الارشيف / عرب وعالم

صعود اليمين المتطرف يلقي بظلاله القاتمة على الاقتصاد الفرنسي

محمد الرخا - دبي - السبت 15 يونيو 2024 03:03 مساءً - أعرب خبراء اقتصاديون عن قلقهم من تأثير تدهور الوضع السياسي الحالي في فرنسا بعد صعود اليمين المتطرف، واحتمالية توليه رئاسة الوزراء حال حصوله على الأغلبية البرلمانية.

وحذر الخبراء، من تأثير ذلك على الوضع الاقتصادي في فرنسا واضطراب سوق الأوراق المالية، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الفرنسي من أزمات متعاقبة.

ودفعت النتيجة التاريخية التي حققها التجمع الوطني (يمين) في الانتخابات الأوروبية، في 9 يونيو/حزيران، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى حل الجمعية الوطنية (البرلمان).

وهذا القرار، الذي أحدث زلزالا سياسيا وفتح فترة من عدم اليقين حتى الانتخابات التشريعية المبكرة في 30 يونيو/حزيران، والإعادة 7 يوليو/تموز، لا يخلو من عواقب على التوازن الاقتصادي في فرنسا.

وفي سياق تدهور المالية العامة، فإن الغموض الذي يحيط بالأغلبية المستقبلية في الجمعية الوطنية يخلق العديد من الشكوك، بحسب قناة "فرانس إنفو" الفرنسية.

اضطراب الأسواق

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي في المرصد الفرنسي للظروف الاقتصادية ماتيو بلان، إن "هناك احتمال أن يخلق حزب التجمع الوطني حال وصوله لمنصب رئاسة الوزراء، مناخًا من عدم اليقين".

وأضاف لـ"الخليج الان": "كان له تأثير أكبر على الأسواق من خفض تصنيف "ستاندرد آند بورز" لفرنسا".

بدوره، قال ألكسندر باراديز، محلل السوق لدى شركة الوساطة "آي.جي"، إن نتائج الانتخابات الأوروبية أدت إلى حالة من الترقب".

وأضاف لـ"الخليج الان"، أنه "منذ افتتاح الجلسة في مطلع الأسبوع الجاري، انخفض مؤشر الأسهم الرئيسي لبورصة باريس (كاك 40)، بنسبة 2.37%، قبل أن ينهي يومه منخفضا بنسبة 1.81%".

وأوضح أن أسعار الفائدة التي تقترض بها الدولة الفرنسية في الأسواق المالية قد ارتفعت، في حين بلغت الفجوة بين أسعار الاقتراض الفرنسية والألمانية – التي تعتبر الديون الألمانية الأكثر أمانا في منطقة اليورو – في الأسبوع، إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2020.

بدوره، رأى أستاذ المالية العامة في معهد العلوم السياسية سيمون بيير سينجايراك، أن هذا التدهور كان متوقعاً إلى حد كبير من قبل الأسواق، على عكس هذا التسلسل السياسي.

وأوضح لـ"الخليج الان"، أن "هناك تأثيرا قصير المدى من المستثمرين، مع الأسواق التي تدمج المخاطر، وآخَر على المدى الطويل، مع احتمال وصول حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) إلى السلطة، حيث يقوم أولئك الذين يحملون ديون الدولة بتقييم خطر تخلف فرنسا عن السداد".

برنامج التجمع الوطني

ومن بين العوامل التي تثير قلق خبراء الاقتصاد، هو البرنامج الانتخابي لحزب التجمع الوطني.

وقال الخبير الاقتصادي الفرنسي ماتيو بلان، إنه "على ما يبدو أن إلغاء تعديل نظام التقاعد، الذي تم اعتماده في أبريل/نيسان 2023 والذي يرفع السن القانوني للتقاعد إلى 64 عاما، لم يعد يشكل أولوية بالنسبة للحزب اليميني المتطرف".

وأوضح زعيم حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا، أن الحزب يرغب في خفض سن التقاعد إلى 60 عامًا لأولئك الذين دخلوا الحياة العملية قبل سن الـ20 عامًا.

ويشير البرلمان الأوروبي، إلى أن الوضع الاقتصادي للبلاد يتأخر؛ فقد ارتفع العجز إلى 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، ويتجاوز الدين 3000 مليار يورو، وقد حدد أولويات أخرى، بما في ذلك شراء الطاقة وفواتير الكهرباء.

وفيما يتعلق بالطاقة، يريد الحزب اليميني المتطرف بشكل خاص تخفيض ضريبة القيمة المضافة من 20 إلى 5.5% على منتجات الطاقة (الوقود والكهرباء والغاز وزيت الوقود المنزلي).

وبالنسبة لسيمون بيير سينجايراك وماتيو بلين، فإن "انتصار ائتلاف اليسار الجديد قد يثير قلق الأسواق أيضًا، ولكن على عكس حزب الجبهة الوطنية، الذي لا يتمتع بالخبرة والذي قد يكون وصوله إلى السلطة مصحوبًا بتوترات سياسية، فإن اليسار لديه خبرة في السلطة".

موازنة 2025

وتوقع سيمون بيير سينجايراك "موازنة متفجرة" إلى حدٍّ ما لعام 2025، مشيرًا إلى أنه من غير المرجح أن تخرج الأغلبية الرئاسية، التي بدت ضعيفة بسبب الانتخابات الأوروبية، منتصرة من الانتخابات التشريعية المبكرة.

في المقابل، طرح الخبير الاقتصادي الفرنسي ماتيو بلين تساؤلًا: "إذا فازت الأغلبية الحالية، فهل ستستمر الحكومة في مسارها لخفض العجز، من خلال سياسة التقشف التي لا تحظى بشعبية".

وفي بيان صحفي نشرته الإثنين الماضي، قدرت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني أن "عدم الاستقرار السياسي المحتمل يشكل خطرا ائتمانيا بسبب وضع الميزانية الذي سترثه الحكومة المقبلة، سواء كانت استمرارًا للحكومة السابقة أم لا".

Advertisements