الارشيف / عرب وعالم

سياسية سودانية لـ"الخليج الان": خضوع جيش البرهان لـ"الإخوان" يعرقل إنهاء الحرب

محمد الرخا - دبي - الاثنين 3 يونيو 2024 07:06 مساءً - قالت السياسية السودانية رشا عوض، إن من وصفتهم بـ"فلول النظام البائد" في السودان، يمنعون الجيش من التفاوض مع قوات "الدعم السريع" لإنهاء الحرب.

وكشفت عوض، في حوار خاص مع "الخليج الان"، عن وجود رغبة عند بعض عناصر الجيش، بالذهاب إلى التفاوض وتجاوز عرقلة "الإسلاميين"، في ظل إعلان "الدعم السريع" للتفاوض على إنهاء الحرب منذ بدايتها.

وأوضحت أن أهم محاور رؤية "تقدم" التي أُعلنت في المؤتمر التأسيسي مؤخرا، تهدف إلى التصدي لأثار الحرب ومعالجة القضايا الإنسانية العاجلة، بشكل متزامن.

ولفتت إلى أن رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، الدكتور عبد الله حمدوك، لديه من العلاقات الدولية والخبرات التراكمية، ما يدعم تنفيذ تلك الرؤية، في ظل وجود جهاز تنفيذي، ولجان تخصصية، وأشخاص بعينهم مسؤولين عن أهم الملفات السياسية، والدبلوماسية، والإعلامية، والعمل الإنساني.

وفيما يلي نص الحوار:

ما أهم المحاور التي حملتها رؤية حمدوك الأخيرة الصادرة عن المؤتمر التأسيسي لإنهاء الحرب في السودان؟

تهدف أهم محاور رؤية "تقدم" التي أعلنت في المؤتمر التأسيسي مؤخرا، إلى التصدي لآثار الحرب ومعالجة القضايا الإنسانية العاجلة، بشكل متزامن حتى قبل الوصول إلى وقف لإطلاق النار.

ومن أهم المساعي التي تدور حولها المحاور المطروحة، العمل على وقف الحرب عبر التفاوض الذي يجب أن يكون من خلال منبر موحد، يجمع المبادرات الدولية والإقليمية كافة، حتى لا يكون هناك تعدد في المنابر، ما يعقد التوصل إلى حل سريع وحقيقي.. ومن أهم محاور الرؤية أيضا، مخاطبة جذور أزمة الحرب، بضرورة إقامة الحكم المدني الديمقراطي.

أخبار ذات صلة

حمدوك يعلق على المبادرة المصرية لوقف الحرب في السودان

أريد توضيحا لذلك فيما وصفتِه هناك لـ"جذور الأزمة" ومعالجتها؟

الحكم المدني الديمقراطي هو الوحيد الذي يصلح لإحلال السلام المستدام في السودان؛ لأن هناك في هذا البلد، جيوش متحاربة متنافسة على السلطة، ما يعني أن الحكم العسكري هو وصفة لـ"حرب أهلية"، وإذا قام الحل السلمي النهائي على أساس حكم عسكري، فهذا معناه أن الحرب ستندلع في المستقبل مجددا.

لذلك، من أهم محاور الرؤية التي يجب التوصل إليها تنفيذيًّا على الأرض، الحكم المدني الذي يخرج على أثره "العسكر" من السياسة، ويتبعه الأمر المهم للغاية، وهو عملية الإصلاح الأمني والعسكري الذي يفضي إلى بناء منظومة عسكرية وأمنية جديدة.

وهذا سيتم على مراحل، حيث انعقدت عدة ورش عمل بين الخبراء حول الإصلاح الأمني والعسكري، وبناء منظومة عسكرية جديدة، وهذا تم إجازته في "تقدم"، وهناك العملية السياسية الانتقالية التي اتفق على تسميتها بعملية "الانتقال التأسيسي" للدولة السودانية، وهي التي لن تكون فترة انتقالية تقليدية ولكن "تأسيسية" بمخاطبة القضايا التي جعلت اشتعال واستمرار الحروب في السودان، بمثابة الأمر الثابت منذ عهد الاستقلال.

