محمد الرخا - دبي - الاثنين 8 أبريل 2024 02:22 مساءً - الأحمد الصالح
يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متفردا برسم وفرض الأحداث التي يريدها متى شاء وكيفما شاء، ويبدو مستعدا لخوض الحرب مهما طال أمدها، وعلى فتح جميع الجبهات، بصرف النظر عن كل محاولات كبح جماحه.
ويعد استمرار الحرب، وهذا المنحى نحو توسيع دائرتها، تطورًا غير مسبوق يتطلب بالضرورة إعادة النظر في كل الدراسات والنظريات العالمية التي تختص بالشؤون والعلاقات الدولية.
ولم يكن أشد المتشائمين ومعظم المحللين المختصين بشؤون الشرق الأوسط والشأن الإسرائيلي الفلسطيني تحديدا يتوقع أن تستمر الحرب الإسرائيلية على غزة التي بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023 ليومنا هذا لتدخل شهرها السابع.
وبالرجوع إلى البدايات يتبين أنه حتى الإدارة الأمريكية والدول الغربية التي دعمت إسرائيل بكل الوسائل في بداية ما سميت بالحرب على حماس لم تسعفها خبراتها وقدرات مؤسساتها الرسمية في التحليل الإستراتيجي وقراءة المشهد أن تمتد الحرب كل هذه الفترة وأن يفلت زمام الأمور من يدها فيما يتعلق بقدرتها على كبح جماح نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة بناء على علاقاتها التاريخية الممتدة مع إسرائيل.
نتنياهو مع ضباط جيشه في قطاع غزةأ ف ب
كما أن التحذيرات التي أطلقتها تحديدا الدول العربية الفاعلة في هذا الشأن من خطر توسع رقعة الصراع وجر المنطقة بأكملها إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار قوبلت من أطراف غربية بأنها تحذيرات مبالغ فيها على أساس أن هذه الدول الغربية لديها قراءات ومعرفة بحقيقة مجريات الأمور أكثر من الدول المجاورة لإسرائيل.
أبعد من "حماس"
ومنذ البدايات صرح نتنياهو أن الحرب ممتدة وطويلة الأمد وأنه لن يكتفي بالقضاء على "حماس" وقدراتها بل ستستهدف إسرائيل كل من تعتقد أن له صلة بـ "حماس" أو بمساعدتها على ما نفذته في السابع من أكتوبر.
فلا الولايات المتحدة الأمريكية، القوة العالمية العظمى والقطب الأوحد، ولا الاتحاد الأوروبي أو قرارات مجلس الأمن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية قادرة على وقف العبث الإسرائيلي بأمن المنطقة والأمن العالمي أو على الأقل تأجيل مخططات نتنياهو المعلنة ومراحل الحرب التي حددها أو التأثير فيها.
وقد أسهمت إيران، تحقيقا لأهدافها الإستراتيجية المبنية على أطماعها وتمددها في المنطقة العربية من خلال أذرعها في المنطقة ميليشيا حزب الله في لبنان، والحوثي في اليمن وميليشيات إيران في سوريا والعراق، في إعطاء الحجة والتبرير من وجهة نظر نتنياهو في فتح الجبهات شمالا وجنوبا وتوسيع رقعة الصراع.
وإيران غير متورطة جغرافيا فهي تتصارع مع إسرائيل على حساب الدم العربي في فلسطين وسوريا والعراق واليمن دون وصول النار إلى أراضيها.
أما الإدارة الأمريكية فلم تظهر بهذا التخبط والضعف في التأثير في الأحداث الدولية منذ بروزها كقوة عظمى بعد الحرب العالمية الثانية، فوصلت الأمور إلى أن يقدم البيت الأبيض عرضا لا يمكن تصنيفه في جميع دراسات العلوم السياسية، إلى ميليشيا الحوثي بإزالة تصنيفها من قوائم الإرهاب في حال أوقفت هجماتها واعتداءاتها على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
أخبار ذات صلة
مع اشتعال الاحتجاجات.. هل تسعف جبهات الحرب الخارجية نتنياهو داخلياً؟
وفي سابقة ستغير مستقبل العلاقات الدولية يعلن رئيس وزراء إسرائيل التي تمثل "الطفل المدلل للولايات المتحدة الأمريكية"، مرارا وتكرارا عدم رضوخه لضغوطاتها أو وساطاتها في تنفيذ مخططاته في مشهد يؤثر وسيؤثر في التحالفات التي تسعى إليها معظم دول العالم مع أمريكا.
توسيع رقعة الصراع
ويعبر استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق عن سعي نتنياهو إلى الدخول في مواجهة مفتوحة مع إيران في كل مكان وزمان، في خطوة تحرج الحليف الأكبر لإسرائيل المتمثل بالولايات المتحدة المنهمكة داخليا في صراع الانتخابات الرئاسية والتي تدل جميع تحركاتها السياسية في السنوات الأخيرة على رغبتها في التهدئة مع إيران.
فبالإضافة إلى الاتفاقيات بين الطرفين وتبادل المحكومين الأمريكان في إيران مقابل الإفراج عن الأرصدة الإيرانية المحتجزة في أمريكيا، لم تنفك إدارة الرئيس بايدن عن التصريح بعدم امتلاكها أدلة حول تورط أو أي دور إيراني مباشر في عملية السابع من أكتوبر.
كما تشهد جبهة جنوب لبنان في الأيام القليلة الماضية عمليات عسكرية مكثفة من قبل الجيش الإسرائيلي، آخرها قصف جوي لمواقع عسكرية في منطقة الخيام في جنوب لبنان أعلن الجيش الإسرائيلي أنها مبانٍ لقوة الرضوان التابعة لـ "حزب الله".
وفي الأثناء أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أن الجيش الإسرائيلي يستعد لبدء عملية عسكرية في رفح جنوب قطاع غزة، رغم التحذيرات الأمريكية والرفض الدولي نظرًا لنتائجها الكارثية المتوقعة إضافة إلى أنها تعتبر خطوة تصعيدية تجاه جمهورية مصر العربية التي ترفض وتحذر من نتائج العملية التي ستقع على حدودها.
أخبار ذات صلة
نتنياهو: عملية رفح لن يوقفها شيء
فبالإضافة إلى الهواجس الأمنية والعسكرية للعملية تتوقع القاهرة أنها خطوة في تنفيذ مخطط التهجير الذي تسعى إسرائيل لتنفيذه من خلال إحراج الدولة المصرية باستقبال مئات آلاف اللاجئين الذين سيفرون إلى الحدود المصرية جراء عملية الاجتياح الإسرائيلي.
ونتيجة لذلك يفرض الأمر الواقع نفسه ويسمو على جميع التحليلات والتكهنات، فمن يستطيع تحديد ما هو قادم هو نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة.