الارشيف / عرب وعالم

بخارى.. مهد العلماء والأئمة وموطن القلاع الشامخة (فيديو إرم)

محمد الرخا - دبي - الثلاثاء 2 أبريل 2024 11:23 صباحاً - هي مهد العلماء والأئمة التي ما إنْ يُذكر اسمها حتى يتبادر إلى الأذهان مغمورًا بحالة من الحميمية والتوقير اسم "الإمام البخاري" الذي يُنسب إليها، لكنها أيضًا مدينة العلماء والفلاسفة والشعراء والمفكرين التي تضرب عميقًا في التاريخ الإسلامي وتحتفظ بآثاره العظيمة من قلاع وحصون باقية فيها حتى زمننا هذا.

تعدّ "بخارى" أحد أجمل مدن ما وراء النهر، آسيا الوسطى بالمصطلح العصري، وهي واحدة من أكبر مدن أوزبكستان الرئيسة وتتميز بجمالها البديع ولوحاتها الطبيعية الخلابة، حيث تقع على ضفاف نهر "زرفشان" وإذا صعد أحدهم إلى قمة قلعتها الشهيرة لن يرى سوى بحر واسع من المروج الخضراء.

اختلف المؤرخون في سبب تسميتها بهذا الاسم، فهناك من يؤكد أن الاسم مشتق من كلمة في اللغة السنسكريتية هي "فيهارا" التي تعني "الدير" أو "الصومعة"، في إشارة إلى دور عبادة خاصة بالبوذية كانت منتشرة قديمًا ويرى آخرون أنها مشتقة من كلمة سنسكريتية أخرى هي "خارا" بمعنى "قلعة"، نظرًا لانتشار القلاع بها منذ قديم الأزل، بينما يذهب فريق ثالث إلى أنها مشتقة من كلمة "بخار" التي تعني باللغة التترية "العلم الوافر الغزير" وحظيت المدينة بألقاب عديدة منها "المدينة الشريفة" لكثرة مساجدها ومآذنها.

ويعود تاريخ تأسيس المدينة رسميًّا إلى 500 عام قبل الميلاد حين تجمعت بضع بلدات صغيرة تابعة للإمبراطورية الفارسية داخل سور ضخم لتصبح مدينة جديدة بحسب بعض الروايات، وتصف هيئة اليونسكو المدينة بأنها "أفضل نموذج لمدن آسيا الوسطى في القرون الوسطى"، إذ ظلت طرزها المعمارية الفريدة محتفظة بحالتها الأصلية إلى حد كبير وهو ما يتجلى على سبيل المثال لا الحصر في "ضريح إسماعيل الساماني"، الذي يُعد من روائع العمارة الإسلامية قبل ألف عام، ولهذا السبب تم إدراج المدينة على قائمة التراث العالمي لليونسكو في العام 1996.

ويتفق الرواة على أنّ أول من اجتاز النهر من المسلمين ليفتح بخارى هو والي خراسان عبيد الله بن زياد عام 674م وكانت على عرش المدينة امرأة تدعى "خاتون"، أي "السيدة" بالتركية، لكن المدينة احتفظت بنوع من الحكم الذاتي ولم تخضع للحكم العربي بشكل مطلق إلا على يد القائد قتيبة بن مسلم الباهلي فيما بعد.

البخاري وابن سينا

ولد الإمام "البخاري" بالمدينة في 810م ليصبح أحد أشهر أعلامها إلى جانب الفيلسوف الطبيب "ابن سينا" المولود بها عام 980م والملقب بـ"الشيخ الرئيس" في الشرق، أمّا في الغرب فأطلقوا عليه "أرسطو العرب" و"أمير الأطباء" و"أبو الطب". كما شهدت بخارى مولد شخصية أخرى مؤثرة تاريخيًّا هي محمد بهاء الدين شاه نقشبند، الصوفي الذي عرف بزهده وورعه وكان له آلاف المريدين، وحملت الطريقة الصوفية النقشبندية اسمه فيما بعد.

ويصف "ياقوت الحموي" المدينة في ”معجم البلدان“، قائلاً: "بخارى من أعظم مدن ما وراء النهر وأجلّها، وكانت قاعدة ملك السامانية، ولا شك أنها مدينة قديمة، كثيرة البساتين، واسعة الفواكه، جَيّدتُها"، كما يقول عنها في موضع آخر "وليس بما وراء النهر وخراسان بلدة أهلها أحسن قيامًا بالعمارة على ضياعهم من أهل بخارى ولا أكثر عددًا على قدرها في المساحة، وذلك مخصوص بهذه البلدة لأن بها متنزهات الدنيا فإني لم أر ولا بلغني في الإسلام بلدا أحسن منها؛ لأنك إذا علوت قلعتها لم يقع بصرك من جميع النواحي إلّا على خضرة متصلة مكبوبة على بساط أخضر تلوح القصور فيما بينها كالمصابيح، وأراضي ضياعها منعوتة بالاستواء كالمرآة".

Advertisements