الارشيف / عرب وعالم

تراجع خدمات الصحة النفسية في بريطانيا يودي بحياة آلاف المرضى

محمد الرخا - دبي - الاثنين 22 أبريل 2024 04:14 مساءً - أفادت صحيفة "الإندبندنت" بأن تسريبًا حصريًّا لأرقام هيئة الخدمات الصحية الوطنية كشف أن أكثر من 15000 مريض ماتوا أثناء وجودهم تحت رعاية خدمات الصحة النفسية المجتمعية خلال عام واحد فقط.

وتسلط البيانات الممتدة من مارس/آذار 2022 إلى الشهر ذاته من عام 2023، الضوء على الضغط الشديد الذي تواجهه هذه الخدمات، حيث تكافح الصناديق الائتمانية لتلبية الطلب المتزايد، وسط نقص الموظفين ومحدودية التمويل.

وأوضحت الصحيفة أن التقرير المسرب، الذي لم ينشره مسؤولو الصحة سابقًا، يشمل وفيات المرضى تحت رعاية فرق الصحة النفسية المجتمعية العامة، لافتة إلى أن عدد الوفيات من الممكن أن يكون أعلى.

وتتنوع أسباب الوفاة، وتشمل حالات الانتحار، وأحكام التحقيق غير الحاسمة، والوفيات غير المتوقعة مثل النوبات القلبية أو السكتات الدماغية أو الحوادث، فيما تؤكد الروايات المزعجة من العديد من العائلات حالة اليأس التي يعيشها المرضى وأحباؤهم.

وبحسب البيانات، أضطر الكثيرون إلى "استجداء" العلاج من الفرق المثقلة بالأعباء، فيما أعرب مصدر رفيع المستوى في هيئة الخدمات الصحية الوطنية عن أسفه لإهمال الرعاية المجتمعية على مدى عقود، منتقدًا التركيز غير المتناسب على خدمات المستشفيات للمرضى الداخليين.

وتشمل خدمات الصحة النفسية المجتمعية العلاجات خارج المستشفيات، بما في ذلك العيادات والرعاية المنزلية.

وتكشف البيانات المسربة تفاصيل قاتمة، حيث أفادت بأن 137 سيدة توفيت ضمن خدمات الحوامل، في حين أن ما يقرب من واحد من كل عشرة مرضى عولجوا من قبل خدمات الأزمات، المصممة لحالات الصحة العقلية الشديدة، ماتوا تحت رعايتهم.

وأبلغت إحدى المؤسسات عن أكثر من 500 حالة وفاة في الفترة نفسها، في حين توفي 127 مريضًا لكل 10000 أثناء وجودهم تحت رعاية فرق الصحة النفسية المجتمعية في الفترة 2022-2023. 

ودفعت الأرقام المثيرة للقلق العشرات من الأطباء الشرعيين إلى تسليط الضوء على الأزمة، مشيرين إلى ندرة الأطباء النفسيين وغيرهم من العاملين الأساسيين في مجال الصحة العقلية على المستوى الوطني.

كما سلط التقرير الضوء على الضغط المتزايد على هذه الخدمات، حيث ارتفعت معدلات الشواغر في فرق الصحة العقلية المجتمعية إلى 12%، في حين ارتفع عدد المرضى بنسبة 11%.

وقصة ناتالي ماكليلان المؤلمة تلخص الوضع "المزري" الذي تواجهه العديد من العائلات، حيث تعاني ابنتها ريبيكا البالغة من العمر 24 عامًا، من اضطراب ثنائي القطب، وأنهت حياتها بشكل مأساوي بعد أن كافحت للحصول على رعاية الصحة النفسية في الوقت المناسب.

وروت ناتالي لقطات كاميرات المراقبة التي تظهر ريبيكا وهي تطلب المساعدة خارج مستشفى للصحة العقلية، ما يعكس الإخفاقات المنهجية وأوجه القصور في تقديم الرعاية.

كما تواجه الخدمات المجتمعية في الفترة المحيطة بالولادة، والتي تدعم النساء الحوامل والأمهات الجدد، تحديات.

وقالت الصحيفة "في حين إن هيئة الخدمات الصحية الوطنية لا تنشر أوقات الانتظار لهذه الخدمات، أشار التقرير المسرب إلى متوسط فترة انتظار تبلغ ثلاثة أسابيع للمواعيد الأولية، مع تقارير بعض الصناديق الائتمانية عن فترات انتظار تتجاوز 25 أسبوعًا".

وتجسد محنة لويز مورموت في إسيكس الصعوبات التي يتحملها المرضى، فعلى الرغم من تاريخها مع اضطراب الوسواس القهري الشديد، يُزعم أن خدمات الفترة المحيطة بالولادة في المجتمع أخطأت في تشخيصها وأساءت معاملتها، مما أدى إلى تفاقم حالتها. 

وتضمنت رحلتها المؤلمة حالات دخول متعددة إلى قسم الطوارئ والانتظار لفترة طويلة للحصول على الرعاية المناسبة.

وأكدت الصحيفة أن الضغط المتزايد على خدمات الصحة العقلية المجتمعية أثار مخاوف في جميع المجالات، فيما سلّط سافرون كورديري من مقدمي الخدمات الصحية الوطنية الضوء على عدم استدامة الوضع الحالي.

وفي الوقت نفسه، أكد مارك وينستانلي من منظمة Rethink Mental Illness على الفجوة الآخذة في الاتساع بين الطلب على المرضى والقوى العاملة المتاحة في مجال الصحة العقلية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، حاثا الحكومة على زيادة التمويل.

وقالت "الإندبندنت" إنه على الرغم من الروايات المروعة والإحصاءات المثيرة للقلق، ظلت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا ووزارة الصحة والرعاية الاجتماعية غير ملتزمتين بمراجعة خدمات الصحة النفسية المجتمعية.

وأضافت تقول: "بينما تم استثمار نحو مليار جنيه إسترليني في هذه الخدمات بين عامي 2019 و2023، فإن الحاجة الملحة للإصلاح وتحسين توفير الرعاية لا تزال غير قابلة للنكران".

Advertisements