محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 30 أبريل 2024 03:03 مساءً - مع مُضي 25 عامًا على إغلاق الأردن لمكاتب حركة حماس، تأخذ العلاقة الأردنية مع الفصيل الفلسطيني، شكلًا من أشكال التنافر والتوتر المتزايد، خاصة مع تصريحات لقادة الحركة عقب أحداث الـ7 من أكتوبر، التي خاطبوا فيها أكثر مِن مرّة الشارع الأردني متجاوزين الدولة ومؤسساتها.
آخر التصريحات الصادرة عن الحركة ما جاء على لسان عضو مكتبها السياسي، موسى أبو مرزوق، بعدما قال في حديث لوسيلة إعلام إيرانية: "هناك إشاعة أن قيادات حماس ستنتقل إلى العراق أو سوريا أو تركيا، كل هذه أجواء إعلامية فقط للضغط على القطريين. وإذا انتقلت قيادة حماس، وهو أمر غير قائم حاليًّا، فستنتقل إلى الأردن إذ تربطنا علاقة جيدة مع النظام الأردني، حيث الشعب المضياف والكريم والمؤيد للمقاومة الفلسطينية".
وردًّا على تلك التصريحات قال مصدر أردني رفيع لـ "الخليج 365": "إن عمّان طوَت هذا الملف، وترى في ذلك محاولاتٍ لاستفزاز الموقف الرسمي الأردني، الذي كان واضحًا في الانحياز للقضية الفلسطينية وتقديم شتى أنواع الدعم لقطاع غزة الذي يشهدُ عدوانًا إسرائيليًّا غاشِمًا".
وأضاف "الأردن سيستمر في تقديم واجباته تجاه فلسطين، والملك عبد الله الثاني أشرفَ بنفسه على عملياتِ إنزال جوية إغاثية للقطاع، والموقف الرسمي الأردني قام بصناعة جبهة دبلوماسية مناهضة لِما تقوم به إسرائيل من حرب إبادة في غزة".
ويشير عضو البرلمان الأردني الأسبق وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية محمد القطاطشة، إلى أن العديد من أعضاء الفصائل الفلسطينية سواء حماس أو الجهاد أو فتح يحملون الجنسية الأردنية، إذ كانت الضفة الغربية تتبع للأردن، لكن في عام 1988 حينما صدر قرار فك الارتباط الأردني الفلسطيني، رسَّخت الدولة الأردنية مبدأ المواطنة وتمَّ الإبقاءُ على جنسياتهم، مع تأكيد عدم القيام بأي أنشطة تنظيمية على الأرض الأردنية.
"كلمة باطلٍ أُريدَ بها باطل"
وأضاف القطاطشة لـ "الخليج 365": "إن حديث أبو مرزوق كلمة باطل أُريدَ بها باطل، حين حاول في حديثه فصل الدولة الأردنية عن النظام الأردني؛ فهو يقول إن حماس تربطها علاقات جيدة بالنظام الأردني، بينما يتحدث بتعبيرات في غير مكانها عن توجه قيادات حماس للأردن حال مغادرة قطر، وفي هذا محاولة لفصل النظام عن الدولة".
وتابع القطاطشة: "أعتقد أن الأردن لا يمانع عودة أي من مواطنيه لكن شريطة أن يتخلى قادة حماس عن فصائليتهم المدعومة من إيران. والأردن رغم بعض الملاحظات على أداء السلطة الوطنية الفلسطينية فإنها الجهة الوحيدة التي سيبقى يتعامل معها".
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة، إن تصريحات أبو مرزوق، جاءت استكمالًا لأكثر من تصريح وإشارة من الحركة عقب أحداث الـ7 من أكتوبر، حيث وُجهت تلك تصريحات إلى الشارع الأردني وتجاوزت فيها الدولة الأردنية.
وأضاف الرواشدة لـ "الخليج 365"، أن مسألة عودة قادة حماس للأردن تأخذ طابعًا سياسيًّا في سياق استكمال للرسائل السياسية التي توجهها الحركة للأردن، وكأنها تأتي في سياق الضغط عليه لتحصيل بعض الأثمان السياسية.
موقف أردني واضح
وتابع الرواشدة: "الموقف الأردني الرسمي واضح منذ 1999، ومفاده أنه لا مانعَ من وجود أي مواطن أردني على تراب الدولة، شريطة أن يخضع للقانون الأردني، وألّا ينتمي لأي فصيل مسلح، وألّا يمارس عمله التنظيمي من داخل الأراضي الأردنية".
وأشار إلى أن "الموقف الأردني واضح في دعم أهلنا في غزة، لكن عنوان التعامل كان وسيبقى مع السلطة الوطنية الفلسطينية المعترف بها دوليًّا".
ومطلع شهر نيسان/أبريل الماضي، اتهمت الحكومة الأردنية، حركة حماس بأنها تحاول تأجيج الشارع الأردني، رغم ما يقدمه الأردن من خطوات سياسية وإغاثية دفاعًا عن غزة.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الوزير مهند مبيضين في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن هناك أيديولوجيات بائسة وشعبويات تريد تأليب الرأي العام باستغلال المشاعر والعواطف، مطالبًا حماس بتوفير نصائحها ودعواتها للأردن، وأن تلتفت لحفظ السلم والصمود لأهالي قطاع غزة.
وشهدت العلاقة الأردنية مع الحركة محطات من التقارب والتوتر، يستذكر معها الكثير من المسؤولين الأردنيين موقف الراحل الملك الحسين مع أبرز قادة الحركة خالد مشعل، حين تعرَّض في أيلول/سبتمبر عام 1997 لمحاولة اغتيال فاشلة من قبل عملاء لجهاز الموساد الإسرائيلي على الأراضي الأردنية.
وتمكنت السلطات الأردنية، حينها، من إلقاء القبض عليهم، حيث ضغط الملك الحسين على حكومة بنيامين نتنياهو آنذاك، لكي ترسل الترياق المضاد للسم الذي زرعه الموساد في جسد مشعل، وأن تفرج عن الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لحركة "حماس" المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة في الدولة العبرية وقتها، مقابل الإفراج عن عملائها وهو ما تم وفق الشروط الأردنية.