الارشيف / عرب وعالم

"سنجة" السودانية.. إنسان العصر الحجري مرّ من هنا (صور)

  • 1/5
  • 2/5
  • 3/5
  • 4/5
  • 5/5

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 9 أبريل 2024 06:03 مساءً - كلما أغرقتها مياه الفيضانات أو دوى في جنباتها أزيز رصاص، تقفز "سنجة" إلى نشرات الأخبار كمنطقة تعاني على مستويات عدة، ويغيب عن الجميع أن تلك المدينة السودانية ذات خصوصية حضارية وتاريخية غير مسبوقة حيث شهدت ظهورا نادرا لإنسان العصر الحجري قبل 160 ألف عام.

آلاف البيوت الواطئة والوجوه السمراء الجميلة ذات الابتسامة العذبة المحببة تعيش بوداعة على ضفاف النيل الأزرق لتصنع واقعًا شديد التميز في بيئة غنية بمحاصيلها الزراعية وثروتها الحيوانية وتقاليد الكرم وصلات النسب والمصاهرة التي تصنع جسور التواصل مع كافة قبائل البلاد.

ولاية سنار التي تتبع لها سنجةمتداول

هي عاصمة ولاية "سنار" وحاضرتها الزاهرة ، تشتهر بمحصولي المانغو والموز اللذين تنتجهما بوفرة. واللافت أنّ بساتين الفاكهة هنا عضوية بالكامل ما أكسبها شهرة عالمية بسبب عدم حاجة تربتها إلى الأسمدة بل ويصل إليها الماء بشكل طبيعي دون حاجة إلى وسائل الري التقليدية. منحها موقعها المتميز، الذي يفصله عن الخرطوم مسافة 360 كم ويرتفع عن سطح البحر بمسافة كبيرة تقدر بـ439 مترا، أهمية تجارية عبر العصور.

اختلفت الأقاويل حول سبب تسميتها بهذا الاسم، لكن المرجح أنه يعود إلى نبات "السنج"، جمع سنجة، الذي ينتشر فيها بقوة وقيل بل يعني اسمها لغويا المروج والمراعي الخضراء وهو ما ينطبق عليها حرفيا. وذهب البعض إلى أن المقصود بالاسم "نصل السكين" المثبت على فوهة البنادق قديما، بينما يرى بعضهم أنه قد يكون محورا عن لفظة "صنجة " وهي إحدى أدوات موازين الذهب فيما مضى.

أطلق عليها أيضا "سنجة عبد الله" في إشارة إلى عبد الله ود الحسن، زعيم قبيلة "الكنانة".

في عام 1924، قادت الصدفة وحدها الحاكم الإنجليزي آنذاك الذي كان يتنزه على شاطئ النيل بجوار منزله في المدينة ليفاجأ بوجود ما يشبه المقبرة. دفعه الفضول لاقتحامها ليعثر بداخلها على جمجمة ضمن رفات إنسان متحجر. لم يضيع وقتا وأرسل تلك "الخبيئة" إلى لندن لتتم دراستها وتسفر النتائج عن مفاجأة مدوية تتمثل في أن الجمجمة تعود لأحد الأشخاص الذين عاشوا فيما يعرف علميا بـ"العصر الحجري الحديث"، أي قبل نحو 160 ألف عام، ما يفتح أفقا جديدا في فهم ظهور البشر على الأرض عموما وتاريخ الاستيطان البشري في السودان وأفريقيا بشكل خاص.

أطلق على هذا الاكتشاف "إنسان سنجة الأول" أو (Singa Skull ) وتم الاحتفاء به على نطاق واسع عالميا بين علماء الآثار القديمة وأوساط "الأركيولوجيين"، حيث ظل يمثل أقدم اكتشاف في هذا السياق إلى أنّ تم العثور في جنوب أفريقيا لاحقا على اكتشاف مشابه ولكن لإنسان يعود تاريخه إلى 180 ألف عام مضت.

وسبق العصر الحجري الحديث نظيراه القديم والوسيط واتسم بالتحول من مرحلة جمع الطعام والثمار من على الأشجار إلى إنتاج الطعام بالتزامن مع ظهور الأواني الفخارية وأدوات الطحن. وأوضحت الدراسات أن "إنسان سنجة" عاش على أطعمة متنوعة منها الفواكه وأوراق الأشجار والأسماك، إلا أن صيد الحيوان وذبحه كان مصدره الأساسي للغذاء.

Advertisements