الارشيف / عرب وعالم

موقف "محرج" لزيلينسكي يكشف معالم السياسة الأوروبية القادمة تجاه أوكرانيا

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 12 يونيو 2024 10:06 مساءً - تعرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لموقف محرج، خلال كلمة له في مجلس النواب الألماني، في مؤشر جديد على التيار المعاكس لكييف، الذي بدأ يظهر في أوروبا وتحديدا في الدول التي تقدمت بها الأحزاب اليمينية المتشددة بالانتخابات الأوروبية الأخيرة.

وما أن بدأ زيلينسكي خطابه تحت قبة البرلمان، واتهم الأحزاب اليمينية بأنها مؤيدة للكرملين، وأن هذا يمثّل تهديداً يتجاوز حدود أوكرانيا، قاطع نواب من حزبي اليمين المتشدد الألماني "البديل من أجل ألمانيا" واليسار المتشدد "تحالف سارة فاغنكنشت" خطاب الرئيس ووضعوه في موقف "محرج"، بحسب ما ذكره الإعلام الألماني.

وترى الأحزاب التي قاطعت خطاب زيلينسكي أن "أوكرانيا تحتاج لرئيس سلام، وليس رئيس حرب بزي عسكري".

وبشأن هذا الموقف وانعكاساته، يرى خبراء حاورتهم" الخليج الان" أن "عهدا جديدا ستعيشه أوروبا بدأ بالظهور، وأن الملف الأوكراني بات يشكل عبئا على داعميه داخل القارة العجوز".

لكن آخرين يرون أن الموقف الذي حصل يعتبر "ردا طبيعيا على سياسة القادة الأوروبيين الذين فشلوا في إدارة الصراع مع روسيا، وأن العواصم الأوروبية ستدعو قريبا بضغط من الأحزاب الفائزة كييف للذهاب إلى التفاوض مع موسكو وإنهاء الحرب".

أخبار ذات صلة

بعد استجداء زيلينسكي.. بايدن يعتزم إرسال منظومة باتريوت لكييف

أوروبا لم تعد الحضن الدافىء

يقول الخبير في الشؤون السياسية، إيغور بورونوف، إن "جزءا كبيرا من القاعدة السياسية في أوروبا مدعومة بالناخبين الذين صوتوا للأحزاب اليمينية باتوا يشكلون أغلبية داخل هذه القارة، وما أدى لصعودهم هو فشل منافسيهم في تحقيق أي هدف ضد روسيا منذ عامين ونصف العام".

ويتابع بورونوف، في حديثه لـ"الخليج الان": "كانت نتائج هذه السياسة على مدار شهور الحرب عاملا أساسيا في هزيمة الانتخابات".

ويستكمل: "الأوروبيون أدركوا أخيرا أن قادتهم قدموا كل ما يمكن تقديمه من مليارات الدولارات لكييف وضغطوا على مواطنيهم اقتصاديا، والنتائج جيش أوكراني ينسحب يوميا من المواقع، وتقدم لنظيره الروسي الذي فُرضت عليه أكبر حزمة عقوبات اقتصادية في التاريخ السياسي".

أخبار ذات صلة

"قمة السبع" تعتزم تحرير قيمة أصول روسية مجمّدة لفائدة أوكرانيا

ويردف: "هذه باختصار المعادلة التي ظهرت في أوروبا، وإحدى نتائجها تحول الحضن الأوروبي الذي كان يدعم كييف ليلا نهارا، إلى حضن بارد ورافض للمأساة الأوكرانية التي تبنتها أوروبا من يومها الأول".

ويؤكد الخبير في الشؤون السياسية أن "ما حصل في البرلمان الألماني سيتكرر في برلمانات أوروبية أخرى وتدريجيا، وحتى الانتخابات المحلية التي ستغير قادة أوروبا، ستتحول القضية الأوكرانية إلى ثانوية، وستبقى كييف وحدها تواجه مصيرها أمام روسيا".

وخلص بورونوف إلى القول: "الآن مواقف سياسية وغدا مواقف عملية، وبعدها رفض وضغط على كييف للاستسلام للأمر الواقع؛ فقادة أوروبا المستقبليون يرون موسكو صديقة أفضل لأوروبا من موسكو معادية".

واشنطن جدار أخير متصدع

في حين يعتقد الخبير في الشأن الأوكراني، ديمتري ميلنيشوك، أن" التحول الأوروبي بدأ فعلا، وبعد فترة وجيزة ستبدأ المواقف الأوروبية بالتغير تدريجيا، وهذا أمر خطير بالنسبة لأوكرانيا التي كانت تطمح لأن تكون دولة أوروبية بكل المقاييس".

ويتابع ميلنيشوك، لـ"الخليج الان": "في هذه الحالة لن يتبقى لكييف سوى واشنطن العاصمة الأقوى في العالم كجدار أخير حامٍ لها، لكن في الوقت نفسه هذا الجدار قد يتصدع، فما هي إلا شهور معدودة وتدخل الولايات المتحدة اختبارا انتخابيا حساسا تميل فيه الكفة للمرشح الرئاسي دونالد ترامب، الذي يحمل في ذهنه سياسة مختلفة تماما عن الرئيس الحالي جو بايدن".

أخبار ذات صلة

أوكرانيا تبدأ ببيع أصول الدولة لتمويل المجهود الحربي

مصير أوكرانيا

ويشير إلى أن "الانتخابات الأمريكية القادمة ستحسم مصير أوكرانيا كلها، إما الاستمرار في زج كييف بالمزيد من الصراع مع روسيا، أو إجبارها على الذهاب للمفاوضات وإنهاء أزمتها بأقل الأضرار لحلفائها الأمريكيين والأوروبيين".

وعن أسباب هذه التغيرات الدولية، يوضح الخبير في الشأن الأوكراني أن "هذا كله لم يكن ليحدث لو هُزمت روسيا في الحرب، لكن الفشل الأوكراني في تحقيق أي انتصار هو ما أدى إلى هذا الانقلاب". 

واستدرك بالقول: "صحيح أن روسيا لم تحقق أهدافها بعد، لكنها استطاعت الوقوف أمام أقوى دول العالم؛ الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية".

ويضيف ميلنيشوك أن "العالم كله على موعد مع تغيرات سياسية كبيرة، ليس فقط في أوكرانيا بل في مناطق أخرى في أفريقيا مثلا، وفي الشرق الأوسط؛ فكل المفاهيم بدأت تتغير".

واعتبر أن "هذا نتاج طبيعي لمرحلة المخاض التي عاشها العالم منذ عام 2008 تقريبا مع الأزمة الاقتصادية العالمية، التي كانت الخطوة الأولى لظهور قوى منافسة حقيقية في العالم تنادي بعالم جديد مبني على أقطاب متعددة".

ويختم حديثه بالقول: "ربما بدأت مرحلة النهاية لهذا المخاض، وبدأت معالم المولود الجديد القادم الذي سيحكم العالم لعقود قادمة بالظهور".

Advertisements

قد تقرأ أيضا