الارشيف / عرب وعالم

هيمنة صينية على قطاع النفط العراقي.. لماذا تتراجع أمريكا؟

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 11 يونيو 2024 06:07 مساءً - بدأت الصين ببسط هيمنتها على القطاع النفطي العراقي بشكل ملحوظ، بعد أن استحوذت شركاتها على 37% من إنتاج النفط في البلاد، وسط غياب للشركات الأمريكية انقسم محللون بشأن أسبابه.

وحصدت الصين في جولتي التراخيص الخامسة والسادسة عشرة رقعا استكشافية واستخراجية نفطية، في وقت يقول محللون اقتصاديون إن واشنطن تتراجع في حربها الاقتصادية أمام بكين، بينما يرى خبراء أمنيون أن للولايات المتحدة الأمريكية قراءات مستقبلية بشأن أمن البلاد.

جولات تراخيص

وأطلق العراق جولتي التراخيص الخامسة والسادسة للمزايدة في 13 مايو/ أيار الماضي، لاستثمار 29 مشروعًا استكشافيًا للنفط والغاز في 12 محافظة عراقية، وتقدمت لها 20 شركة، وحظيت بكين بـ 10 مشروعات ثمانية منها للحقول النفطية، واثنين للغاز.

في تلك الجولة، لم تفز أي شركة أجنبية عدا الصينية بأي عقد، مع غياب تام للشركات الأمريكية التي سيطرت منذ عام 2003 على غالبية استثمارات الحقول النفطية.

وتأتي تلك الجولات استكمالا لأربعة جولات نفطية سابقة، يسعى من خلالها العراق إلى زيادة صادراته النفطية إلى ستة ملايين برميل من النفط يوميا، فيما زاد الطلب في أوبك بلس.

الحرب الباردة

يقول أستاذ الاقتصاد، عبد الله المشهداني، إن "الصين تقدمت على الولايات المتحدة الأمريكية في مواضع اقتصادية عديدة، خصوصا ما يتعلق بالصناعات الإلكترونية، واليوم تتجه بكين للسيطرة على مصادر الطاقة في العالم من النفط والغاز وحتى الكهرباء".

وأضاف المشهداني لـ "الخليج الان"، أنه "للمرة الأولى لم تشارك الشركات النفطية الأمريكية في جولة تراخيص في العراق، بعد أن كانت تستحوذ على العديد من الحقول في البصرة وميسان والناصرية، رغم علمها بأن الشركات الصينية قد دخلت بقوة في الجولة النفطية، وهذا الغياب لم نفهمه حتى هذه اللحظة".

وبموجب الاتفاقات الدولية ما بعد عام 2003 فإن الولايات المتحدة هي من تستقبل كل قيم نفط العراق المباع لدول العالم داخل مؤسساتها المالية وهي المسؤولة عن حمايته.

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي، سلام عادل، خلال حديثه لـ "الخليج الان"، أن لا قيمة "لسيطرة الصين على الحقول النفطية، مع سيطرة واشنطن على المدخولات المالية العراقية، التي تودع بموجب اتفاقيات ثنائية طويلة الأمد في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وبهذا فهي تتحكم بتلك الأموال، وهذا ما يفسر عدم مبالاتها بالسماح للشركات الصينية بدخول السوق العراقية".

ولم يأت تخلي أمريكا، عن القطاع النفطي وليد اللحظة، بل كانت بداياته عام 2018 حين انسحبت شركة رويال داتش شل ومقرها المملكة المتحدة من صفقة بناء مشروع نبراس الضخم للبتروكيماويات في مدينة البصرة جنوب العراق، وتخلت عن حصصها في حقلي مجنون وغرب القرنة 1، تاركة شركة إكسون موبيل وحدها لتشغيل الحقول.

مخاوف أمنية

الخبير الأمني والعميد في الجيش السابق، أحمد العايدي، يرى أن "واشنطن لديها مخاوف أمنية من مستقبل العراق"، وأشار في تصريح لـ "الخليج الان"، إلى أن "الولايات المتحدة تدرك أن شركاتها قد تتعرض للخطر والخسارة في حال حصول أي هزة أمنية في المنطقة، سيما مع تصاعد حدة خلافها مع طهران التي تمتلك أذرع فاعلة لها في العراق، تستطيع الوصول إلى أي موقع داخل الجنوب دون عناء".

في عام 2024 باعت إكسون موبيل حصتها البالغة 23% في حقل القرنة1 إلى شركة نفط البصرة المملوكة للدولة، لينهي عملاق النفط الأمريكي وجوده بشكل تام في قطاع النفط العراقي.

من جانبه أرجع الخبير النفطي، حمزة الجواهري، تراجع الشركات النفطية الأمريكية لأسباب جيوسياسية.

وقال لـ "الخليج الان"، إن "غالبية الحقول النفطية العراقية تقع في الجانب المتاخم لإيران، وبعض من تلك الحقول مشتركة وتحصل فيها نزاعات بشكل دائم، وواشنطن لا يمكنها التفاهم مع طهران في تلك الحالات".

وأكد أن "الشركات الصينية بدأت بالهيمنة الفعلية على قطاع النفط، لكن هذه العملية تحتاج إلى نفس طويل لاستكمال المشاريع الاستخراجية لحين التصدير".

Advertisements