الارشيف / عرب وعالم

خبراء: ارتباط حزب الله بإيران يقوّض المبادرة الفرنسية للتهدئة

محمد الرخا - دبي - الجمعة 3 مايو 2024 02:09 مساءً - قلل مسؤولون سابقون وخبراء من جدوى العرض الفرنسي الذي وافقت عليه تل أبيب، الأربعاء، لعقد مفاوضات غير مباشرة في باريس لإيجاد تسوية دبلوماسية شاملة بين إسرائيل وميليشيا "حزب الله".

ورجّح متابعون أن يتمسك "حزب الله" بالموقف الإيراني المتمثل في المواجهة، ما يُضعف فرص التوصل إلى حل.

وقال الوزير اللبناني السابق مروان حمادة إن المفاوضات غير المباشرة تُجرى حالياً من خلال الوسيط الفرنسي من جهة والأمريكي من جهة أخرى، في بيروت وتل أبيب وليس في باريس، وما يُقترح حالياً أن تقام تلك المفاوضات في باريس بدلا من أن ترسل الأخيرة ممثليها إلى المنطقة.

لا مفاوضات مباشرة

وأضاف حمادة، في تصريحات لـ"الخليج الان": "لا أتوقع أن تُجرى المحادثات في باريس قريبا؛ لأن المباحثات الثلاثية كانت تُجرى في الناقورة بين ضباط لبنانيين وإسرائيليين تحت رعاية الأمم المتحدة، وهذه المفاوضات متوقفة حالياً طالما أن النار مشتعلة في الجنوب، والآن الأمور مرهونة بالتطورات في غزة"، وفق تعبيره.

وأوضح أن المفاوضات المباشرة غير قائمة، لا بين السلطة اللبنانية والإسرائيلية، ولا بين "حزب الله" وإسرائيل، لذلك لن يتغير شيء عما يجري حالياً، بحسب تقديره.

ولفت حمادة إلى أن المفاوضات ستكون متاحة إذا توقفت الحرب في غزة، ولو في إطار الهدنة، وإن لم يتوقف إطلاق النار "سيتمسك حزب الله بمواقف إيران المتمثلة في المواجهة".

وتوقع أن يكون الرد الإسرائيلي على خارطة الطريق التي تسلمتها من فرنسا "ليتوقف إطلاق النار ونبدأ مفاوضات غير مباشرة"، أما الجواب اللبناني، وهو جواب "حزب الله" لكنه بواسطة الحكومة، فيتمثل في "وقف الحرب في غزة أولا قبل أي حديث آخر عن وقف إطلاق النار".

وأكد الوزير اللبناني السابق أن إجابة "حزب الله" على ورقة العمل الفرنسية ستكون من رئيس مجلس النواب نبيه بري، مضيفا: "هي خريطة طريق بمعنى أنهم ابتعدوا عن التفاصيل وبقوا أكثر في العموميات التي يستطيعون من خلالها التقدم على مراحل".

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، لنظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه، إنه في حال لم تنسحب ميليشيا "حزب الله" فإن إسرائيل "ستكون قريبة من حرب شاملة" معها.

فشل منتظر

يقول الكاتب والباحث السياسي الدكتور مكرم رباح إنه رغم وجود موافقة إسرائيلية وفرنسية على لعب باريس دور الوسيط، إلا أن هذه الخطوة الدبلوماسية من الصعب أن تكون قادرة على إنهاء الوضع الخطير على الحدود الجنوبية.

وأرجع رباح، في تصريحات لـ "الخليج الان"، فشل المفاوضات لأسباب عدة، من بينها أن الجانب الإسرائيلي لا يريد ترك الكرة في ملعبه، بل قذفها إلى الوسيط (لدى الفرنسيين)، رغم أنه يعلم أن حزب الله لن ينسحب من جنوب الليطاني، على حد قوله.

وأضاف: "ما تقوم به إسرائيل حالياً من تدمير منطقة شاسعة تتواجد فيها ميليشيا حزب الله، والتي سيمنع من العودة إليها في المستقبل، يعتبر الضمان الوحيد بحسب المنطق الإسرائيلي، لا سيما في ظل عدم وجود ضمانات عربية ولا حتى داخلية بأن حزب الله سيلتزم بأي اتفاق".

وأردف الباحث السياسي اللبناني: "رأينا فشل المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، وهو خير دليل بأن الجانب الإسرائيلي لا يريد أن يتعاون، وفي المقابل يراهن "حزب الله" على الاختباء خلف الأمريكي"، وفق قوله.

ولفت رباح إلى أن الاقتراح الفرنسي السابق بنشر قوات فرنسية مع الجيش اللبناني، وضمانات أخرى لنشر قوات أمريكية إلى جانب القوات الإسرائيلية، باءت بالفشل، معتبرا أنه لن تكون "هناك معطيات جديدة إيجابية في هذه المرحلة، خاصة مع تطور الأوضاع في فلسطين".

وتقول إسرائيل إنها تريد استعادة الهدوء على الحدود مع لبنان؛ حتى يتمكن آلاف الإسرائيليين من العودة إلى المنطقة من دون خوف من الهجمات الصاروخية.

وعلّق رباح بأن عودة هؤلاء الإسرائيليين إلى المستوطنات الشمالية أمر مطروح، لا سيما أن عودتهم من دون أي ضمانات واضحة من حزب الله ستجعل منهم رهائن، وهو أمر يعيه الطرف الإسرائيلي، على حد تعبيره.

لا تهدئة

وتابع أنّ "التهدئة المطروحة لن تكون قريبة، وهناك خطة إسرائيلية واضحة باستمرار مهاجمة الأهداف العسكرية للتنظيم العسكري لميليشيا حزب الله، عن طريق ضرب القيادات الوسطية، وكل ذلك يشي بعمل عسكري موسع واستمرار الأعمال العسكرية التي ستجعل من الهدوء أمرا مستحيلا".

من جهته، يرى الكاتب والناشط السياسي مصطفى فاحص أن ما قيل عن موافقة إسرائيل بشأن التفاوض غير المباشر في باريس لا يشكل فارقا؛ لأنّ باريس لا تعمل بمنأى عن الولايات المتحدة، مبيناً أن قدرتها على فرض الشروط على الطرفين محدودة نسبياً مقارنة بالولايات المتحدة.

وأضاف فاحص، في حديث لـ "الخليج الان"، أنه "حتى الآن لا تبدي الولايات المتحدة الرغبة الكافية في إنهاء هذا الصراع على الحدود الجنوبية، وتعمل عوضا عن ذلك على منع توسعه".

وأشار الناشط السياسي إلى أن فرنسا تتحرك بهذا الدور من منطلق دورها التاريخي في هذا البلد، وهناك من ربط لبنان بغزة، وهذا يؤثر على التسوية الداخلية، فهي معنية بالتسوية الداخلية، ومدخلها لهذه التسوية إنهاء النزاع في جنوب لبنان"، وفق تأكيده.

واعتبر أنّ "كل ما يقال حول المفاوضات والتسريبات الفرنسية في هذا الشأن يجب أن يوضع في المكيال الأمريكي حتى نعرف مدى جديته، وهذا مرتهن في مكان آخر من خلال المفاوضات التي تُجرى على قدم وساق بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بين طهران وواشنطن في عُمان".

وكانت القناة 13 الإسرائيلية قد أعلنت أن إسرائيل أبدت موافقتها على عرض باريس للوصول إلى تسوية دبلوماسية، من دون الكشف عن أي تفاصيل حول العرض الفرنسي.

Advertisements