أخبار ذات صلة

الفاشر.. آخر آمال البرهان لاستعادة النفوذ في غرب السودان

من وجهة نظرك.. ما مدى فاعلية وأهمية التركيز على مائدة مستديرة وربط ذلك بوضع أسس لجيش وطني؟

المائدة المستديرة تعني أن "تقدم"، بعد أن أنجزت مؤتمرها التأسيسي، ستعقد مائدة تضم كافة القوى المدنية الديمقراطية الموجودة أيضا خارجها، ولا سيما أن "تقدم" لم تدَّعِ أنها الممثل الوحيد والحصري للقوى المدنية الديمقراطية في السودان، وتقر بأن هناك أصواتًا مدنية أخرى يجب أن تتوافق مع "تقدم" على رؤية موحدة أو تنسيق استراتيجي بين هذه الأطراف حول مهمة وقف الحرب واستعادة مسار التحول المدني الديمقراطي..

وسوف يتم الحوار في هذه المائدة حول كيفية بناء الجيش الوطني المهني الجديد الذي بحسب ما ورد في أدبيات "تقدم"، لن يكون الجيش الحالي أو "الدعم السريع"، ولن يكون جيوش الحركات المسلحة، ولكن جيش جديد يبنى برؤية وطنية، وأسس مهنية حديثة.

هل يكون هناك حضور في المنبر التفاوضي المقترح لـ"الجيش" و"الدعم السريع"؟

لا بد من حضور الجيش والدعم السريع وجهًا لوجه في أي منبر تفاوضي لوضع نهاية لهذه الحرب.

حتى الآن، لا يستطيع أحد أن يؤكد الوقت الذي سيتم فيه ذلك، لكنه حتمًا سيتم؛ لأن هناك ضغوطًا إقليمية ودولية كثيفة باتجاه ضرورة إنهاء هذه الحرب، ولا سيما بعد ثبوت أن الحل العسكري متعذر ومستحيل.

واستمرار الحرب لن يقود إلى شيء سوى تقسيم السودان، حتى في الأوساط الداخلية السودانية، في بداية الحرب، كانت هناك "أوهام" بأن هذه الحرب من الممكن أن تنتهي بسرعة وبانتصارات خاطفة في أيام أو أسابيع.

لكن الحرب الآن دخلت عامها الثاني، وكشف للجميع أنه لا يوجد أي طرف من طرفي الحرب قادر على الحسم العسكري السريع، واستمرار الحرب يعني المزيد من المعاناة للشعب السوداني.

وحتى الخطاب الإعلامي للجيش، بدأت تبرز أصوات مرنة تجاه الحل التفاوضي السلمي، ولكن المشكلة الأساسية التي تمنع أو تعرقل لقاء الجيش والدعم السريع، هم "فلول النظام البائد" من الحركة الإسلامية الذين يسيطرون على مجريات الأمور السياسية في حكومة "الأمر الواقع" في بوردتسودان، وهم يقبضون تماما على الخطاب الإعلامي الرسمي..

هؤلاء يعملون على عرقلة ذهاب الجيش إلى التفاوض، ويصدرون خطابا مليئا بالمزايدات والتخوين وتصوير الحل التفاوضي على أنه خيانة وطنية في حين أن الخيانة الوطنية الحقيقية هي استمرار هذه الحرب؛ لأنها تدمر البلاد وتنسف وحدتها.

لكن هناك رغبة عند بعض عناصر الجيش في إنهاء هذا الأمر والذهاب للتفاوض، و"الدعم السريع" منذ البداية يعلن في كل خطاباته أنه على استعداد للحل التفاوضي، ولكن المدى الزمني لذلك، متوقف على ممارسة الضغوط الدولية والإقليمية في هذا الاتجاه؛ لأن الحرب في الداخل فقدت مشروعيتها تماما، ويعتمد هذا الأمر على مدى قدرة الجيش السوداني على تمييز موقفه من الإسلاميين.

لكن إذا ظلت قيادة الجيش خاضعة لما يمليه التيار الإسلامي عليها، فإن ذلك سيعرقل لقاء "الجيش" و"الدعم السريع"، وجها لوجه، في أي منبر تفاوضي.

أخبار ذات صلة

"الخليج الان" ينفرد بنشر تفاصيل رؤية حمدوك لإنهاء الحرب في السودان

هل من توحيد لمنابر التفاوض بين القوى المتحاربة؟

توسيع وتوحيد المنبر التفاوضي حول الحرب في السودان، أمر "مفتاحي" لنجاح مساعي السلام في السودان، الآن هناك تعدد في المبادرات التي تتحدث عن قضية الحرب في السودان.

هناك منبر جدة وهو متخصص في وقف الحرب و ترتيبات وقف إطلاق النار والعدائيات وهكذا، وهناك في الاتحاد الأفريقي، حديث عن العملية السياسية التي ستعقب إيقاف الحرب، وهناك مبادرات أخرى مثل مبادرات دول الجوار، وهناك أيضا ما صدر عن "الخارجية المصرية" بإقامة مؤتمر لجمع القوى المدنية السودانية، كل هذه المبادرات المتعددة ما لم تكون هناك قناة جادة لتوحيد جهودها في منبر شامل، وبرعاية دولية وإقليمية.

