف / عرب وعالم

سفيرة أمريكا المرشحة للعراق تثير غضب أذرع إيران في بغداد

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 18 يونيو 2024 08:17 مساءً - أحمد عبد

أثارت تصريحات المرشحة لمنصب سفيرة واشنطن في بغداد، تريسي آن جاكوبسون، بشأن أذرع إيران في العراق، انقساما في الشارع السياسي والشعبي، ما بين مؤيد لتوجهاتها حول مواجهة طهران ونفوذها في البلاد، وبين معارض لتلك التصريحات، معتبرين بأنها "تدخل غير مقبول في الشأن الداخلي".

وكانت جاكوبسون، قد قالت في كلمة افتتاحية أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية، إن تعزيز التنمية والاقتصاد العراقي سوف "يقلل من جذب الإرهاب ونفوذ الميليشيات المتحالفة مع إيران والتي تشكل خطراً كبيراً على مستقبل البلاد".

ووصفت إيران بـ"ممثل خبيث في ‎العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تدرك أن التهديد الرئيسي للعراق، هو من المليشيات المتحالفة مع إيران.

أخبار ذات صلة

قبيل الانتخابات.. وزير خارجية إيران يزور بغداد

خطر كبير على العراق

وأضافت أن "الميليشيات المدعومة من إيران تشكل خطراً كبيراً على استقرار العراق، وسنعمل بكل الوسائل السياسية المتاحة للتصدي لهذا التهديد وتحجيم النفوذ الإيراني"، على حد قولها.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، أعلن في 26 كانون الثاني 2024 نيته ترشيح تريسي آن جاكوبسون، لمنصب سفيرة "فوق العادة" ومفوضة للولايات المتحدة الأمريكية لدى جمهورية العراق، بدلا من إلينا رومانسكي.

ويعد منصب سفير "فوق العادة"، المرتبة الدبلوماسية الأعلى في مراتب السفراء، تُـمنح عادةً لشخص مكلف بمهامَّ خاصة لبلده لدى بلدان أخرى أو منظمات دولية، وتمكنه غالباً من إمكانيات استثنائية لأداء مهمته.

ويمتلك السفير "فوق العادة" صلاحيات أوسع من السفراء العاديين، فله مساحة في اتخاذ بعض القرارات غير السيادية حتى دون الرجوع للمركز، وبما يراه مناسباً.

وصاية إيرانية على العراق

ويرى الكاتب والمعارض السياسي رافع الزبيدي، أن تصريحات، تريسي آن جاكوبسون، نابعة من "فهمها للواقع الأمني الحقيقي للعراق وليست معتمدة على الدبلوماسية في هذه التصريحات"، مشيرا إلى أن "النظام الإيراني فرض وصايته على العراق بشكل خاص وبعض دول المنطقة بشكل عام، وهو يتحكم بمقدرات البلاد عبر وكلائه والمليشيات الموالية له".

وأضاف، في حديث لـ "الخليج الان"، أن "الولايات المتحدة الأمريكية تتجنب الصدام بشكل مباشر مع إيران أو وكلائها في العراق؛ لأسباب تتعلق بسياستها في المنطقة، رغم أنها تعلم جيداً أن المليشيات الموالية لإيران هي من ثبّطت التجربة الأمريكية في العراق وشوهت النموذج الديمقراطي الذي أرادت رسمه عبر تغيير النظام السابق وخلق نموذج يحتذى به في المنطقة".

وأكد أن "تصريحات المرشحة للسفارة الأمريكية هي عين الصواب، وأول تصريح جريء من سفير أمريكي في بغداد لتشخيص الحالة العراقية وعقباتها".

وفي سياق دعم العراق، أكدت جاكوبسون في كلمتها التزامها بـ "تعزيز القطاعات الحيوية مثل الطاقة والمصارف، بهدف تحقيق استقلالية العراق وحمايته من التدخلات الخارجية، وربطه بالنظام العالمي لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي"، في إشارة واضحة إلى الخروقات وتورط بعض المصارف العراقية بتحويل العملة الأجنبية "الدولار" إلى إيران.

أخبار ذات صلة

العراق.. الاعتداء على ناشطة بعد حديثها عن المليشيات في مقابلة تلفزيونية

عدم فهم للعراق

لكن مستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية خالد اليعقوبي، اعتبر تصريحات، جاكوبسون، تدخلاً في شؤون العراق وإساءة لجيرانه، وقال عبر منصة "إكس"، إن تصريحات المرشحة لموقع سفيرة الولايات المتحدة في العراق "فيها عدم فهم واضح للعراق الجديد المتعافي وتدخل في شؤونه الداخلية والإساءة إلى جيرانه".

ودعا، مستشار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تريسي آن جاكوبسون، إلى أن "تعي حقيقة واضحة أن جملة مما تحدثت به لا يتناسب ومهام عملها الجديد، وأن مهمتها المرتقبة محددة بالاتفاقات والمعاهدات الدولية الواضحة، ونتطلع إلى أداء يعزز العلاقة الجيدة بين البلدين، خصوصا وأننا مقبلون على علاقات ثنائية تصون التضحيات العظيمة التي قدمت للانتصار على الإرهاب".

من جانبه، قال المحلل السياسي حيدر البدري، إن "طهران صدّرت (ولاية الفقيه) إلى العراق، ووسمت حكومته بالحكومة الشيعية، التي سيطرت عليها الفصائل المسلحة والمليشيات، وجعلتها حكومة ضعيفة لا تقدر على مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية".

