الارشيف / عرب وعالم

محللون: "جعجعة الانتقام" الإيراني من إسرائيل ستنتهي بتمثيلية مفبركة

محمد الرخا - دبي - الأحد 7 أبريل 2024 01:06 مساءً - محمد حامد

يبدو أن التاريخ الإيراني المرتبط بادعاء الانتقام من إسرائيل أو أمريكا في بضع مناسبات خلال العقود الماضية، والذي أصبح مثار سخرية للكثيرين، ومحط إحباط لمؤيديها، لا يتجاوز خط "الجعجعة" التي سيتم تسويتها من خلال "تمثيلية" بموافقة واشنطن، كما حدث سابقًا.

ويستحضر مراقبون عملية ما قيل إنه "ثأر" لمقتل قاسم سليماني عبر تمثيلية "مفبركة" بموافقة أمريكية، وإطلاق صواريخ  بالستية باتجاه قاعدة "عين الأسد" و"المنطقة الخضراء" في بغداد، ليكتشف الأمر بأنه ترتيب بين واشنطن وطهران لحفظ ماء وجه إيران أمام جمهورها.

وقال مراقبون، في تصريحات لـ"الخليج 365"، إن هذا النوع من الانتقام "المفبرك" فضحه الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، عندما كشف في نوفمبر الماضي أن ضرب "الحرس الثوري" لقاعدة "عين الأسد" في العراق عام 2020، كان بتنسيق مسبق بين واشنطن وطهران.

وقال ترامب حينذاك إن الإيرانيين تواصلوا مع إدارته برساله مفادها: "ليس لدينا خيار سوى ضربكم لحفظ ماء الوجه"، وأطلعوا واشنطن على تفاصيل العملية التي ستكون بإطلاق 18 صاروخًا تجاه قاعدة "عين الأسد"، لكن الصواريخ تم إطلاقها بشكل لا يجعلها تصل إلى القاعدة.

وكانت إيران أطلقت عدة تهديدات بالرد على تدمير قنصليتها في دمشق الأسبوع الماضي، وسط اتهامات لإسرائيل بهذه العملية، التي قتل فيها 7 مستشارين عسكريين إيرانيين، من بينهم 3 قادة كبار بالحرس الثوري، منهم محمد رضا زاهدي.

وذكر رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، أن الانتقام سيتم في الوقت والمكان والخطة التي تحددها طهران.

وحدّد أستاذ العلاقات الدولية والسياسات الخارجية، بالجامعة اللبنانية في بيروت، د.خالد العزي نقاطًا مهمة للغاية، تمنع إيران من القيام بعملية جادة لا تخضع للفبركة أو التنسيق، تكون على هيئة "الرد الظاهري" على مقتل "سليماني"، وفق قوله.

موانع كثيرة

وأوضح العزي لـ "الخليج 365" أنّ "بضع نقاط تمنع طهران من الرد على تل أبيب، وهي أن المواجهة أثبتت أن إيران لا يوجد لديها تكافؤ في المواجهة العسكرية مع إسرائيل، وتعلم أن انزلاقها في الحرب سيأتي بتلقي ضربات قاسية في العمق الإيراني ومشاريعها الاقتصادية وستكون طهران في حالة خطيرة".

وأضاف العزي أن "هذه المواجهة ستستدعي تدخل الولايات المتحدة الموجودةعلى بعد نصف ساعة من مواقع إيرانية مهمة، والتي لن تسمح لأحد بتخطي الخط الأحمر في مناطق نفوذها، والأهم أن إيران لن تغامر برصيد تم العمل عليه على مدار 45 سنة من أجل بناء هذه الكتل المعارضة والتي باتت تشكل لها دويلات فعلية في الدول العربية، مثل: حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، والحوثيين في اليمن" وفق تعبيره.

