محمد الرخا - دبي - السبت 13 أبريل 2024 12:04 مساءً - كشفت دراسة نشرها موقع "psypost" أن معظم الحوارات الواقعية في الولايات المتحدة تدور حول موضوعات يومية مثل الضرائب، واللقاحات، على عكس المناقشات السياسية التي تحدث في العالم الافتراضي، التي تتميز بمواجهات حادة مع الغرباء، وتثير الشعور باليأس.
وأوضحت الدراسة التي قام عليها باحثون في تحليل المناقشات السياسية بين الأمريكيين، أن الفهم الخاطئ لطبيعة المناقشات السياسية بين عامة الأمريكيين، يحمل في طياته عواقب عميقة؛ لأنه يرتبط بشكل معقّد بشعور سائد باليأس بشأن مستقبل بلادهم.
معالجة التناقضات
ووفق الدراسة، فإن هذا التفاوت بين الواقع والتصور في مجال النقاش السياسي يؤدي إلى خسائر نفسيّة كبيرة؛ ما يؤكد أهمية معالجة هذه التناقضات لتعزيز مجتمع أكثر استنارة وتفاؤلا.
وعلى خلفية المخاوف المتصاعدة بشأن المستقبل السياسي، سعت الدراسة إلى فك رموز المناقشات السياسية في الحياة الواقعية، متجاوزة حدود المجال الرقمي. وبدافع من ملاحظة السلبية المتضخمة عبر الإنترنت والميل البشري إلى الإسهاب في الحديث عن المعلومات السلبية، شرع الباحثون في استكشاف كيف تسهم هذه العوامل في تصورات الأمريكيين السلبية أيضا للخطاب السياسي.
وقد شاركت المؤلفة الرئيسة للدراسة، الأستاذة المساعدة في كلية إدارة الأعمال بجامعة كاليفورنيا، إيريكا بيلي، أفكارها حول الدافع وراء البحث، مشيرة إلى التناقض بين الانتشار الملحوظ للمناقشات العدائية عبر الإنترنت، وتجربتها الشخصية على أرض الواقع في مثل هذه المناقشات.
واستخدمت الدراسة نهجًا متعدد الأوجه، لتشريح تعقيدات المناقشات السياسية، التي تألفت من ثلاث مراحل؛ ففي البداية كُلّف المشاركون بتذكّر المناقشات الأخيرة التي شاهدوها أو شاركوا فيها، بهدف إرساء الدراسة في التجارب الملموسة للخطاب السياسي اليومي.
وقد كشفت التحليلات اللاحقة عن انحياز واسع النطاق في المناقشات التي تم استدعاؤها؛ إذ غالبًا ما ينظر المشاركون إلى هذه اللقاءات على أنها تمثل الخطاب السياسي الأوسع.
ثم تعمقت التحقيقات، التي شملت مجموعة متنوعة من المشاركين من كل من المنصات الأكاديمية وعبر الإنترنت، في تفاصيل المناقشات السياسية. وعلى عكس الروايات السائدة عن العداء عبر الإنترنت، كشفت النتائج أن المناقشات الأكثر شيوعًا تركزت حول قضايا ملحة، ولكنها عادية مثل الحقوق الإنجابية واللقاحات.
ومن الجدير بالذكر، أن هذه المناقشات جرت في الغالب داخل دوائر متماسكة من العائلة والأصدقاء؛ ما يشكل تحديًا لفكرة المواجهات واسعة النطاق مع الغرباء على الإنترنت.
ومن اللافت للنظر أن جميع المناقشات لم تترك المشاركين يشعرون بالسلبية؛ إذ أعرب العديد منهم عن مشاعر إيجابية أو محايدة بعد المناقشة؛ ما يتحدى الاعتقاد السائد بالانقسام المتأصل في الخطاب السياسي.
ووفق الدراسة فقد أثبت التناقض بين تجارب المناظرة الفعلية والتصورات المجتمعية أنه حقيقي، مع المبالغة في تقدير مدى توتر المناقشات عبر الإنترنت مع الغرباء.
تداعيات نفسية
وأوضحت الدراسة، أن الأهم من ذلك هو أن هذا الفهم الخاطئ يرتبط بشكل كبير بمشاعر اليأس المتزايدة بشأن مستقبل أمريكا؛ ما يسلّط الضوء على التداعيات النفسية العميقة للتصورات المشوهة.
وقد شدد الباحثون على الآثار المترتبة على هذه النتائج، مسلّطين الضوء على التداعيات المحتملة للمساعي الأكاديمية التي تركّز على الاستقطاب، والمعلومات المضلّلة، والتضخيم الخوارزمي للمحتوى العاطفي.
وعلى الرغم من اتساع نطاق الدراسة، فإن هناك بعض القيود التي تستحق النظر فيها، بما في ذلك التنوع الديموغرافي والجغرافي للمشاركين. وبينما تم بذل الجهود لضمان عينة تمثيلية، فإن نتائج الدراسة قد لا تغطّي بشكل كامل الشعب الأمريكي الأوسع. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال إمكانية تعميم النتائج خارج الولايات المتحدة غير مؤكدة؛ ما يستلزم المزيد من الاستكشاف في المشهد العالمي للخطاب السياسي.