الارشيف / عرب وعالم

إيران.. تقرير مركز الأبحاث يشعل الصراع بين البرلمان والحكومة

محمد الرخا - دبي - الأربعاء 1 مايو 2024 06:03 مساءً - تصاعدت حدة الخلافات بين حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والبرلمان، وذلك على خلفية تقرير لمركز الأبحاث التابع للبرلمان والذي انتقد فيه الحكومة لعدم تحقيق الوعود التي قطعتها، ومن بينها السيطرة على أسعار سوق صرف العملات الأجنبية أمام العملة المحلية.

ولم يقتصر الخلاف على المسؤولين في الحكومة والبرلمان، بل امتدت إلى إعلام هاتين السلطتين، بعد سلسلة هجمات وحرب إعلامية متبادلة.

وبدأت القصة عندما شكك البرلمان في سياسات الحكومة فيما يتعلق بالصرف الأجنبي بعد ارتفاع سعر الدولار إلى أكثر من 660 ألف ريال في الأيام الأخيرة، وبعد ذلك تم عقد اجتماعين بهذا الخصوص بحضور المسؤولين في الحكومة والبرلمان.

ودعا محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان في اجتماع لمراجعة قضايا العملة الإيرانية، الحكومة إلى اتخاذ إجراءات لوقف انهيار العملة، مؤكداً أن ما يحصل "لا يمكن تحمله" بسبب أضراره على الشعب واقتصاد البلاد.

وقال قاليباف، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام رسمية: "إن الحكومة والبرلمان يجب أن يتفقا على القضايا المتعلقة بالعملة حتى لا يعاني الشعب من هذا الوضع أكثر من ذي قبل".

وبعد يوم واحد فقط من هذا الإنذار، أعلن مهدي درابي مدير الإدارة النقدية والمالية في مركز أبحاث البرلمان عن انحرافات خطيرة في مسألة تنظيم سوق العملات في البلاد.

ووفقا لأحدث تقرير لمركز أبحاث البرلمان، في ميزانية العام الماضي، فقد "تم النظر في 20 مليار دولار لتوفير الدولار بقيمة 285 ألف ريال، وكان من المتوقع توفير ما يقارب 18 مليار دولار من مبيعات النفط، لكن بحسبه، لم يتم تحقيق حوالي 30 إلى 40% من هذا الرقم".

تفاقم التوترات

وقالت مصادر برلمانية مقربة من قاليباف لـ"الخليج 365"، إن الاجتماع الذي عقده الأخير مع مسؤولين في حكومة رئيسي فاقم التوترات بين البرلمان والحكومة.

وبحسب المصادر، فإن "رئيس البرلمان أعطى إنذاراً للحكومة لتغيير سياسات الصرف الأجنبي، وقال إنه إذا لم تقدم الحكومة خطة لسوق العملة، فإن البرلمان نفسه سيتخذ إجراءات في هذا الشأن".

وأضافت أن "قاليباف أبلغ مسؤولين بحكومة رئيسي أن البرلمان ربما سيضطر إلى استجواب وإقالة عدد من الوزراء مع قرب انتهاء ولايته في الشهر المقبل، من بينهم وزير الاقتصاد والشؤون المالية إحسان خاندوزي".

حرب إعلامية

ومع تصاعد الخلافات، أطلقت حكومة رئيسي العنان إلى وسائل الإعلام التابعة لها لشن حملة ضد مركز الأبحاث وشخص قاليباف، فيما اتهمت الوكالة الرسمية "إيرنا"، بعد سلسلة من المقابلات مع عدد من النواب، مركز الأبحاث التابع للبرلمان بـ"بالانحراف عن سياساته وخططه".

وقالت في تقرير لها، إن "على مركز الأبحاث القيام بواجبه في تقديم المشورة للنواب حول الخطط ومشاريع القوانين والأنشطة العلمية، وعدم الانشغال بالقضايا الإعلامية"، مضيفة أن "نشر تقارير مثيرة للانقسام يتعارض مع رغبات قائد الثورة علي خامنئي، ولا ينبغي لمركز الأبحاث التابع للبرلمان أن ينشر تقارير مخيبة للآمال ومدمرة".

فيما اعتبرت مواقع إخبارية تابعة للحكومة، أن قاليباف يحاول دفع البرلمان باتجاه مهاجمة الحكومة لكسب آراء النواب في تمديد ولايته لرئاسة البرلمان في الشهر المقبل.

