محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 16 أبريل 2024 05:09 مساءً - "طعامنا أوراق الأشجار".. بهذه العبارة الموجعة تحدثت السودانية زينب آدم، عن مأساة الحرب في بلادها، التي دخلت عامها الثاني، والدموع تتساقط من عينيها الغائرتين بفعل الجوع والعجز أمام أطفالها الخمسة.
وسببت الحرب في السودان والتي اندلعت في الخامس عشر من أبريل/نيسان 2023، بين الجيش، وقوات الدعم السريع أوضاعًا إنسانية صعبة في عموم البلاد التي امتد إليها الصراع.
وقتل جراء المعارك ما يزيد عن 13 ألفًا من المدنيين وتوزع نحو 8 ملايين بين النزوح واللجوء في دول الجوار، بينهم 3 ملايين طفل يعانون سوء التغذية توفي منهم ما يزيد عن 300 طفل حسب إحصاءات رسمية.
ووضع فشل مساعي التهدئة ووقف الحرب وتعثر الاتفاق بين طرفي الصراع حول توصيل المساعدات الإنسانية، أكثر من نصف السودانيين على حافة الجوع في بلد كان يعرف بسلة غذاء العالم، كل شيء يشكو من الدمار وتأبى المدافع أن تتوقف.
أخبار ذات صلة
بعد عام من القتال.. حرب السودان غذّت "مزيجًا مميتًا" من الأزمات
مأساة زينب
تقول زينب من غرب دارفور إن والد أطفالها قتل في الحرب، وإنها هربت من الاشتباكات إلى خارج منطقة المعارك بالجنينة ولم تستطع العودة لما رأته من هول المعارك.
وتشير إلى أن أطفالها الخمسة أصغرهم في سن الرضاعة يقتاتون على ورق الأشجار، مضيفة لـ "الخليج 365": "إننا ننتظر ببطء حتفنا".
نزوح جماعي
يقول يوسف سراج الدين المحلل السياسي، إن حرب أبريل خلفت آلالاف من القتلى، وأحدثت دمارًا شاملاً في البنية التحتية، وشرّدت الملايين من المدنيين في مناطق النزاع المسلّح؛ ما أدى إلى حالة نزوح جماعي من الخرطوم، ودارفور، والجزيرة، وكردفان.
وبحسب تقارير الأمم المتحدة أدت الحرب إلى نزوح أكثر من 9 ملايين شخص داخل البلاد، ولجوء نحو مليوني شخص إلى دول الجوار.
وأضاف يوسف أن "الدمار طال المساكن والمؤسسات المدنية، وسجلت جملة انتهاكات بحق المدنيين، من بينها القتل العشوائي، والتعذيب، والاختفاء القسري، والاعتقال التعسفي، وتجنيد الأطفال".
كما أكد "استهداف العاملين فى منظمات الإغاثة الدولية، وقتلهم، ومنع وصول الإغاثة للمحتاجين وكلها انتهاكات تشكل بعضها جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية".
أخبار ذات صلة
بعد عام على الحرب.. فرنسا تستضيف مؤتمرا حول السودان
تجربة "التكايا"
ولجأ من تبقى من سكان الأحياء في مدن العاصمة الخرطوم الثلاث "بحري، وأم درمان، والخرطوم" إلى إحياء "التكايا"، وهي موروث قديم يوفر المأكل وأحيانا المأوى مع تطاول أمد الحرب.
ووفّر مسيد رجل الدين المعروف الشيخ الأمين في بيت المال بأم درمان "تكية" لسكان أحياء أم درمان القديمة، حيث قدمت المأكل والرعاية الطبية، وتجاوبت قوات الدعم السريع بتقديم الدعم للمسيد، قبل أن يقتحم الجيش المسيد ويلقي القبض على شيخ الأمين.
وأكد سراج الدين أن الأوضاع الإنسانية لاتزال بالغة السوء خاصة بين سكان الخرطوم الذين فضلوا البقاء في أحيائهم على النزوح لكنهم يكابدون خطر الموت بالقذائف والرصاص، وضنك المعيشة، وشح الموار،د وانقطاع الاتصالات والإنترنت؛ ما حرم قطاعا واسعا من تلقي التحويلات المالية من ذويهم خارج البلاد.
أخبار ذات صلة
السودان.. احتدام المعارك قرب مدينة سنار
شبح المجاعة
وذكر المحلل السياسي جدو أحمد طلب، أن الأوضاع الإنسانية الناجمة عن الحرب في السودان تفاقمت بشكل كبير، مؤكداً دخول مدن كثيرة في شرق وشمال وغرب ووسط البلاد حيز المجاعة.
وأشار طلب إلى معاناة أكثر من 34 مليون سوداني من قلة المياه والكهرباء والغذاء وغيرها الكثير من متطلبات الحياة اليومية.
وبحسبه، فإن عمليات القصف الجوي التي ينفذها الطيران الحربي التابع للجيش السوداني يفاقم من الأزمة لكونه طال عشرات المستودعات الغذائية ومستودعات الدواء والمساعدات الإنسانية -يونيسيف نموذجا- في محلية سوبا شرقي النيل، في العاصمة الخرطوم.
أخبار ذات صلة
السودان.. اتساع رقعة الحرب يجبر نازحين على "نزوح جديد"
غذاء الحرب
بينما ذهبت زينب آدم في شكواها من الأوضاع الإنسانية والاعتماد في الغذاء على أوراق الشجر؛ أكد طلب أن أوراق الأشجار باتت غذاءً رئيسًا لنصف سكان إقليم دارفور البالغ عددهم 8 ملايين.
وقال إن نقص الغذاء دفع المواطنين في دارفور خاصة في غربها إلى تناول أوراق الأشجار للتغلب على الجوع، وسط رفض ما أسماها سلطات بورتسودان، في إشارة لـ "الجيش السوداني"، بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى دارفور.
أخبار ذات صلة
الأمم المتحدة: السودان يعيش أكبر أزمة نزوح في العالم
معاناة الأطفال
وأضاف طلب لـ"الخليج 365"، أن "أكثر من (118) ألف طفل في ولايات الشرق ودارفور يعانون من سوء التغذية، متابعا: "شهد معسكر أبو شوك في شمال دارفور أكثر من (56) حالة وفاة لأطفال مصابين بسبب سوء التغذية".
ورسم طلب صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية في البلاد على ضوء الحرب المستمرة، متوقعا ارتفاع معدلات الأزمة الإنسانية والمجاعة وسط فشل مساعي السلام بين الأطراف المتحاربة.
الموت جوعا
إلى ذلك، ذكرت تقارير متواترة عن وفاة عشرات السودانيين جوعا في مناطق الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع في العاصمة الخرطوم؛ بسبب اشتعال المعارك والحصار المطبق على السكان الذين لم يجدوا سبيلا للهرب وسط ندرة في الغذاء، وغلاء الأسعار، وفقدان الأموال، وانقطاع خدمات الاتصالات، والإنترنت، والمياه، والكهرباء.