الارشيف / عرب وعالم

أطفال سوريا.. "رجال" يتنقلون بين الدراسة والعمل بأمل تغيير الواقع

  • 1/3
  • 2/3
  • 3/3

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 15 مايو 2024 05:25 مساءً - لا يكاد "شمس" يصل إلى البيت بعد دوام المدرسة، حتى يرتدي ثياب العمل، وينطلق إلى السوق، ليتسلم العمل عن أبيه في بسطة الخضار.

هكذا يصرّ شمس، الذي يمثل حال الكثير من أطفال سوريا اليوم، على تقسيم العمل مع والده، ليتيح له تناول الغداء وأخذ قسطٍ من الراحة.

رفض شمس ترك المدرسة، أسوةً ببعض زملائه، وأقنع والديه بالمساهمة في تأمين مصروف المنزل عبر مساعدة أبيه.

وفي كل مرة كان يبيع فيها أكثر من والده، يقوم بممازحته ويقول إنه أصبح "أشطر" منه في التجارة.

يقول شمس لـ"الخليج الان": "مساعدة أبي تجعلني مرتاحا نفسيًّا، فأقبل على الدراسة بشكل أكبر لأنها الأمل في تغيير الواقع الصعب الذي يعيشه معظم الناس، ولا يقتصر الأمر علينا".

شمس، اليوم، في الصف السابع الإعدادي، لكن ابن الثلاثة عشر عاماً، يبدو كأنه تجاوز العشرين، في أسلوب كلامه ومعاملته للزبائن، وحسن تصرفه في البيع والشراء.

ينتهي دوام شمس في بسطة الخضار، عند السابعة مساءً، عندما يصل والده ليحل مكانه حتى الثانية عشرة ليلًا. ويبقى عليه الإسراع في إنجاز واجباته المدرسية والاستعداد لدوام اليوم التالي.

وربما يُفاجأ المتابع، عندما يعلم أن شمس من المتفوقين في المدرسة، خاصة في المواد العلمية مثل الرياضيات، والفيزياء، إلى جانب اللغة الإنجليزية. وستكون المفاجأة أكبر عندما يؤكد لنا أنه سيدرس الطب في المستقبل.

حالة شمس تتكرر عند الكثير من الأسر السورية، التي استنفرت كل طاقتها من أجل تأمين لقمة العيش، بمشاركة جميع أفراد العائلة.

أطفال يعملون في الطرقاتالخليج الان

بيع الخبز في الطريق

من جهته، لا يتردد، محمد في الوقوف ساعات طويلة على الرصيف، من أجل بيع ربطات من الخبز للمارة، ليؤمن مصروف أمه وإخوته، بعدما مات والده في الحرب منذ عدة سنوات.

ورغم أن محمد طالب في الشهادة الإعدادية، فإن ذلك لم يمنعه من لعب دور الأب والابن لإخوته الصغار، ووالدته التي تعمل في خياطة الملابس. فعندما يقترب الوقت من الساعة السادسة مساء، يبدأ عمله أمام الفرن حتى الحادية عشرة ليلاً.

يقول محمد، لـ"الخليج الان": "أشتري الخبز من الفرن بسعره الطبيعي، وأبيعه للزبائن غير القادرين على الاصطفاف بالدور لوقت طويل، بسعر أعلى يؤمن لنا مصروفنا اليومي في البيت".

وبسبب الازدحام على الأفران، انتشرت مهنة بيع الخبز بين الأطفال وكبار السن، وشكلت مصدر دخل للكثير من الفقراء والعاطلين عن العمل، الذين ينتشرون على الأرصفة وأمام المخابز، ليبيعوا ما لديهم للمارة والسيارات العابرة.

يؤكد محمد أن مهنته الحالية في بيع الخبز، ليست دائمة، وأنه سيقدم امتحان الشهادة الإعدادية هذا العام، ليكمل بعدها المرحلة الثانوية.

ويضيف: "لا يمكن أن أقضي حياتي بائعاً للخبز في الشوارع، لكنها مرحلة مؤقتة لنتغلب على الظروف".

عانى محمد من دوريات التموين التي تكافح بيع الخبز بهذا الشكل، وتم توقيفه في إحدى المرات، ثم أفرج عنه بكفالة من خاله، لكنه عاد إلى مزاولة العمل؛ لأنه الخيار الوحيد لديه.

أطفال يبيعون الخبز

أطفال يبيعون الخبزالخليج الان

شراء الأشياء المستعملة

وتعتبر مهنة شراء الأشياء المستعملة من المنازل، ثم بيعها إلى التجار، من المهن التي ازدهرت أثناء الحرب.

وتتحدد هذه المهنة بشراء المعدات المعطلة والتالفة من البيوت، مثل البطاريات، والكراسي، والخبز اليابس، والأدوات المصنوعة من النايلون.

ويقول سامر، طالب الشهادة الثانوية، لـ"الخليج الان": "اخترت هذه المهنة لأنها لا تتطلب رأس مال كبيرًا، فأنا أشتري الأشياء البالية بسعر زهيد من المنازل، وأبيعها إلى معامل النايلون، وورش صناعة البطاريات، ومعامل الورق، مع هامش معقول من الربح يضمن لعائلتنا العيش".

ورغم أن سامر لا يتلقى أية دروس خاصة من أجل الشهادة الثانوية، كما يفعل معظم الطلاب، إلا أنه يحمل كتابه معه أينما ذهب، ويعول كثيرًا على دخول الجامعة، قسم إدارة الأعمال، ويحلم أن تتغير حياته جذريًّا.

وتتعاون الأسرة السورية في تأمين متطلباتها اليومية، ومن النادر أن يبقى أحد أفرادها بلا عمل، حتى أن بعض الأسر بدأت بمشاريع صغيرة داخل المنزل أو المزرعة، تحاول من خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي، قدر الإمكان.

Advertisements

قد تقرأ أيضا