الارشيف / عرب وعالم

لشبونة.. شرفة العرب القديمة على "بحر الظلمات" (صور)

  • 1/7
  • 2/7
  • 3/7
  • 4/7
  • 5/7
  • 6/7
  • 7/7

محمد الرخا - دبي - السبت 6 أبريل 2024 06:02 مساءً - هي ثاني أقدم مدن أوروبا بعد أثينا، يرسم التاريخ ملامحها عبر العصور وينحت إزميل الحضارات قسماتها من حقبة زمنية إلى أخرى. وضع الفينيقيون حجر أساسها وترك الرومان بصمتهم عبر أزقتها ودروبها، أما العرب فأطلقوا عليها اسم "أشبونة" لتصبح شرفتهم التي تطل على المحيط الأطلسي أو "بحر الظلمات" كما كان يُطلق عليها في القرون الوسطى.

تقول الأساطير إنّ "أوليسيوس" بطل ملحمة "الإلياذة" هو الذي أنشأ المدينة وأطلق عليها اسم "أوليسيبو" كتنويعة على اسمه الذي اشتُق منه اسمها الحالي في نسخه المتعددة مثل "ليسبن" و"ليسباوا". وفي عام 1200 قبل الميلاد منحها الفينيقيون اسما مشابها هو"أليس أوبو". وكعادتهم الشهيرة، غرّد الرومان خارج السرب وأطلقوا عليها اسم "فيليسيتاس جوليا" بينما ظلت محتفظة باسمها العربي "أشبونة" أو "الأشبونة" لعدة قرون.

جانب من لشبونةمتداولة

خضعت المدينة للسيطرة الرومانية بداية من عام 137 قبل الميلاد، حيث أقاموا شبكة مميزة من الطرق وبنوا القلاع على التلال السبعة المحيطة بها. وفي القرن الخامس الميلادي حكمت المدينة سلسلة من القبائل الجرمانية حتى عام 714م حين سقطت في قبضة الأمويين بقيادة طارق بن زياد لتشكل مع قرطبة وغرناطة وإشبيلية حواضر العرب الزاهرة في الأندلس.

انتهى الحكم العربي بها في سنة 1147م على يد "ألفونسو الأول" ملك البرتغال الأول، وفي 1256 اعتُمدت كعاصمة للبرتغال في عهد "ألفونسو الثالث". وفي القرون التالية، كانت المدينة على موعد غير مسبوق مع المجد اقتصاديا وعسكريا، حيث تحولت إلى مركز إمبراطورية عالمية تسيطر على أبرز طرق الملاحة وتتحكم في مسارات التجارة الدولية بفضل اكتشافات الطرق البحرية التي كان البرتغاليون رواد العالم فيها.

جانب من لشبونة

جانب من لشبونةمتداولة

ولم يخل تاريخ المدينة من دراما هروب العائلة المالكة، كما حدث في أواخر 1807 حين سقطت لشبونة في يد نابليون بونابرت فهرب حكامها إلى البرازيل التي كانت تعد آنذاك أكبر مستعمرات البرتغال.

وأصبحت لشبونة مهددة بفقدان رمزيتها التاريخية، حيث نُقلت العاصمة الإمبراطورية من لشبونة إلى "ريو دي جانيرو" لكن سرعان ما شهدت تظاهرات قوية تطالب بعودة الأوضاع إلى سابق عهدها وهو ما تم في النهاية.

ويعد حي "الفاما" أقدم أحياء المدينة وشاهد العيان بأزقته الضيقة ودروبه المتشعبة على الماضي العربي للعاصمة البرتغالية. نجا بأعجوبة من الزلزال المدمر الذي ضرب لشبونة عام 1755 م وأزال من الوجود العديد من أحيائها. واللافت أنّ اسمه مشتق من اسمه العربي القديم "الحمّة" والتي تعني في "لسان العرب": "عين ماء حار، يستشفى بالغسل منه".

جانب من لشبونة

جانب من لشبونةمتداولة

ولا يقتصر الوجود العربي في المدينة على القلاع والحصون التي لا يزال بعضها باقيا حتى اليوم وإنما يمتد إلى محاولات استكشاف ما وراء "بحر الظلمات" أو "المحيط الأطلسي" بالتعبير المعاصر على نحو جعل بعض المؤرخين يجزمون أن العرب ربما يكونون قد سبقوا كريستوفر كولومبوس في الوصول إلى "العالم الجديد" ووطأت أقدامهم الأمريكتين قبله.

ويروي الجغرافي الإدريسي في هذا السياق قصة رحلة "الفتية المغرَّرين"، أي المغامرين أو المخاطرين، وقد كانوا 8 أبناء هم من مسلمي مدينة لشبونة ووقعت الأحداث في زمن الأمويين في الأندلس أو زمن "ملوك الطوائف"، وربما في عصر "المرابطين".

جانب من لشبونة

جانب من لشبونةمتداولة

يقول الإدريسي: "ثمانية رجال كلهم أبناء عم أنشأوا مركبا، ثم دخلوا البحر، فجَروا به نحو أحد عشر يوما، فوصلوا إلى بحر غليظ الموج، كدر الروائح قليل الضوء، فأيقنوا بالتلَف، فردُّوا قلاعهم في اليد الأخرى وجَروا مع البحر في ناحية الجنوب اثني عشر يوما، فخرجوا إلى جزيرة الغنم، وفيها من الغنم ما لا يأخذه عَدٌّ ولا تحصيل، وهي سارحةٌ لا راعي لها ولا ناظر إليها. فقصدُوا الجزيرة، فنزلوا بها، فأخذوا من تلك الغنم فذبحوها، فوجدوا لحومها مُرة لا يقدر أحد على أكلها، فأخذوا مِن جُلودها وساروا مع الجنوب اثني عشر يوما، إلى أن لاحت لهم جزيرة فنظروا فيها إلى عِمارة وحرْث، فقصدوا إليها ليروا ما فيها، فما كان غير بعيد حتى أُحيط بهم في زوارق هناك، فأُخذوا وحُملوا في مركبهم إلى مدينة على ضفة البحر، فأُنزلوا بها فرأوا فيها رجالا شُقرا، وهم طوال القدود، ولنسائهم جمال عجيب".

جانب من لشبونة

جانب من لشبونةمتداولة

ويكمل الإدريسي ما حدث مع المغامرين المكتشفين الذين خاضوا أهوال "بحر الظلمات" بعد أسْرهم مِن قِبَل ملك هذه الجزيرة الذي جاء بمترجم يعرف اللغة العربية. ويقول فأخبروه: "قالوا إنهم اقتحموا البحر ليروا ما به من الأخبار والعجائب، ويقفوا على نهايته، فلما عَلِم الملك ذلك ضحك وقال للتُّرجمان: أخبر القوم أن أبي أمرَ قوما من عبيده بركوب هذا البحر وأنهم جروا في عرْضِه شهرا إلى أن انقطع عنهم الضوء وانصرفوا من غير حاجة ولا فائدة تُجدى".

جانب من لشبونة

جانب من لشبونةمتداولة

Advertisements