محمد الرخا - دبي - السبت 20 أبريل 2024 02:09 مساءً - يمثل مهرجان كان السينمائي في دورته الجديدة فرصة ذهبية للمخرجة البريطانية أندريا أرنولد، لتعود بعد غياب لتمارس هوايتها المفضلة في إثارة الجدل، وكشف المسكوت عنه، وهز ثوابت الصورة البراقة التي يكوّنها كثيرون في هذا العالم عن الغرب.
أرنولد ذات الملامح الصارمة، المتجهمة غالبا، والعين الذكية والكادرات الجريئة ستسعدها بالطبع أي جائزة يحصل عليها فيلمها الجديد (Bird) أو "طائر"، لكن المتتبع لسيرتها سيكتشف أن الشغف وحده هو ما يحقق لها الإشباع بعد أن أُتخمت بالجوائز لا سيما حين تذهب إلى مناطق مختلفة غير مسبوقة.
مساكن عشوائية وأب مهمل وضواح منسية لا يلتفت إليها كثيرون، كلها تشكل مفردات الفيلم الروائي الطويل الذي من المتوقع أن يثير نقاشا صاخبا ويكشف وجها مظلما من وجوه الجنة وارفة الظلال التي توحي بها مقاطعة "كنت" الملقبة بـ"حديقة إنجلترا"، نظرا لكثرة بساتينها وحدائقها. كل ذلك من خلال قصة "بيلي"، المراهقة الصغيرة، التي تعيش مع والدها وأخيها وتتوق إلى الانطلاق مثل "طائر" يبحث عن آفاق جديدة من التجربة والدهشة والمغامرة.
يشارك في بطولة الفيلم، الذي سيعرض في المسابقة الرسمية للمهرجان فرانز روجوسكي ونيكي أدامر، لكن الرهان الأساسي سوف يكون على النجم الشاب باري كيوجان الذي يصلح بنبرة صوته العميق وملامحه المحايدة وأدائه الهادىء الواثق حد البرود، لأداء الأدوار ذات الطابع الفني التجريبي، كما يمتلك في الوقت نفسه كاريزما النجم الجماهيري، وهو ما ظهر في عدد من الأعمال أبرزها "مقتل الغزال المقدس"، إنتاج 2017، والذي شارك في بطولته مع نيكول كيدمان، وكولين فاريل.
غرام أندريا أرنولد بكشف المسكوت عنه تجلى في العديد من الأعمال منها "العسل الأمريكي"، الذي كشفت فيه عن "أمريكا مختلفة وفقيرة تبعث على الصدمة" على حد تعبيرها. ويجسد الفيلم أزمة التفاوت الطبقي الصارخ من خلال مجموعة من المراهقين الفقراء يطرقون أبواب الأثرياء بطول وعرض الولايات المتحدة في محاولة لإقناعهم بالاشتراك في إحدى المجلات التي يعملون لصالحها.
أمّا ولعها في التجريب فبلغ غايته في فيلم "بقرة"، حيث لا يكاد يحكي الفيلم شيئا سوى استعراض حياة بقرة مرفهة لا تكف عن الخوار وتتناول الطعام بشهية وتتأمل السماء في صمت وتنعم بأشعة الشمس وتمنح حليبها في رضا. ورفضت "أرنولد" تحميل الفيلم أي مدلولات سياسية، وقالت إنه فقط يدعو إلى التأمل والتساؤل حول علاقتنا بالطبيعة.