وقوبلت سلسلة المقابلات التي نشرتها وكالة الحكومة "إيرنا"، والتي تنتقد إجراءات عمل مركز أبحاث البرلمان، بردود فعل من وكالة الأنباء الرسمية للبرلمان "خانه ملت"، وأجرت الأخيرة مقابلات مماثلة مع نفس النواب الذي اختارتهم وكالة الحكومة، حيث انتقدوا موقف حكومة رئيسي من مركز الأبحاث.

وقال عضو البرلمان الإيراني عن المستقلين "غلام رضا نوري قزلجه" لـ"الخليج 365"، إن "مركز الأبحاث التابع للبرلمان يقوم بعمل مهني وليس أعمالاً سياسية كما تتصور الحكومة"، مبيناً: "لم نر المركز يقوم بعمل سياسي، والإدلاء بتصريحات ضد المركز ليس منطقيًّا".

واتهم قزلجه حكومة رئيسي بتقديم إحصائيات ليست صحيحة فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية أو التضخم أو البطالة، منوهاً إلى "أن إحصائيات الحكومة في بعض الأحيان ليست منطقية وصحيحة، ولا ينبغي أن تتسبب هذه القضية في موقف غير عادل ضد تقارير مركز الأبحاث".

أغراض سياسية

واعتبر روح الله نجابت عضو البرلمان عن التيار الأصولي، ما يحصل بين الحكومة والبرلمان بأنه "قضية مفتعلة"، الهدف منها الحصول على "مكاسب سياسية".

وقال نجابت لـ"الخليج 365"، متسائلاً: "لماذا يرفع راية المواجهة مع الحكومة رئيس البرلمان قاليباف؟ هذا يشير إلى أن الرجل يريد البقاء في منصبه"، كاشفاً إلى أن قاليباف عقد في الأيام القليلة الماضية اجتماعاً مع قيادات في جبهة الثبات التي فازت بمقاعد البرلمان عن طهران.

وأضاف، أن "قاليباف يريد استمالة نواب هذه الجبهة للبقاء في منصبة؛ لأنه يعتقد أن مغادرته المنصب سينهي دوره السياسي في البلاد".

معضلة البرلمان

بدوره، دافع "ياسر مرادي" الخبير الاقتصادي، عن سياسات الحكومة تجاه سوق العملات، معتبراً أن البرلمان أحد عوامل أسباب المشكلة في هذا السوق.

وقال لـ"الخليج 365"، "إن احتجاج البرلمان على وضع سوق العملات هو استعراض وخداع لن يكون له أي نتائج على سوق العملات، والبرلمان نفسه هو أحد عوامل خلق هذه المشاكل"، منوهاً إلى "أن جزءاً من التوتر الذي نعيشه مع العالم الخارجي يرجع إلى التفكير المبدئي الذي يحكم البرلمان".

وذكر "أن الحكومة ملتزمة بتوفير الاحتياجات الأساسية للشعب بقيمة 285 ألف ريال، وأن عدم حل مسألة الحصار (العقوبات) واضطرارنا إلى السحب من احتياطياتنا هو أثر سلبي؛ لكن تأثيره الإيجابي هو أن السلع الأساسية لا تزال متاحة للناس".

وبحسب رأيه، فإن التصريحات الأخيرة لأعضاء البرلمان هي مسرحية، وإذا كانوا سيحكمون على شخص ما، فإن الشعب هو الذي يجب أن يسأل البرلمان والحكومة عن أسباب هذه التوترات الإقليمية.

واعتبر الخبير الاقتصادي أن المتغير الذي يؤثر على سعر صرف الدولار في إيران هو المتغير الخارجي والبرلمان ليس لديه خطة لمواجهة هذه القضية، وما يحصل الآن هي معركة سياسية في معظمها.

وفي توقعه لمستقبل سوق العملات وسعر الدولار، يقول مرادي، إن "سوق العملات وبالتالي أسعار السلع المرتبطة بالعملة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتطورات الخارجية المتعلقة بإيران؛ لأن العملة لها تأثير أصل أجنبي؛ ولذلك فإن أي حدث إيجابي أو سلبي في علاقات الدولة التجارية والسياسية مع الدول الأخرى سيكون له تأثير إيجابي أو سلبي مباشر، كما حصل في التوتر الذي وقع بين إيران وإسرائيل مؤخراً".

ووفقا له، على المدى المتوسط، إذا لم يطرأ أي تغيير على موضوع العقوبات، فإن سعر الصرف هذا سوف يتقلب صعوداً مع اقتراب الانتخابات الأمريكية واحتمال أن يكون دونالد ترامب الرئيس المقبل للولايات المتحدة.

Advertisements