محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 18 يونيو 2024 12:07 صباحاً - قالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن الفيضانات الكارثية التي ضربت بقوة، ولاية ريو غراندي دو سول المزدهرة، تشكل تحديا للاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن البرازيل محصنة ضد الكوارث الطبيعية الشديدة.
ودمرت الأمطار المستمرة منذ أسابيع المنطقة الجنوبية من البرازيل، وأودت فيضانات بحياة 175 شخصًا وأجبرت 650 ألف شخص على الإجلاء، وهو أكبر نزوح في تاريخ البلاد.
وأشارت إلى أن مجتمع ماريانتي، وهو مجتمع مزدهر من المزارعين والتجار على طول نهر تاكواري، تحول إلى أنقاض.
وجرفت منازل البلدة البالغ عددها 600 منزل في أيام، كجزء من الدمار الأوسع الذي اجتاح العديد من البلدات في جميع أنحاء الولاية. وغمرت مياه الفيضانات، التي وصفت بأنها غير مسبوقة، العاصمة بورتو أليغري، وعطلت العمليات في مطارها الدولي. وأثارت شدة الفيضانات إنذارات بشأن التأثير المتصاعد لتغير المناخ.
آثار الدمار الذي خلفته الأمطار الغزيرة والمتواصلةرويترز
وقالت جويس دا سيلفا، التي تعيش الآن مع جيرانها في صالة للألعاب الرياضية على بعد أميال من ماريانتي: "لا يمكننا العودة". وروت كيف أن ابنها الصغير غير قادر على فهم حجم الدمار، يواصل طلب العودة إلى المنزل لألعابه؛ فمنزلهم، مثل كثيرين آخرين، لم يعد موجودا.
آثار الدمار الذي خلفته الأمطار الغزيرة والمتواصلةرويترز
وعدّت البرازيل نفسها تاريخياً "دولة مباركة"، خالية من الكوارث الطبيعية المتكررة التي تصيب الدول الأخرى، ومع ذلك، فإن هذا التصور يتغير بسرعة مع تزايد شيوع الظواهر الجوية المتطرفة.
قبل أشهر قليلة من الفيضانات، شهدت أجزاء من منطقة الأمازون أسوأ موجة جفاف منذ قرن. والآن تسببت الفيضانات في الجنوب بنزوح عدد أكبر من الناس مقارنة بأي فيضان في الأمريكيتين منذ 14 عاماً.
بدوره، حشد الرئيس لويز إيناسيو لولا دا سيلفا القوات المسلحة للمساعدة في عمليات الإنقاذ، في حين تشير تقديرات سلطات الولاية، بمن في ذلك حاكم ريو غراندي دو سول إدواردو ليتي، إلى أن جهود التعافي وإعادة البناء قد تكلف ما يصل إلى 20 مليار دولار، لا سيما أن مياه الفيضانات خلفت وراءها دمارًا: سيارات مقلوبة، ومعدات زراعية مكسورة، وجبالا من الحطام.
ووفقا للأمم المتحدة، ستشمل عملية التنظيف التخلص من حوالي 47 مليون طن من القمامة، وكذلك تمتد خسائر الفيضانات إلى ما هو أبعد من الأضرار المادية، التأثير النفسي العميق، خصوصا على الأطفال.
وأفاد علماء النفس المتطوعون بأن المطر المستمر يخيف هؤلاء الأطفال؛ مما يؤدي إلى تفاقم الصدمة التي يعانون منها.
كما تواجه السلطات مهمة شاقة تتمثل في نقل مجتمعات بأكملها إلى مناطق مرتفعة لمنع وقوع كوارث في المستقبل. ويعزو العلماء هطول الأمطار الغزيرة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، ما يزيد من محتوى الرطوبة في الغلاف الجوي، ويؤدي إلى هطول أمطار غزيرة.
وأكد كارلوس نوبري، خبير المناخ البرازيلي، أن ظاهرة الاحتباس الحراري أدت إلى تفاقم أنماط الطقس في المنطقة، مع عواقب وخيمة، مبينا أن مستقبل العديد من المدن لا يزال غير مؤكد.
وفي موكوم، وهي بلدة أعيد بناؤها بالفعل من الفيضانات السابقة، يخشى عمدة المدينة ماتيوس تروجان من أن يؤدي الدمار المستمر إلى نزوح جماعي، مما قد يؤدي إلى سقوط المدينة في براثن الفقر.
وفي المقابل، يرفض بعض السكان، مثل فالمير كوتو، ترك منازلهم، رغم المخاطر، وعندما عاد هو وزوجته إلى منزلهما الذي غمرته المياه لإنقاذ ممتلكاتهما، أعرب كوتو عن مشاعر رددها الكثيرون: "لا أستطيع أن أرى نفسي أعيش في أي مكان آخر".
وختمت الصحيفة بالقول إن الأزمة في ريو غراندي دو سول تذكير صارخ بالتهديد المتزايد المتمثل في تغير المناخ، والحاجة الملحة إلى بنية تحتية مرنة، والتأهب لمواجهة الكوارث.