12 يونيو 2024, 4:00 ص
باتت ظاهرة التحرش الجنسي "شبحا" يطارد النساء أينما حللن، ويمثل الوسط الفني ساحة خصبة لهذه الظاهرة، ويؤرّق التحرشُ حياة ومستقبل الفناناتِ، فمنهنّ من يؤثر الصمت ومنهنّ من يفضح هذه الممارسات.
وتُجمعُ النساء على أن أكثر ما يؤلم المرأة ويشعرها بالإهانة هو النظر إليها والتعامل معها كـ "أنثى" بعيداً عما تمثله مهنياً، وبغض النظر عن مواهبها وقدراتها التي تميزها، في مساومةٍ رخيصة بين أن تكون أو لا تكون..
ورغم تباين ردود فعل ضحايا التحرش تبعاً لشخصيّة كل منهن وظرفها وربما أولوياتها، تُجمِع الفنانات اللواتي يجاهرن بما تعرّضن له على أهمية الإعلان عن الموضوع وعدم إبقائه طي الكتمان على أنه "تابو" لا يجوز الحديث عنه..
وإلا فلن يكون هناك حدود للابتزاز الذي يتعرّضن له على حساب طموحاتهن وأحلامهن..
ومع ذلك فكثيرات منهن فضلن عدم الكشف عن أنفسهن، خوفاً من عواقب الأمر على خصوصيتهن ومستقبلهن..
ومنهن من خرجت من هذا الوسط وأغلقت الباب خلفها دون رجعة مسدلةً الستار على طموحاتها التي ذهبت أدراج الرياح، كما في حالة الفنانة الكويتية "بيبي أحمد" التي فاجأت الجميع باعتزالها معلنة لصحيفة "الرأي" الكويتية بأن السبب هو تعرضها المتكرر للتحرش.
بينما اختارت كثيرات التحدّي وإعلان الأمر بجرأة علّها تكون رادعاً للمتعاملين بعقليّة "المجتمع الذكوري" الذي لا يرى من المرأة أكثر من كونها بعضاً من ممتلكاته.. وجدت للترفيه عنه وتلبية نزواته...
وقد أكدت الفنانة التونسية هند صبري أن ظاهرة التحرش موجودة ضمن الوسط الفني العربي، و"عدد كبير من شركات الإنتاج تربط موهبة الفنانة بمقاييس الجمال"، واصفة التحرش بأنه ضمن "كوارث الفن العربي والعالمي"
كما صرحت الفنانة فيفي عبده بتعرضها للتحرش خلال تصوير فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" و بأنها ردّت على المتحرش بـ "صفعة" ليتذكر أنها "فيفي عبده" بحسب تأكيد الفنانة المصرية
الفنانة المغربية فدوى الطالب، تحدثت أيضاً عن تجربتها مع التحرشِ في بداياتها الفنية، من أحد العاملين في مجال الفن، لكنها أكدت تصديها له بحزم، مشيرةً إلى أنها رفضت حينها المشاركة في العمل الفني، لأن المعنيين بالأمر لم يتعاملوا معها آنذاك باعتبارها ممثلة، ولكن "شيئا آخر" بحسب تعبيرها
أما الفنانة المغربية نجاة خير الله فصرَّحت بمقابلةٍ في أحد البرامج عن تعرضها للتحرش مراراً في الوسط الفني من وجوهٍ معروفة، أحدهم قام باختطافها، بينما اقتنى آخر سريراً بمكتبه الخاص وكان يساوم الممثلات على أدوار البطولة، وفق تأكيدها.
وتتعدّد الأمثلة التي تثير استغراب الرافضين لتلك الظاهرة من مدى استفحالها في وسطٍ يُفتَرض أنه وُجد ليرتقي بالنفس الإنسانية ويُهذّب فطرتها الغريزية، بينما يوجد كثيرون من روّاده يُقدمون على تلك الأفعال ضاربين عرض الحائط بسمعتهم وأسمائهم، أو ربّما مراهنين على "صمت الضحايا" الذي يترك الجاني دون عقاب رادع، والقيم المجتمعية البالية التي تحاكم الضحية على أنها المذنبة،
أما "الناجيات".. أولئك اللواتي رفضن وصم "الضحية"، فيراهنَّ على "الثورة التكنولوجية" التي صنعت من وسائل التواصل الاجتماعي منابرَ لمحاكمة المتحرشين وفضح جرائمهم.