الارشيف / عرب وعالم

السوريون يجفّفون الخضار على طريقة الأجداد.. ويستغنون عن الثلاجات (صور)

  • 1/5
  • 2/5
  • 3/5
  • 4/5
  • 5/5

محمد الرخا - دبي - الخميس 2 مايو 2024 10:06 صباحاً - عاد السوريون إلى طريقة الأجداد في تجفيف الخضراوات والحبوب، تحت أشعة الشمس، لاستخدامها مؤونة في الشتاء، بسبب غياب الكهرباء لفترات طويلة، لا تتمكن معها الثلاجات من الاحتفاظ بالمواد المخزنة.

وخلال السنوات الماضية، كان انقطاع الكهرباء يتسبب في تعفّن أكياس المؤونة من الفول والبازيلاء وورق العنب وغيرها من المواد الغذائية، فينتهي بها الأمر في حاويات القمامة، رغم تكلفتها الكبيرة على المواطن محدود الدخل.

ويعد شهر المؤونة مايو، من الأشهر المهمة، التي يوليها السوريون عنايتهم القصوى؛ فهو ينقذهم من غلاء المواد الغذائية في الشتاء، ويجعلهم قادرين على تناول خضار الصيف في الشتاء.

وتعتبر حبوب الفول الأخضر، والبازلاء، والباذنجان، والبامياء، إلى جانب الزيتون و"المكدوس"، و"الشنكليش"، وعصير البندورة والمربيات، من أبرز المواد التي يحرص كل بيت على تخزينها، استعداداً لموسم الشتاء الفقير بالخضراوات والمواد الغذائية.

خضار المؤونةمتداولة

التيبيس في الشمس بدل المجمد

وبعد أن عانى الأهالي من خسارة مؤونتهم في عدة مواسم بسبب انقطاع الكهرباء، وعدم تبريد المجمّدات، رجعوا إلى عادة أجدادهم في تجفيف الخضار والحبوب تحت أشعة الشمس، ومن ثم تخزينها.

وفي الماضي البعيد، كان يلجأ الناس إلى تجفيف اللحوم عبر رشها بالملح وفردها في الشمس، أو تعريضها للنار ومن ثم تخزينها. لكن هذه العادة توقفت مع غلاء اللحوم، واقتصر التجفيف على الخضراوات والحبوب.

وتُنشر خلال الصيف، أطواق من الباذنجان المحفور والبامياء، على الشُّرف وفوق الأسطح، بهدف تجفيفها بأشعة الشمس، ويصنع منها الأهالي طبخات يسمونها "الكسيد"، وقد انتعشت هذه العادة بعد أن غابت سنوات طويلة.

أطواق الباذنجان المجفف

أطواق الباذنجان المجففمتداولة

تجفيف الخضار

تجفيف الخضارالخليج الان

ويقول الباحث الاقتصادي الدكتور عابد فضلية لـ"الخليج الان"، إن "أي نشاط يسهم في زيادة الإنتاج وخدمة المجتمع وزيادة قوته الشرائية وسد حاجاته، هو مشروع مجدٍ اقتصادياً واجتماعياً".

ولجأ الناس خلال السنوات الأخيرة إلى سياسة الاكتفاء الذاتي، بسبب غياب خدمات البنية التحتية الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء والمحروقات. وبدأت الجدّات باستعادة حياتهن القديمة، وتحايلهن على الظروف عبر استثمار البيئة.

وتضيف الحاجة أم زياد: "لم يكن لدينا كهرباء، ولا تلفزيون، ولا طب حديث. وكنا نعيش بسعادة ولا ينقصنا شيء؛ لأننا كنا محبين للأرض، ولدينا الحلول لكل مشكلة تعترضنا، ويجب أن يتعلم أبناؤنا هذا النمط من الحياة اليوم".

وبسبب توقف الأدوات الكهربائية عن العمل، ظهرت مهنة جديدة هي تجهيز وبيع غذائيات المؤونة، واختصت بها النساء. كما انتعشت الأكلات الشعبية القديمة التي أوشكت على الانقراض.

وتضيف الحاجة أم زياد: "أجفف عشرات الكيلوغرامات من قطع الباذنجان، التي تُصنع منها طبخة "المنزّلة"، وهي أكلة شعبية قديمة لا يعرفها معظم أبناء هذا الجيل".

تجفيف الخضار

تجفيف الخضارالخليج الان

عودة للجذور

ويقول الباحث الاقتصادي سامي عيسى، لـ"الخليج الان": "من النتائج الإيجابية لهذا الوضع الاقتصادي الصعب، أنه أعاد الناس إلى الأرض واستثمار البيئة، ولم يكن ذلك بقرار حكومي، بل بشكل فطري رجع الأهالي إلى جذورهم".

وأوقف الناس في معظم الأرياف السورية البرادات عن العمل بشكل نهائي؛ لأن ربع أو نصف ساعة من الكهرباء الواصلة، كل ست ساعات، لا يمكن الاستفادة منها بشيء.

ويضيف عيسى، أن "تجفيف الخضار والفواكه والحبوب في أشعة الشمس، بهدف تخزينها فترات طويلة، يعدّ صحيًّا أكثر من تخزينها بالتجميد. ومن المتوقع أن يطوّر الناس أدواتهم بشكل أكبر كلما اشتدت الظروف".

وتُشاهد في منازل السوريين اليوم عناقيد من الرمان الحامض معلقة على الحائط، وفي ساحة المنزل أطواق من الخضار محمولة على حبال الغسيل تحت أشعة الشمس، وفي أرض الديار تنتشر أواني العصائر المعدة للاستخدام في الطبخ.

وتقول الحاجة أم زياد: "أرضنا مليئة بالخيرات، ويجب علينا استثمارها وابتكار الحلول بشكل دائم. فالجوع لا يمكنه انتظار المؤسسات الرسمية سنوات أخرى، على أمل الوصول إلى حل، وربما لن تصل".

Advertisements