الارشيف / عرب وعالم

مخاوف من أزمة سياسية عميقة في ألمانيا بعد تقدم اليمين المتطرف

محمد الرخا - دبي - الخميس 9 مايو 2024 09:03 مساءً - شهدت الساحة السياسية في ألمانيا، مؤخراً، تحولًا كبيرًا، مع اكتساب حزب ”البديل من أجل ألمانيا“ اليميني المتطرف قدرًا كبيرًا من الاهتمام؛ ما أثار المخاوف من حدوث أزمة سياسية عميقة.

وبحسب تقرير نشرته منصة Project-Syndicate للتحليلات السياسية، بدا أن "التفكير الصفري" المنتشر في ألمانيا يغذي صعود اليمين المتطرف.

"والتفكير الصفري" أو "التحيز الصفري" يعني السعي لربح الذات وخسارة الآخرين، أو إقصاء الغير بأي ثمن كان، وكسب الحرب على حساب الآخرين.

وفي حين أن السخط العام بشأن الهجرة وإجراءات مكافحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) يتصدران عناوين الأخبار في البلاد غالبًا، إلا أن الركود الاقتصادي هو أحد العوامل المهملة ولكن الحاسمة التي تسهم في هذا الاهتمام.

ويواجه "البديل من أجل ألمانيا"، الحزب الذي بلغت شعبيته في استطلاعات الرأي 22% على المستوى الوطني، نصيبه من الفضائح، بدءًا من الاجتماعات السرية مع النازيين الجدد إلى اتهامات التجسس ضد مرشحه الرئيس لانتخابات البرلمان الأوروبي.

لكن رغم هذه النكسات، فإن السياق الأوروبي الأوسع، والذي يتسم بصعود الحركات المتطرفة، مثل: حزب خيرت فيلدرز من أجل الحرية في هولندا، يعمل على تغذية المخاوف في ألمانيا بشأن صعود اليمين المتطرف الذي لا يمكن كبحه.

ويظهر "التفكير الصفري" كمحرك أساس وراء صعود الحركات الشعبوية في جميع أنحاء أوروبا، وفقًا لورقة بحثية أعدتها ستيفاني ستانتشيفا، الخبيرة الاقتصادية بجامعة هارفارد، وزملاؤها عام 2023.

هذه العقلية (التفكير الصفري) ترى بأنه لكي تربح مجموعة واحدة، يجب أن تخسر المجموعة الأخرى، تدعم الشعبوية السياسية، ونظريات المؤامرة على الإنترنت، والمشاعر القومية. 

ومن غير المستغرب أن يحدد الخبراء وجود صلة بين التفكير الصفري ودعم إعادة التوزيع الاقتصادي والحركات المناهضة للهجرة؛ فعندما يُنظر إلى تراكم الثروة على أنه يأتي على حساب الأشخاص الأقل حظًّا، يتوقع أصحاب التفكير الصفري أن تتدخل الحكومة.

وعلى النقيض، يعتقد أولئك الذين يتمتعون بعقلية التفكير الإيجابي أن الجميع يستفيدون عندما يصبح الأغنياء أكثرَ ثراءً - فالمد المرتفع يرفع كل القوارب.

وغالبًا ما ينظر أصحاب التفكير الصفري إلى الهجرة باعتبارها ضارة بطبيعتها للمواطنين المولودين في البلاد، ما يجعلهم أكثر ميلًا إلى دعم السياسات التقييدية.

ويعزز الركود الاقتصادي التفكير الصفري، كما يتضح من التأثيرات المتبقية للأزمة المالية في عام 2008 والتي تفاقمت بفِعل النكسات الأخيرة التي خلفتها الجائحة وأزمات الطاقة. والأجيال الشابة، التي تواجه فرصًا محدودة وتضاؤل الحراك الاجتماعي، معرضة بشكل خاص لهذه العقلية، فالشباب الألماني، الذي يتصارع مع وجهات نظر محبطة بشأن النجاح والحراك الاجتماعي، يميل بشكل متزايد نحو معتقدات التفكير الصفري، وهو ما ينعكس في الدعم المتزايد لحزب البديل من أجل ألمانيا بين هذه الفئة الديموغرافية.

وفي حين يعارض حزب البديل من أجل ألمانيا الهجرة وإعادة التوزيع الاقتصادي، يسعى لاعب جديد في السياسة الألمانية، وهو تحالف ساهرة فاجنكنشت - العقل والعدالة، إلى الاستفادة من مشاعر التفكير الصفري بشكل أكثر اتساقًا.

هذا التحالف، الذي تم تشكيله من قبل أعضاء سابقين في حزب دي لينك اليساري المتطرف، ينحاز إلى المواقف المناهضة للهجرة والمؤيدة لإعادة التوزيع الاقتصادي، ما يشكل تحديًا لهيمنة حزب البديل من أجل ألمانيا.

وبهذا، يتضح أن العلاج النهائي للشعبوية السياسية يكمن في النمو الاقتصادي القوي، وتوفير الفرص الوفيرة للشباب، وتعزيز الحراك الاجتماعي. ودون الابتعاد عن التفكير الخاسر وتنشيط الحافز لدى الشباب، فإن ألمانيا تخاطر بإلحاق ضرر اقتصادي طويل الأمد بسبب انخفاض الإبداع وتباطؤ النمو، بحسب التقرير.

Advertisements