محمد الرخا - دبي - الخميس 25 أبريل 2024 11:13 صباحاً - رغم أن السينما سحرت العالم في نهاية القرن التاسع عشر، مع اختراع الكاميرا وظهور المشاهد المتحركة الصامتة الأولى، فإنها اليوم، تواجه صعوبات في ظل تطور التقنيات السمعية والبصرية، وتعدد المنابر ومنصات العرض.
وكثيرًا ما يتغنى مشجعو السينما، بطقوس العرض الجماعية في الصالات، والفضاءات التي تحرض مخيلة المشاهدين، لكن هذا كله يبدو مهددًا الآن مع دخول سينما الإنترنت إلى المنازل، واختلاف تصنيع الأفلام بما يتناسب مع التكنولوجيا الحديثة.
وبإمكان المشاهد في هذه المرحلة، متابعة أي فيلم على "نتفلكس" و"شاهد"، وقنوات اليوتيوب، وبعضها يستخدم كاميرات رقمية صغيرة، وهناك أفلام تستخدم كاميرا الموبايل في أفلام الشباب، وهو ما يضع السينما التقليدية أمام تحديات خطيرة.
أخبار ذات صلة
بصفاء سينما السبعينيات.. فيلم "أنورا" ينافس في مهرجان كان
وتزيد مشاكل السينما العربية عن العالمية، في موضوع الإنتاج والميزانيات المتاحة للأفلام، وانتهاء صلاحية أفكار التشويق والإثارة المشتغل عليها، ويزيد من تفاقمها الفضاء المفتوح متعدد الخيارات.
"السينما لا تشبه التلفزيون"
يقول الكاتب والناقد سامر محمد إسماعيل، لـ"الخليج 365": "الشروط الفنية للتلفزيون والسينما مختلفة تمامًا. فالزمن التلفزيوني لا يمكن أن يكون زمنًا سينمائيًّا، والعكس صحيح، أما الصورة التلفزيونية فهي اليوم تنحدر من سلالة الفيديو كليب. وهي -على الجماليات الموجودة فيها- لا تعني مطلقًا أنها سينمائية، فالسينما ليست فنًّا بصريًّا. بل هي فن زمني له ملامح بصرية".
ويؤيد الكاتب نضال قوشحة، وجود اختلاف جمالي بين السينما والتلفزيون. لكنه يرى أنه لا يمكن الاستهانة بما حققه التلفزيون. ويضيف قوشحة لـ"الخليج 365" "لا شكَّ أن الدراما التلفزيونية بشرطيها العالمي والمحلي، أثرت كثيرًا على وجود السينما، لأنها تغلبت على عناصر صناعة المشهد السينمائي، التي إحدى ركائزها صالات العرض".
ويرى المخرج محمد سمير الطحان، أن تبدلات كثيرة حصلت في المشهد الفني. ويضيف لـ"الخليج 365""اختلفت طرق العيش والمشاهدة عند الإنسان العربي المشغول بالعمل والساعي وراء لقمة العيش، فلم يعد قادرًا على إيجاد الوقت لمشاهدة فيلم في دار سينما، فيكتفي بمشاهدته على الجوال أو الشاشة المنزلية كما يشاهد الدراما التلفزيونية".
"المعركة صعبة على السينما، وجود الفيديو شكَّل خطرًا، لكنه لم يشكل نهاية فن السينما"
الكاتب نضال قوشحة
ويضيف طحان، عن موضوع رأس المال وتبدل وجهات النجوم من السينما إلى التلفزيون "مع دخول رقم مالي ضخم للاستثمار في الدراما التلفزيونية، أصبحت هذه الصناعة الوجهة الأولى للنجوم والمخرجين والكتاب، وهبط معها مستوى السينما العربية لأن المنافسة لم تعد لصالحها".
ويصر الكاتب سامر محمد إسماعيل، على الفرق الكبير السينما والتلفزيون. ويضيف "هناك جهل في طبيعة الفن السينمائي، وبراءة ذمة لهؤلاء المخرجين الذين يعتقدون أن نوع الكاميرا كفيل بجعل الفيديو الذي يحققونه فيلمًا سينمائيًّا، تمامًا كلقب النجوم الذي يطلق على ممثلي التلفزيون، مع أن مصطلح نجم لا يمكن إطلاقه إلا على ممثلي الصف الأول في أفلام السينما، والذين يحققون أرباحًا لأفلامهم في شباك التذاكر".
"سينما بلا صالات"
وتعود أزمة السينما العربية إلى ما قبل ازدهار الدراما التلفزيونية وحضورها كمنافس للسينما. فالكثير من صالات السينما العربية أغلقت ولم يعد شباك التذاكر قادرًا على جلب العائدات المالية التي تعوّض ما صُرف على الفيلم.
ويقول قوشحة "السينما تخسر شريحة كبيرة من جمهورها من الصعب تعويضها. هناك أجيال لا يعرفون السينما إلا من "نتفلكس" و"شاهد"، ويصعب إقناع هذا الجيل بأن هناك سينما وصالات عرض".
وحول المستقبل، يرى المخرج محمد سمير الطحان، أن التبدلات المتوقعة بسبب التكنولوجيا، كبيرة وربما تفاجئنا بشكل لا نتخيله. ويؤكد "مع دخول الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي، لا بدَّ مِن أن تعود السينما بقالب جديد قد يكون بعيدًا عن طقوس المشاهدة الجماعية في دور السينما، فنحن اليوم أكثر فردانية من أي وقت مضى".
ويراهن الكاتب قوشحة، على استمرارية السينما وتغلبها على جميع الصعوبات قائلًا "المعركة صعبة على السينما، وجود الفيديو شكَّل خطرًا، لكنه لم يشكل نهاية فن السينما، والفضائيات كانت الضربة الثانية، وأيضًا تجاوزتها السينما رغم خسارتها بعض قوتها".