الارشيف / عرب وعالم

لماذا تكثّف إسرائيل هجماتها على مخيمات المحافظة الوسطى في غزة‎؟

محمد الرخا - دبي - الجمعة 12 أبريل 2024 06:03 مساءً - أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس السبت، عن بدء عملية عسكرية في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، بقصف جوي ومدفعي مكثف لمناطق شمال المخيم، إلى جانب إطلاق نار وقذائف من قبل الزوارق الحربية.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أفاد، في وقت سابق، بأن هناك عمليتين عسكريتين متبقّيتين: واحدة في مخيمات المنطقة الوسطى، وأخرى في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة.

وقد خضع التهديد ببدء عملية عسكرية في مدينة رفح إلى ضغط عالمي؛ في ظل وجود قرابة 1.8 مليون نازح في مدينة رفح، وأن أي عملية عسكرية فيها ستؤدي إلى وقوع الآلاف من الضحايا في وقت قياسي.

وتعليقًا على العملية العسكرية في مخيم النصيرات قال أستاذ العلوم السياسية في مركز التخطيط الاستراتيجي رائد نجم: "إن مسألة دخول مخيم النصيرات في المحافظة الوسطى لم تكن مستبعدة، لا سيما وأن الجيش الإسرائيلي كان قد أعلن في وقت سابق أنه عند الانتهاء من العملية العسكرية في محافظة خانيونس سيتوجه إما إلى مخيمات المحافظات الوسطى أو إلى مدينة رفح".

وأضاف نجم في حديث لـ"الخليج 365"، بما أن العملية العسكرية في مدينة رفح تخضع لفيتو أمريكي وعربي لاعتبارات وجود 1.8 مليون نسمة من المدنيين، إلى جانب عدم وجود خطة عسكرية واضحة لإجلائهم من المدينة؛ لذلك اتجه الجيش إلى بدء عملية في مخيمات المحافظة الوسطى.

وتابع بأن تقارير إسرائيلية بدأت تتحدث عن وجود نية لدى الجناح المسلح لحركة حماس لمهاجمة محور "نتساريم" الممتد من منطقة جحر الديك شرقًا حتى شارع الرشيد غربًا من شمالي وجنوبي المحور على حدٍ سواء.

واستطرد قائلاً: "تعتقد إسرائيل أن القوة الحقيقية للمحافظة الوسطى تكمن في كتيبة مخيم النصيرات، وهي التي تشكّل تهديدًا حقيقيًّا للواء ناحال الموجود في محور (نتساريم)، لا سيما وأن مخيمي البريج والمغازي قد خضعا في أوقات سابقة إلى عمليات عسكرية واسعة أدت إلى تدمير كبير في البنية التحتية التابعة لحركة حماس فيها".

وأوضح الخبير في الشأن السياسي: "إجمالًا تأتي العملية العسكرية في إطار الأهداف المعلنة من الحرب على قطاع غزة، وهي القضاء على بنية حركة حماس العسكرية والسلطوية، وتعتبر بنية مخيمات المحافظة الوسطى جزءًا من هذه البنية التي تنوي إسرائيل القضاء عليها".

بدوره، أشار الخبير في الشؤون العسكرية رائد موسى إلى أن مخيم النصيرات ليس وحده من سيدفع ثمن عدم التوصل إلى حل في المفاوضات، إنما كل قطاع غزة ولكن بنسب متفاوتة. وتابع: "أما ما يحصل في مخيم النصيرات فهو مرتبط بمعلومات استخبارية للجيش الإسرائيلي بوجود نشاط عسكري لحركة حماس على أطراف محور نتساريم".

وأضاف موسى في حديث لـ"الخليج 365"، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يتعامل عسكريًا مع المناطق المعلن عن اقتحامها بشكل مبالغ فيه لا يتناسب مع حجم أنشطة حركة حماس البسيطة، حيث يقوم من أجل ضرب خلية صغيرة من عدة أفراد بتدمير حي سكني كامل على رؤوس سكانه المدنيين.

ولفت إلى أن إعلان العملية العسكرية جاء عقب استهداف عناصر مسلحة تابعة لحركة حماس محور نتساريم العسكري بعدد من قذائف الهاون؛ ما سرّع بالإعلان عن العملية من أجل تأمين المحور.

وتابع: "استمرار الحرب الإسرائيلية ليس مرتبطًا بقضية المفاوضات، بل بخطط وأهداف الجيش الإسرائيلي باستكمال تدمير غزة، لذلك فهو تعثر مقصود من الكابينيت الحربي؛ لأنه لا يرغب في وقف الحرب قبل أن يحقق تغيرات إستراتيجية تجاه غزة، من أهمها فرض هيمنة عسكرية طويلة الأمد، وتدمير واستنزاف قدرات الفصائل الفلسطينية المسلحة، وتفريغ غزة من سكانها بكل الطرق".

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي الفلسطيني يحيى قاعود، إنه من الطبيعي أن يخضع ضغط المفاوضات بين طرفي القتال إلى عمليات عسكرية موسعة وضغط عسكري كبير، يتيح لكل طرف تحسين شروطه أو الإسراع في إبرام صفقة ما.

وأضاف في حديث لـ"الخليج 365": "ما يظهر من حجم هذا الضغط العسكري الرهيب هو أن إسرائيل تذهب إلى مأسسة الحرب في قطاع غزة من خلال إحداث أكبر حجم ممكن من الدمار والتخريب الذي سيحتاج إلى عشرات السنوات من الإعمار والإصلاح".

وبيّن أن "إسرائيل لا تريد إنهاء الحرب بأي شكل من الأشكال، وكل حججها بتحرير الرهائن هو محض ذريعة لا أكثر من أجل استمرار استخدام القوة العسكرية المفرطة تجاه كل قطاعات الحياة في غزة، وإعدام سبل الحياة فيها، وجعلها مكانًا غير قابل للعيش".

ولفت قاعود إلى أن "العملية العسكرية في مخيمات الوسطى تهدف إلى خلط الأوراق والتهرب من الموافقة المبدئية التي أبداها نتنياهو على المقترح الأمريكي، كما أنها سير طبيعي للحرب كون أن المرحلة الأكثر تعقيدًا فيها هي اجتياح مدينة رفح؛ ولذلك لجأ إلى بدئها في المحافظة الوسطى".

Advertisements