الارشيف / عرب وعالم

تعصف بها الانقسامات.. بلجيكا تواجه شبح التفكك

محمد الرخا - دبي - الجمعة 3 مايو 2024 07:14 مساءً - تاريخ النشر: 

03 مايو 2024, 3:14 م

بلجيكا؛ تلك الدولة الصغيرة في قلب أوروبا تواجه أزمة وجودية، ويكثر الحديث مؤخراً بأنها على أعتاب التفكك!!

فما قصة هذه الدولة الفدرالية التي عجزت عن خلق بيئة توافقية بين أقلياتها المتنازعة؟

في بلجيكا، تحظى المجموعتان الإثنيّتان الأساسيّتان الفلمنك (الناطقون بالهولندية) والوالون (الناطقون بالفرنسية) بخمس مقاطعات لكلّ منهما.

ويبلغ عدد سكان البلاد نحو 12.5 مليون نسمة.. يمثّل الفلمنك نحو 60 في المئة من سكّان البلاد والوالون أقلّ من 40 بالمئة.

عام 1993 تحولت بلجيكا من النظام الوحدويّ إلى الفدراليّ من أجل استيعاب التمايزات بين الأقلّيّتين.. لكن يبدو أنّ النظام الجديد عاجز عن حلّ كلّ التناقضات.. و باتت فكرة الانفصال أكثر جديّة من أي وقت مضى.

عند منعطفات سياسيّة عدّة، وجدت بلجيكا نفسها أمام انسداد أفق شبه مستعص.. يرجع ذلك جزئياً إلى أن الفلمنك يميل إلى انتخاب اليمين أو حتى اليمين المتطرّف، فيما يميل الوالون إلى انتخاب اليسار والأحزاب البيئيّة.. وفي مثال واحد فقط على سبيل المثال أدّى إلى عرقلة تشكيل الحكومات أكثر من مرة.. وبأرقام قياسية وصل آخرها إلى 653 يوماً حتى شُكّلت الحكومة عام 2020.

وعندما يكون الناتج القوميّ للإثنيّات المتعايشة بصعوبة غيرَ متوازن، تصبح المشكلة أكبر.. على سبيل المثال أظهرت تداعيات أزمة "كوفيد-19" المزيد من التوتّرات حين استاء الفلمنك الأكثر ثراءً في البلاد من فكرة تمويل تعافي المجتمعات الوالونيّة.

حتى مع بداية انتشار الجائحة، وربّما بتأثير من الاختلافات الثقافيّة، كان الوالون يريدون اتّباع النموذج الفرنسيّ في الإغلاق، بينما تردّد الفلمنك حيال ذلك.. وتنعكس هذه الاختلافات أحياناً على الكثير من القضايا الخارجية وتصبح التناقضات ووجهات النظر المتباينة بين الإثنيتين محل تهديد لوجود الحكومة التي شكّلت بشقّ الأنفس.

بلجيكا تقترب من محطّة انتخابيّة مفصليّة في 9 يونيو 2024.. ويبدو أنّ الأغلبية الفلمنكية لا تزال مصممة على الاتّجاه نفسه.. وفي حديث إلى صحيفة بوليتيكو الأمريكية قال رئيس "المصلحة الفلمنكيّة" توم فان غريكن: "نعتقد أنّ بلجيكا زواجٌ إكراهيّ.. إذا أراد أحدهما الطلاق، فسنتحدّث عن ذلك كراشدين علينا أن نصل إلى تقسيم منظّم.. إذا لم يريدوا المجيء إلى الطاولة، فسنفعل ذلك بطريقة أحاديّة الجانب".

هذا الكلام لم يأتِ من فراغ.. فإذا حصل فان غريكن على المركز الأوّل في الانتخابات قد يطرح الانفصال بعد خمسة أعوام.. وسيصادف ذلك تقريباً الذكرى المئتين لتأسيس دولة بلجيكا عام 1830.

وقد يقرّرون بطريقة غير مباشرة ما إذا كانت بلجيكا ستصبح كومة رماد تاريخيّة.. لكنّ الصورة ليست بهذه البساطة والوقت كفيل بكشف مستقبل البلاد التي أنهكتها الخلافات الداخلية.

Advertisements