وأشار، في حديث لـ"الخليج الان"، إلى أن "فيلق القدس يعُدُّ الميليشيات العراقية الموالية له يدَه الضاربة في الصراع الأمريكي الإيراني، وكل هذا يؤثر على السياسة الداخلية والخارجية للعراق بشكل خاص".

واستعرضت، تريسي جاكوبسون، قائمة المهام التي ستعمل عليها في العراق، فيما تحدثت عن "انتقال بدور الجيش الأمريكي في العراق" لترتيب أمني ثنائي آخر، وقالت إنه "إذا تم تأكيد تعييني، ستكون أولوياتي القصوى حماية المواطنين الأمريكيين، وتعزيز شراكتنا الثنائية لدعم استراتيجياتنا ومصالحنا المشتركة".

تصريحات وقحة

تصريحات، تريسي جاكوبسون، ولا سيما ما يخص حديثها عن المليشيات، أثار حفيظة الكتل السياسية الموالية لإيران والتي تمتلك أجنحة عسكرية، مثل كتلة صادقون وجناحها العسكري عصائب أهل الحق، وكتلة حقوق وجناحها العسكري كتائب حزب الله، وكتلة بدر وغيرها من الأحزاب السياسية الفاعلة على الساحة العراقية الرسمية.

ووصفت كتلة "صادقون" وعلى لسان النائب في البرلمان العراقي، حسن سالم، تصريحات، جاكوسبون، بـ"الوقحة"، واعتبرتها "تدخلاً سافراً في الشؤون العراقية الداخلية، كعادة الولايات المتحدة في هذا المجال".

وأضاف، لـ "الخليج الان"، أن "التدخلات الأمريكية في الشأن العراقي وصلت مراحل لا يمكن السكوت عنها، وكأنها تريد نزع إرادة الأحزاب العراقية وفرض الوصايا عليها في التعاملات كافة، فهي تريد التدخل حتى في طبيعة القوانين التي نريد تشريعها داخل البرلمان، لكننا لم ولن نسمح لأحد بفرض وصايته علينا".

وأشار، سالم إلى أن "تصريحات المرشحة لمنصب السفير في العراق لن تزعزع علاقتنا بدول الجوار، فنحن من نحدد علاقاتنا الخارجية ولا يمكن لأحد فرض إرادته علينا في هذا المجال، وأن يحدد لنا مع من نتعامل ومن نقاطع".

قائمة الحركات الإرهابية

وتأتي تصريحات، تريسي جاكوبسون، متزامنة مع توسيع الخارجية الأمريكية قائمة الحركات الإرهابية، بإعلانها إدراج حركة "أنصار الله الأوفياء العراقية" وأمينها العام كـ"حركة إرهابية".

وقالت الخارجية الأمريكية، في بيان لها، اطلعت عليه "الخليج الان"، إن "حركة أنصار الله الأوفياء مليشيا متحالفة مع إيران وتمثل جزءا من المقاومة الإسلامية في العراق"، وأضاف أن واشنطن "متلزمة بإضعاف وتعطيل قدرة الجماعات المدعومة من إيران على شن هجمات إرهابية، وباستخدام جميع الأدوات المتاحة لمواجهة دعم إيران للإرهاب".

كتلة بدر النيابية، وهي الجناح السياسي لقوات بدر، المجاميع المسلحة الأقرب إلى إيران، طالبت بإخراج القوات الأمريكية من العراق، في ردها على تصريحات، جاكوبسون.

أخبار ذات صلة

العراق.. اعتقال مسؤول حركة دينية "متطرفة" قتل شخصين ليقدمهما "قرباناً" (صورة)

تصريحات مخالفة للأعراف

وقال نائب رئيس الكتلة وليد السهلاني، إن تصريحات "مرشحة السفارة الأمريكية في العراق مخالفة للأعراف الدبلوماسية، خصوصاً انها سفيرة الاحتلال الذي يجمع الوطنيين والشعب على إخراج قواته من ارض البلاد، والإبقاء على البعثات الدبلوماسية التي يمكن أن تتعامل وفق احترام سيادة البلاد لا وصيةً عليه".

وتحدثت، جاكوبسون، عن مخيم الهول شمال شرقي سوريا، الذي يضم الآلاف من مقاتلي داعش الإرهابي وعائلاته، حيث قالت، إن "مخيم الهول يمكن أن يكون ساحة تجنيد للإرهاب"، وإذا تم تأكيد ذلك فإنها ستعمل على إغلاق المخيم وإحضار النساء والأطفال "بوتيرة أسرع إلى العراق لإعادة التأهيل وإعادة الإدماج".

ووصف النائب في البرلمان العراقي مصطفى سند، السفيرة تريسي جاكوبسون، بـ "رئيس الوزراء والحاكم الفعلي"، وقال، لـ"الخليج الان"، إن هذه التصريحات لا تصدر من سفيرة حسب القانون الدولي والسلك الدبلوماسي.

وأضاف قائلا: "بل كأنها رئيس وزراء وحاكم فعلي للبلاد"، متسائلا، "كيف لها أن تتعهد بتقييد الشركات الصينية وفرض عقوبات مصرفية جديدة ومحاربة الحشد الشعبي، وتتدخل بكل مفاصل الخدمات من نفط، وغاز، وكهرباء، وبنى تحتية".

Advertisements