الارشيف / عرب وعالم

الذكاء الصناعي يدخلنا عصر سرقة النصوص وضياع حقوق الملكية

محمد الرخا - دبي - الأحد 12 مايو 2024 12:03 مساءً - رغم أن السطو على النصوص ليس جديداً على الفضاء الإبداعي، إلا أنه مع تطور التكنولوجيا انتشر بشكل أكبر، وتعددت أساليب التمويه فيه، فأخذ أحياناً شكل قرصنة الأفكار مع تعديل أساليبها قليلاً، ومرات أخرى كان السطو جريئاً، فطال الأفكار والأساليب معاً.

وفي المقابل، أتاح العصر التكنولوجي، إمكانية كشف السرقات الإبداعية بشكل أسهل، نتيجة تجاوز عقبة الجغرافيا، وإتاحة المعلومات عبر محركات البحث، وسرعة انتقالها بين أوساط المتابعين.

وتنتشر مشكلة السطو على النصوص في مختلف أنواع الفنون التلفزيونية والأدبية، ومن النادر أن يمر عام دون أن يشهد دعاوى قضائية تتهم أفراداً أو جهات بالسرقة؛ ما جعل هذه الظاهرة مشكلةً عالمية.

ومما أثير خلال موسم 2024 الدرامي، اتهام الشاعر السوري "بحر لاواديسا"، صنّاع مسلسل "نظرة حب"، بسرقة فكرته من مسلسل ألّفه يحمل عنوان "باليت"، بعد إجراء تعديلات على شخصية البطل "بحر".

وتُوجَّه بشكل متكرر على صفحات السوشيال ميديا، اتهامات بشأن سرقة قصائد أو عبارات أو أفكار، لا تكمل مسارها الطبيعي باتجاه القضاء، نتيجة حرفية السارق وقيامه بالتمويه الذكي لتبدو تلك النصوص ملكه الشخصي.

أخبار ذات صلة

غوغل تختبر أداة بالذكاء الاصطناعي لكتابة النصوص الإخبارية

"سرقات مضللة"

ويقول الكاتب سامر محمد إسماعيل لـ"الخليج الان": "يكاد يصبح العثور على النسخة الأصلية من أي مصنف إبداعي ضرباً من الخيال. اليوم تجاوزنا عصر السرقات الأدبية الذي يقول بعض النقاد إنه بدأ مع استلهام دانتي للكوميديا الإلهية، من رسالة الغفران للمعري، إلى عصر وقاحة السارقين".

ويرى إسماعيل أن مجاهرة السارقين بالإعلان عن ملكيتهم للقصائد والصور والروايات والأفلام التي يسرقونها، تؤكد أن أزمة أخلاقية كبرى تعصف بهذا العصر.

ويضيف إسماعيل: "تعرّضت لسرقة عنوان مسرحيتي "ليلي داخلي" لتصبح عنواناً لفيلم قصير أنجزه أحد الهواة، وعندما واجهته عبر "فيسبوك" قال، إن هذا محض توارد أفكار".

وكثيراً ما تحضر السرقات في تحويل الروايات العالمية إلى أفلام ومسلسلات، دون الإشارة إلى كاتبها الأصلي. كذلك بالنسبة للشعر، حيث يعمد السارق إلى طباعة قصائد شاعر آخر، في كتاب سرق نصوصه من الإنترنت.

وتتطلب قوانين حماية المؤلف، إجراءات توثيقية يجد الكاتب صعوبة في تنفيذها أحياناً، مثل إيداع نسخة مطبوعة وإلكترونية من النص الإبداعي عند الدائرة المختصة في وزارة الثقافة، أو اتباع إجراءات في التوثيق يصعب تنفيذها على المؤلف.

وكان الكاتب سامر محمد إسماعيل تعرض أيضاً لسرقة عنوان مسرحيته "تجربة أداء" من قبل أحد المسرحيين، ولم يستطع الحصول على حقوقه في هذه القضية.

ويقول إسماعيل "كل ما يُنجز اليوم قابل للسرقة في وضح النهار وعلى رؤوس الأشهاد". أتساءل "ما خطة مكتب الملكية الفكرية لمواجهة جحافل لصوص النصوص والأفكار والعروض؟".

أخبار ذات صلة

فيصل الشريف لـ"الخليج الان": النصوص المقتبسة من الدراما التركية لا تناسبنا

من ملفات السرقات الأدبية

وخلال السنوات السابقة، كشفت عدة سرقات أعلن عنها في وسائل الإعلام. فقد اعتذرت مجلة "فصول النقدية" عن دراسة نشرتها عن شعر محمود درويش، اتضح أن الكاتب سرقها بالكامل من الكاتبة الجزائرية جميلة "كرتوس".

كما تعرضت القاصة تيسير النجار، لسرقة قصة من مجموعتها "جئتك بالحب"، ونشرها في الصحف من قبل كاتبة أخرى. واتضح أن السارقة قامت بهذا الفعل عدة مرات.

كما تعرضت الكاتبة المسرحية المصرية صفاء البيلي، الفائزة بجائزة أحسن نص في مسابقة الهيئة العربية للمسرح 2017، للسطو على يد كاتب سرق نصاً لها بعنوان "لغتي الجميلة" ونسبه لنفسه.

وقبل سنوات، صدر حكم بالسجن عامين على شاعرة مصرية، سرقت قصيدة للشاعر العراقي علي الإمارة، بعنوان "الدخول إلى مأساة أبي فراس الحمداني"، واعتبر المثقفون الحكم انتصاراً للإبداع، خاصة أنه يصدر للمرة الأولى عربياً.

وقدم التطور التكنولوجي خدمات كبيرة لسارقي النصوص والقدرة على تمويه السرقة بشكل جيد، مستخدمين الذكاء الاصطناعي، كما أسهم الذكاء الاصطناعي في الوقت نفسه بكشف السرقات عبر خوارزمية خاصة.

ويرى المختصون أنه لابد من حصول تطور تشريعي دائم، يواكب ما يحصل من تطور تكنولوجي، بهدف حماية حقوق المبدعين في الحقول الفنية المختلفة.

Advertisements