الارشيف / عرب وعالم

سوريا.. "دلّة مزعل" أندر الدلال العربية تشق طريقها إلى "اللوفر"

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

محمد الرخا - دبي - السبت 25 مايو 2024 07:06 مساءً - رغم دراسته للأدب العربي، إلا أنه آثر مهنة صناعة دلال القهوة العربية، التي ورثها عن أجداده. هكذا نشأت علاقة حب كبيرة، بين الحاج علي مزعل، وكل ما يرتبط بصناعة القهوة وطقوس ضيافتها.

يعامل الحاج مزعل، النحاس الأحمر بحُنُوّ، أثناء صناعة الدلال. حتى يُخيل للزائر، أن طرقاته فوق الصفيح، تأخذ صوت الموسيقا، عندما يعالجه كي يستدير، آخذًا شكل المصبّ، الذي يعد علامةً على مكانة المُضيف وكرمه.

الجميع في دير الزور وأريافها، يعرفون "دلّة مزعل" جيدًا، ويحرصون على اقتنائها، كعلامة فارقة ميزت العائلة منذ عشرات السنين. لكن الحاج علي، اضطر إلى مغادرة المنطقة، بعد أن استولى "داعش" على المكان. وبصعوبة نجا مع أبنائه والقليل من معداته الخاصة بتلك الصناعة.

دلة مزعلسبوتنيك

فقدَ مزعل، زبائنه الكثر من القبائل العربية، بعد أن استقر به الحال في ريف دمشق. لكنه آثر الاستمرار في عمله، كنوع من الأمانة المتوارثة عن أسلافه القدماء. كيف لا، ودِلالَه الشهيرة، تحجز ركنًا من متحف اللوفر بباريس؟ عدا عن تصدرها بيوت الشَّعر والمنازل في عموم سوريا؟.

يقول الحاج مزعل، لوكالة "سبوتنيك": "يخضع صنع الدلّة إلى نحو 40 عملية جمع، يليها عملية تجمير في كل مرة، لنصل إلى مرحلة "خصر" الدلة، ثم تأتي عملية "الدعبلة" و"اللف" ومن ثم "السحق" فالجلي بمواد خاصة للتخلص من الشوائب، لتبدأ بعدها عملية "تطريق الدلة"، وصناعة وتركيب الغطاء العلوي الذي يتألف من قطعتين الصحن والغطاء الفوقي".

ورغم أن الكثيرين، راحوا يلومون الحاج مزعل، على استمراره بهذه المهنة التي لم تعد تُطعم خبزًا كما يقولون، إلا أنه رفض أن يفرّط بـ250 عامًا من تاريخ عائلته بصناعة دلال القهوة بشكل يدوي من النحاس.

يقول مزعل: "ربما انحسرت هذه المهنة، وصارت مصبات القهوة تباع في محال الأدوات التراثية كجزء من الماضي، لكني سأبقى منكبًّا على المهنة التي أحبها".

وتتطلب المهنة، أدوات كثيرة تقارب 15 سندانًا لطرق النحاس، وعدة مطارق مختلفة الأشكال والأحجام. لكن مزعل يعاني من عدم توافر جميع تلك الأدوات، بسبب نزوحه السريع من منطقته، وتعرض مقتنياته للنهب. ويقول مزعل: "عدة العمل غير متوافرة في كل المحال الخاصة بعدد النحاسة، وحتى إن وجدت ما يشبهها، فإنك لا بد أن تجد فروقًا عن تلك التي ابتكرها جدي".

دلة مزعل

دلة مزعلسبوتنيك

يصر مزعل، على نقل الحرفة لأبنائه، مثلما حملها عن جده الأكبر، الذي حملت الدلال الأولى ختمه وتوقيعه كعلامة فارقة، استطاعت الاستمرار والصمود حتى اليوم. فالقصة تنطوي على دلالات وإسقاطات رمزية، لا يدركها الجميع، كما يقول.

ويضيف مزعل: "دلة مزعل" من أندر وأغلى دلال القهوة العربية، وعليها نقش على شكل ختم مكتوب عليه "عمل مزعل".

ويقدم مزعل للزبائن "طقم دلال مزعل"، وهو عبارة عن 12 دلّة مختلفة الحجم، أصغرها تسمّى "المصب"، وأكبرها تسمى "الكمكوم"، وفيها تغلى القهوة، قبل أن تسكب في الدلال الأصغر حجمًا.

يقول مزعل: "الكمكوم، مؤشر على موقع الشخص ومكانته في القبيلة، وتصل سعة أكبرها إلى 20 لترًا من القهوة، وكلما كبرت دلّة الكمكوم، كانت دليلاً على أن صاحبها هو شيخ القبيلة وأبرز وجهائها".

يأمل مزعل، أن تستمر مهنة صناعة الدلال من بعده. ويصر على إنجاز مهمته حتى لا تنقطع السلسلة المتصلة بجده الأكبر. ويقول: "أبنائي سيتابعون الطريق، وسينقلون المهنة للأجيال القادمة أيضًا".

لا ينسى الحاج علي، تذكيرنا بقول الشاعر الشعبي: "هَلِي منكم تعلمت الوفا والطيب.. هلي يا أهل المحبة والدلال".

Advertisements