الارشيف / عرب وعالم

"المدرهة".. أرجوحة شوق اليمنيين لعودة حجاجهم سالمين

محمد الرخا - دبي - الاثنين 10 يونيو 2024 09:03 صباحاً - صلاح قعشة

تمثل الأرجوحة أو ما تعرف في اليمن بـ"المدرهة" أحد أبرز المظاهر التقليدية للتراث الثقافي والشعبي اليمني، التي تأتي ضمن العادات والتقاليد المصاحبة لموسم الحج.

ويعود تاريخ "المدرهة" إلى (1200) عام، وتنصب سواء في باحة منزل الشخص الذي يذهب لأداء مناسك الحج، أو في منزل أحد جيرانه، حيث اعتاد اليمنيون -خاصة في صنعاء القديمة والمناطق الشمالية- إحياء أيام الحج بنصب "المدرهة"، وهي عادة متوارثة منذ مئات السنين لوداع حجاج بيت الله الحرام واستقبالهم لدى عودتهم.

ولأن رحلة الحج قديما كانت تستغرق أشهرا عديدة، وقد يعود الحاج أو لا يعود، لذا فإن أهله من يوم رحيله وحتى إيابه، ينشدون داعين له ومتمنين عودته، وواصفين رحلته كيف كانت في تصورهم، وفي بعض المناطق كانوا يتجمعون ليلا ويشعلون المشاعل وينشدون.

أهازيج 

وتعد الأهازيج والأناشيد من أهم الطقوس التي تصاحب المدرهة، ويغلب على النص الشعري الخاص بها الشجن والحزن وتغنى بأبيات عفوية ونغم مؤثر.

أخبار ذات صلة

عكا.. مدينة تراثية تبخرت على أسوارها أحلام نابليون (صور)

ويتجمع الأهل والجيران والأقارب والأصدقاء، حول المدرهة، وينشدون وقد علقوا عليها الأجراس.

فيما يأتي شخص يدعى "المُمَدْرِّه"، وينشد من ضمن ما ينشده:

يا مبشر بالحج بشارتك بشارة

هِنيَت لك يا حاجنا فزت بالغفراني

زرت قبر المصطفى وتلمست الأركاني

والصلاة والسلام على الرسول

يا من سمع يصلي على النبي العدناني.

بعد ديني ومجتمعي 

وأوضح مهتمون بالتراث الشعبي اليمني لـ"الخليج الان" أن "المدرهة في ظاهرها لعبة شعبية، لكنّ لها بعدًا دينيًّا واجتماعيًّا تجسدهما كلمات الأهازيج المصاحِبة وطبيعة المشاركة فيها، فالبعد الديني يتجلى بتعظيم فريضة الحج ومباركة الساعين لتأديتها، فيما يتجسد البعد الاجتماعي في الترابط الأسري والمجتمعي الذي تعكسه طبيعة المشاركة، والتي تتيح لكل فئات المجتمع، أطفالًا ونساء، والأطفال في النهار، في حين يشارك الرجال في المساء".

وأضافوا أن "للأرجوحة دلالة رمزية، كون كل أرجوحة معلّقة في الهواء لها قانون يحكمها فلها ذهاب إلى الأمام وعودة إلى الخلف، وإذا كان ذهابها إلى الأمام يتم بالإرادة وبالفعل الإنساني الذي هو اليدين، مثل الرحيل إلى الحج الذي يأتي بالنية والعزم، فإن أمر عودتها، أمر حتمي لا بد من حدوثه بقوته الذاتية، كما أن حركة المدرهة ذهاباً وإياباً، هي محاكاة لقلب وعقل من على المدرهة، من قلقه على الحاج، ولوعته وشوقه إليه".

طقوس ارتبطت بالحج 

الأديبة والكاتبة نادية الكوكباني قالت لـ"الخليج الان" إن "الحج بما أنه تتويج لمسيرة الإنسان المسلم"، فإنه قد ارتبط في الذهنية الجمعية بطقوس مجتمعية تتمثل في توديع الحاج حال توجهه للحج بكلمات فيها من التهاني بهذا الإنجاز ومن كلمات التوديع الحميمة وكلمات الدعاء بالتوفيق والسداد، وأيضا حال الانتهاء من فريضة الحج بكلمات شوق للعودة بالسلامة للأهل والأحبة".

وأضافت أن "هذه الطقوس تدعى المدرهة وتكون للرجال والنساء منفصلة، وهي طقوس لم يتخل عنها في معظم المناطق اليمنية، ومنها صنعاء التي ما زلت محتفظة بهذا الوهج التراثي حتى اليوم".

وأكدت الكوكباني وجوب "الاستمرار في الكتابة عن المدرهة لأنها تمثل أحد أشكال الحفاظ على الهوية اليمنية الأصيلة والأصلية".

مظهر تراثي شعبي 

من جانبها قالت المنشدة هديل الحيمي إن "الأرجوحة أو ما تعرف في اليمن بـ"المدرهة"، تمثل أحد أبرز المظاهر التقليدية للتراث الثقافي والشعبي اليمني، وهي تأتي ضمن العادات والتقاليد المصاحبة لموسم الحج". 

أخبار ذات صلة

تراث مغربي أصيل.. ماذا تعرف عن فن "التبوريدة"؟

وأضافت لـ"الخليج الان" أن "اليمنيين اعتادوا خاصة في صنعاء القديمة، إحياء أيام الحج بنصب "المدرهة"، وهي عادة متوارثة منذ مئات السنين لوداع حجاج بيت الله الحرام واستقبالهم لدى عودتهم. ويتم تجهيز المدرهة في حوش منزل الشخص الذي يذهب لأداء مناسك الحج، أو في منزل أحد جيرانه".

وأشارت إلى أن "صنع المدرهة يتم من الأخشاب القوية، ويتم ربط أعمدتها بسلاسل حديدية أو حبال قوية متينة. ويشدد الأهل على أهمية توثيق أعمدتها خشية انقطاعها، لأن انقطاعها يحمل اعتقادا ينذر بالشؤم من أن الحاج في خطر، خاصة أن السفر للحج قديما كان شاقا ومحفوفا بالمخاطر ويستغرق أشهرا".

وبينت أن "المدرهة يوضع عليها شال أو عمامة الحاج الرجل، أو قماش المرأة التي تذهب للحج، وتسمى المدرهة باسم من ذهب لفريضة الحج".

Advertisements