الارشيف / عرب وعالم

مشروع "البصرة-العقبة".. صراع الإرادات بين الميليشيات والحكومة

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 16 أبريل 2024 10:10 مساءً - أحمد عبد - الخليج 365

مع تصاعد حدة التوتر في المنطقة، وإمكانية غلق إيران مضيق "هرمز" الذي يعد المنفذ الرئيس لتصدير النفط العراقي، يعود الحديث عن مشروع خط "البصرة-العقبة" إلى الواجهة مرة أخرى؛ إذ من المفترض أن يتيح تصدير أكثر من مليوني برميل من النفط نحو البحر الأحمر.

ورغم رغبة الحكومات منذ عام 2012 بإنشائه، إلا أن الميليشيات في العراق وقفت حجر عثرة أمام إحالته للشركات والمباشرة به.

منافذ التصدير

يعد العراق ثاني أكبر منتج للنفط ضمن منظمة أوبك بعد السعودية، ويمتلك خامس احتياطي نفطي، ويصدّر ما يقارب 3.5 مليون برميل من النفط يوميا من خلال منفذين رئيسيين: الأول عبر ميناء "العمية" النفطي، الذي يعمل على تحميل 3 ملايين برميل يومياً على السفن الأجنبية ليتم نقلها عبر الخليج العربي، ومنه نحو الأسواق الآسيوية والأمريكية.

والثاني عبر خط جيهان التركي وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط، الذي يعمل بطاقة تبلغ 500 ألف برميل يومياً.

ووصف خبراء في مجال الاقتصاد حصر منافذ تصدير العراق للنفط بطريقين فقط بـ"الكارثة للاقتصاد العراقي"، وهذا ما يراه الأكاديمي والخبير الاقتصادي جهاد الربيعي، الذي قال لـ "الخليج 365" إن "خطوط النقل البرية والجوية والبحرية وتعدد منافذ التصدير للبضائع والسلع والثروات الطبيعية هو من أهم مقومات الاقتصاد والتنمية المستدامة، خصوصاً في بلد ريعي مثل العراق يعتمد بشكل رئيس على الصادرات النفطية لتغذية موازنته المالية".

وأضاف أن "أي توتر في المنطقة، خصوصاً مع تنامي الصراع بين طهران من جهة وواشنطن وتل أبيب من جهة أخرى، يُنذر بكارثة حقيقية على الاقتصاد العراقي؛ لأن إيران دائما ما تلوّح بعملية غلق مضيق "هرمز" أمام حركة الملاحة، والعراق يصدّر عبره أكثر من ثلاثة ملايين برميل".

أخبار ذات صلة

ترقب الرد الإسرائيلي على هجوم إيران يرفع أسعار النفط

الذريعة

تعرضت حكومات حيدر العبادي 2018، ومصطفى الكاظمي 2020، وصولاً إلى الحكومة الحالية بقيادة محمد شياع السوداني، إلى ضغوطات كبيرة من قبل الميليشيات الموالية لإيران؛ بهدف منع أي تقدم في مشروع خط أنابيب "البصرة-العقبة"، وإلغاء المشروع بشكل كلي؛ بحجة أن وصول النفط العراقي إلى العقبة يعني وصوله إلى إسرائيل.

وفي كانون الثاني عام 2023، أصدر القيادي في ميليشيا "النجباء"، علي الأسدي، بياناً هاجم فيه موافقة بعض الكتل السياسية "الشيعية" على مشروع خط "البصرة-العقبة"، ووصفهم بـ"الأعداء"، ملوحاً بتهديدات لكل من يسعى لإتمام المشروع، قائلاً: "أنبوب (البصرة - العقبة) لن يكون، وإذا أرادوا فليجربوا ليروا بأم أعينهم ما سيحل بهم وبمن يعينهم على ذلك".

رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي اتُهم علناً من قبل عدد من السياسيين العراقيين بمحاولة تطبيع العلاقات مع إسرائيل عبر خط أنابيب "البصرة-العقبة"، واستُدعي وزير النفط حينها، إحسان عبد الجبار، إلى مجلس النواب لمساءلته حول المشروع.

وصرح الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي علناً برفضه خطوات حكومة الكاظمي بتفعيل خط الأنابيب النفطي، وقال: "أرفض تمديد خط أنابيب يغذي إسرائيل"، فضلاً عن جهات سياسية أخرى "شيعية" عارضت المشروع بحجج عديدة.

عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية، ضرغام المالكي، أكد وجود "فيتو" سياسي على مشروع خط أنابيب "البصرة–العقبة"، وقال، لـ "الخليج 365"، إن "هناك ملاحظات على هذا المشروع، خصوصاً أنه يصل إلى العقبة، وهناك مخاوف حقيقية من قبل المشرعين في العراق من وصول النفط العراقي إلى "الكيان الصهيوني"، بحسب قوله.

الخبير النفطي والاقتصادي، نبيل المرسومي، رد على تلك المخاوف بالقول إن "البعض يتوهم أن تصدير النفط العراقي عبر العقبة يعني مروره بمضيق تيران، وأن هذا يُسيطر عليه بشكل كامل من قبل إسرائيل، وبالتالي التطبيع معها، لكن الحقيقة أن المضيق هو ممر دولي يستخدم من كل الدول ويقع بمواجهة السعودية ومصر وليس إسرائيل فقط".

أخبار ذات صلة

النفط يتراجع.. وأبرز الأسباب تعثر مفاوضات غزة

"البصرة-العقبة"

تعود فكرة خط أنابيب "البصرة-العقبة" إلى عام 1983، إلا أن انشغال النظام السابق في الحرب الإيرانية، ومن بعدها حرب الخليج والحصار الاقتصادي، حال دون تنفيذ المشروع.

وعام 2013، اتفقت بغداد وعمّان على إحياء الخط القديم الجديد "البصرة-العقبة" بطول 1700 كم، ويتكون من قسمين: الأول يمتد من البصرة جنوباً نحو مدينة حديثة غرب العراق، والثاني من حديثة نحو العقبة الأردنية، والذي كان من المفترض أن تصل طاقته الاستيعابية في النقل إلى أكثر من مليوني برميل من النفط يومياً، مع خط موازٍ للغاز، لكن مع ارتفاع تكلفة المشروع تم الاستغناء عن خط الغاز.

توقف المشروع بعد سيطرة تنظيم داعش عام 2014 على المناطق الغربية والشمالية، وعاد للواجهة مرة أخرى عام 2019؛ إذ درست حكومة عادل عبد المهدي إيصال الخط إلى مصر بدلاً من انتهائه في العقبة.

وزارة النفط العراقية وعلى لسان الناطق باسمها، عاصم جهاد، كشفت عن تكلفة المشروع "العقبة-البصرة" الذي بلغ 8.5 مليار دولار لمراحله كافة، فيما كان من المؤمل أن ينفذ المشروع بطريقة (بوت) التي بموجبها تبني الشركة المستثمرة المشروع، وتتحمل كل التكاليف، وتقوم بإدارة المشروع لمدة زمنية تتقاضى بموجبه مبلغا معينا متفقا عليه عن كل برميل نفط مصدّر من خلال الأنبوب، ثم يصبح الأنبوب ملكا للبلدين.

الخبير النفطي نبيل المرسومي قال، لـ "الخليج 365"، إن "مثل تلك المشاريع تعدّ ضرورة ملحة للعراق باتجاه تنويع منافذ تصدير النفط الخام، خصوصاً إذا ما أراد الانفتاح على الأسواق الأوروبية، وهذ الخط سيكون منفذاً نحو الجنوب عبر البحر الأحمر، فكل الدول النفطية تعمل على تنويع منافذها في التصدير؛ لتلافي أي عقبات ممكن أن تواجهها".

Advertisements