وتابع الباحث قوله إن "الدخول في مواجهة ستؤدي إلى خسارة هذه الأذرع التي تشكل رأس حربة لإيران في المنطقة، في ظل تمسك طهران بالعلامة الكبرى المتمثلة في "المشروع النووي" الذي هو أهم لإيران من قادة الحرس الثوري والفصائل التي تقاتل بها".

واعتبر العزي أن "إيران محرجة أمام جمهورها الذي يتظاهر ويصرخ بصور القيادات في طهران "نريد الانتقام"، مشيرًا إلى أن هذه العملية والعجز في الرد جاء بفضح شعارات إيرانية كبرى معلنة منذ الـ7 من أكتوبر الماضي، منها "إذا دخلت إسرائيل غزة سنتدخل" و"إذا هُجّر أحد سنفعل ونفعل" ليتضح أن "إذا" أداة شرط ايرانية غير مفعلة وخارج اللعبة" وفق تعبيره.

وأكد العزي أن إيران في وضعية لا تحسد عليها لأنها إذا حاولت الرد سيكون ذلك نجاحًا لإسرائيل باستدعاء طهران وإدخالها في معركة تنفذ من خلالها "تل أبيب" ضربات في العمق الإيراني، وتكون إيران حينئذ في مواجهة غير متكافئة وغير قادرة على هذا الصراع.

واضاف أنه حال عدم الرد، ستكون طهران مثل النعامة التي دفنت رأسها في التراب، لأن السيناريو بات معروفًا، وهو حدوث تنسيق لعملية رد مفبركة بإخراج أمريكي ليس أكثر، مثلما فضح "ترامب" الأمر قبل ذلك، بحسب قوله.

خطأ إستراتيجي

واعتبر العزي أن "الضربة التي تلقتها إيران في سوريا صعبة ومكلفة، ولكنها كشفت عن أن استخفاف إيران وميليشياتها بالتكنولوجية الإسرائيلية خطأ إستراتيجي كبير، بالإضافة إلى أن هذه الوضعية أظهرت أن طهران مخترقة في داخلها وميليشياتها".

وأوضح أن "هذا يعني أن إسرائيل تستطيع اختراق أنظمة دفاعية لوجستية ومخابراتية إيرانية، وهذا ما ثبت في عمليات اغتيالات واسعة قامت بها اسرائيل لعناصر قيادية إيرانية أو مرتبطة بطهران في سوريا والعراق ولبنان". 

ومن جانبه قال أستاذ السياسات العامة بجامعة بغداد ورئيس مركز التفكير السياسي، الدكتور إحسان الشمري إن طهران تعرضت لضربات عديدة أمريكية وحتى إسرائيلية في الداخل الإيراني ولكنها اكتفت بشعارات الرد في الوقت والمكان الذي تختاره إيران.

وأوضح الشمري لـ "الخليج 365" أن طهران لم تتجرأ على الرد عليها، وحتى الرد الذي قامت به بعد مقتل "سليماني" كان متفقًا عليه من خلال وسطاء بين طهران وواشنطن بحسب ما فضح ترامب.

وأشار الشمري إلى الضربات المتتالية الإسرائيلية لإيران على مستويات عدة، من اغتيالات لقيادات إيرانية، وتفجيرات وهجمات سيبرانية، واستهدافات لقيادات "فيلق القدس" وأخيرًا استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، وقت وجود قيادات من المستوى الأول.

وقال إنّ طهران ستتقدم "نصف خطوة" باتجاه الرد المتفق عليه وغير المؤثر كما حدث من قبل، لا سيما أنها بحاجة لأي رد في ظل وجود انعدام ثقة في الداخل الإيراني.

واعتبر أنّ الضربة المنتظرة المتفق عليها قد لا تحقق توازن الردع مع إسرائيل ولكنها تحقق نوعًا من الرسائل الداعمة لحلفائها المنتشرين في سوريا ولبنان والعراق واليمن" وفق تعبيره.

Advertisements