محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 21 مايو 2024 11:13 مساءً - تسببت الحرب وتداعياتها، بهجرة أعداد كبيرة من الأطباء للخارج. وبات الكثير من المشافي السورية، يعاني من نقص الاختصاصيين أصحاب الخبرات والممرضين، وتصدَّر القائمة أطباء التخدير.
وتبعًا لأرقام وزارة الصحة السورية، فإن أعلى نسبة تسرب للأطباء سجلت في مشفى الأطفال وبلغت حوالي 18%، ثم مشفى القلب الجامعي بحلب بنسبة 11%، وثالثًا جاء كل من حلب الجامعي، والبيروني الجامعي، بنسبة 10%.
كما تقاسم المرتبة الرابعة كل من مشفى الأسد الجامعي، ومشفى جراحة القلب في دمشق بنسبة 7%. واحتل مشفى المواساة المرتبة الخامسة بنسبة 4% تلاه مشفى التوليد بدمشق بنسبة 3.5%.
استنفار وزارة الصحة
وتحاول وزارة الصحة البحث عن حلول لظاهرة هجرة الأطباء، عبر تقديم حوافز وميزات تشجيعية لجميع العاملين في القطاع الصحي. لكن تلك المحاولات لم تترك أثرًا يذكر لأن المشكلة عامة تتجاوز استطاعة الوزارة، ولا تقتصر على الأطباء.
وخلال مؤتمر حواري، جمع عددًا كبيرًا من العاملين في القطاع الصحي، قال وزير الصحة حسن الغباش: "من الضروري إيجاد ورقة عمل تشاركية تعدها الكوادر الطبية، ليتم تقديمها للحكومة، بما يسهم في الحد من ظاهرة الهجرة".
لكن متطلبات الأطباء، لا تبدو سهلة على الحكومة. وقد سبق لنقيب الأطباء الدكتور غسان فندي، أن طالب بتحسين وضعهم المادي، خاصة أن راتب الطبيب المتقاعد يبلغ قرابة 20 دولارًا في الشهر فقط.
أطباء سوريا مواقع التواصل
وتعاني المشافي السورية نقصًا في أطباء التخدير، بسبب الهجرة، وعزوف الأطباء عن هذا الاختصاص، وتفضيلهم مجالات أسهل.
وتبعًا لنقابة أطباء سوريا، فإن عدد المختصين في طب التخدير، خلال السنوات العشر الأخيرة في كل مشفى، لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة. حيث هاجر الكثير منهم.
وخلال مؤتمراتهم، يطالب الأطباء بتخفيف الضرائب، ورفع رواتب المتقاعدين، وتزويد المشافي بالمعدات المطلوبة.
وتقول منظمة الصحة العالمية في بيان صدر، العام 2022، إن الاحتياجات الصحية في سوريا تحتاج بشكل طارئ إلى 257.6 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الحرجة.
وتضيف المنظمة بأن 12.2 مليون شخص بحاجة للمساعدة الصحية، من بينهم 4 ملايين نازح، و1.33 مليون طفل دون الخامسة (بما في ذلك 503,000 ولادة متوقعة) و3.38 مليون سيدة في عمر الإنجاب.
ويقول الدكتور فندي نقيب الأطباء خلال المؤتمر الطبي الحواري:" تتفاقم الهجرة بسبب ما تواجهه الموارد البشرية من صعوبات مثل الحروب أو البطالة، أو قلة فرص التقدم الوظيفي، أو ندرة مجالات البحث العلمي".
أرقام صادمة
ويقول الباحث زياد غصن، في دراسة أعدها حول الموضوع، إن متوسط عدد المرضى في مشفى "البيروني" يصل إلى 166 مريضًا للطبيب الواحد. أما في جامعة البعث بحمص فيقدر عدد المرضى بـ43 للطبيب، وفي مشفى حلب الجامعي 36، ومشفى جراحة القلب 30 مريضًا.
وتتسبّب الأعداد الكبيرة للمرضى المخصصين للطبيب الواحد، بازدحام شديد في المشافي، مع أن الكثير من الحالات غير قادرة على الانتظار طويلاً وفي مقدمتها مرضى القلب والسرطان.
وساهم انخفاض مستوى دخل المواطن، وعدم قدرته على تحمل تكاليف المعاينة والدواء والعلاج، في إبقاء معاينة الطبيب ضمن الحد الأدنى، يحث لا يمكن للفرد دفع راتبه كاملاً لقاء مراجعة الطبيب.
واستناداً إلى أرقام وزارة الصحة، فإن سوريا كانت نموذجًا للرعاية الصحية، وكانت تنتج 90% من الدواء الذي تحتاجه محليًا.
وبحسب قاعدة بيانات "مؤشرات التنمية" التابعة للبنك الدولي، فإن عدد الأطباء في سوريا، العام 2010، كان قرابة 30 ألف طبيب، أما في، العام 2020، فأصبح 15868 طبيبًا، نتيجة الهجرة بسبب الحرب.
ويفيد تقرير أصدرته مجموعة "فونكه" الألمانية، بأن عدد الأطباء الأجانب العاملين في ألمانيا تضاعف خلال العقد الماضي ليصل إلى 63 ألف و763 طبيبًا، يشكل السوريون أكبر فئة منهم ويقدر عددهم بـ 6120 طبيبًا، لجأوا إلى ألمانيا بعد الحرب.
جزء من مشكلة عامة
ولا تقتصر ظاهرة الهجرة على الأطباء، فقد طالت جميع الاختصاصات، لكن تفاقمها في المجال الصحي، يعد الأخطر، نظرًا لتأثيره على حياة الناس.
ورغم كثرة الحوارات والاستنفار الدائم من أجل معالجة هجرة الأطباء، إلا أن الحلول تبدو صعبة، لأنها مرتبطة بالوضع الاقتصادي العام، وعدم دعم الدول المانحة للقطاع الصحي في سوريا رغم النداءات المتكررة للأمم المتحدة.