سيؤدي ذلك باختصار إلى عرقلة الوصول لاتفاق سلام؛ لأن هذا سيفتح المجال أمام الالتزام بأمور أمام أحد المنابر ثم التنصل منها أمام منبر آخر؛ مما يربك عملية تحقيق السلام في السودان.

لذلك؛ يجب أن تتوحد الجهود الإقليمية والدولية لإحلال السلام في السودان عبر منبر واحد، يكون شاملًا في تمثيله لكل الأطراف ذات الصلة بالشأن السوداني.

أخبار ذات صلة

السودان.. "الدعم السريع" تنفي نيتها إقامة دولة في دارفور (فيديو)

كيف ترين مدى تفعيل وتنفيذ آلية الرؤية التي طرحها الدكتور حمدوك في ختام المؤتمر التأسيسي لـ"تقدم"؟

آلية التنفيذ للرؤية، سيتم السير فيها فعليًّا على الأرض عبر الجهاز التنفيذي الذي تختاره "التنسيقية" للسير في تحقيق الرؤية.

والآن تشكل لـ"تقدم" قيادة تتكون من الدكتور حمدوك رئيس الهيئة القيادية، وله نائبان، وهذا مستوى قيادي يتوقع أن يلعب دورا كبيرا، في تنفيذ الرؤية، والدكتور حمدوك له علاقاته الدولية و خبراته التراكمية، وسوف يعمل على تنفيذ تلك الرؤية، وهناك الجهاز التنفيذي لـ"تقدم" الذي تم تفصيله في النظام الأساسي، حيث ستكون هناك لجان تخصصية وأشخاص بعينهم مسؤولين عن أهم الملفات، ما بين الملفات السياسية، الدبلوماسية، الإعلامية، العمل الإنساني، والنقلة التي حدث في "تقدم" هي أن القوى المدنية الديمقراطية، أصبحت تمتلك أداة مؤسسية للعمل و لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من رؤية سياسية.

أخبار ذات صلة

الفاشر.. مدينة سودانية في قلب الصراع على دارفور (إنفوغراف)

هناك تطور للأحداث على أرض المعارك ما بين الفاشر والخرطوم ومناطق أخرى في ظل خروج هذه الرؤية.. متى يكون هناك تفاعل حقيقي من جانب القوى المتحاربة مع أي رؤية سياسية لإنهاء الحرب؟

تصاعد المعارك على الأرض يدل على أن كل طرف من الأطراف يرغب في تحقيق مكاسب ميدانية كبيرة في ساحات القتال.

وربما هذه المعارك وطموحات كل طرف في تحقيق انتصارات عسكرية، هي التي تؤخر الاتجاه إلى الحل التفاوضي، ومنذ بداية الحرب في الخرطوم، وارتفعت الأصوات التي تنادي بالحل التفاوضي، عندما كان يرغب الجيش في طرد "الدعم السريع" من المواقع التي دخلها، حتى يذهب "الجيش" إلى التفاوض بموقف قوي، ولكن استمرت الحرب، ليصل الأمر إلى أشرس المعارك ومنها ما نراه حاليًّا في" الفاشر"؛ مما يدل أن الرهان على الحل العسكري سيعقد الأمور أكثر.

حتى بالنسبة لـ"الدعم السريع" الذي يبدو الآن متقدمًا في المعارك العسكرية، ولكن معطيات الواقع تقول إنه لن يستطيع تحقيق انتصار كاسح بمعنى الاستيلاء على كامل البلاد؛ نظرًا لأن الحرب إذا انتقلت مثلا إلى شرق السودان، لن يستطيع "الدعم السريع" حسمها هناك، وسيتحول السودان وقتئذ إلى حرب إقليمية بالوكالة، ستستمر في ظل أن هناك قوى إقليمية ودولية ستتدخل بقوة.

بمعنى أن هناك استحالة في حسم الحرب عسكريا؛ ولذلك يجب أن يتمتع طرفا القتال بالمسؤولية الوطنية، وأن يوقفا هذا الحريق عند النقطة التي تم الوصول لها الآن؛ لأنه لا حل إلا من خلال طاولة المفاوضات. المعارك تتصاعد في ظل معاناة كبيرة للمدنيين، ولكن كل يوم، يبتعد الأمر عن الحل العسكري ويظل ما هو مرجح، الحل السياسي التفاوضي.

Advertisements